طبع مباريات النهائي بصفة عامة خانق. كثرة التمجيد في الفائز والتنجيد في المهزوم أحالها إلى المعاش الفني، وإن جدد شبابها التكتيكي. أكاليل الميلان ونشوة اليونان مقارنة بعار الليفر وخيبة أمل البرتغال جعل الفوز مطلب ومطمع بأي وسيلة وبأي تمن، حتى لو حاد عن الأخلاق والمباديء بعض الشيء، (مثل تلبيس أحد لاعبي المنافس الكارت الأحمر من اجل الفوز بكأس العالم). اللي تغلب به العب به. مباراة الأهلي والنجم في لقاء الذهاب بتقريبها النظري للأهلي من منصة التتويج تعتبر دليل أو مثال آخر على تطبيق الواقعية في كرة القدم. وإن كان التطبيق منقوص بعض الشيء، وعلى ما يبدو إن جوزيه يحاول استدراج النجم إلى فخ ما، من خلال اللعب على نتيجة سلبية في تونس.
طبع مباريات النهائي بصفة عامة خانق. كثرة التمجيد في الفائز والتنجيد في المهزوم أحالها إلى المعاش الفني، وإن جدد شبابها التكتيكي. أكاليل الميلان ونشوة اليونان مقارنة بعار الليفر وخيبة أمل البرتغال جعل الفوز مطلب ومطمع بأي وسيلة وبأي تمن، حتى لو حاد عن الأخلاق والمباديء بعض الشيء، (مثل تلبيس أحد لاعبي المنافس الكارت الأحمر من اجل الفوز بكأس العالم). اللي تغلب به العب به. مباراة الأهلي والنجم في لقاء الذهاب بتقريبها النظري للأهلي من منصة التتويج تعتبر دليل أو مثال آخر على تطبيق الواقعية في كرة القدم. وإن كان التطبيق منقوص بعض الشيء، وعلى ما يبدو إن جوزيه يحاول استدراج النجم إلى فخ ما، من خلال اللعب على نتيجة سلبية في تونس.
بعد مباراة الذهاب في 2005 خرج جوزيه يعيب بشدة على فريق النجم أداءه الدفاعي "العقيم" واستغرابه وغضبه من أداء فريق مباراة دفاعية على أرضه. لم يجد الأهلي منفذ للوصول إلى المرمى التونسي يومها لدرجة إن اللاعبين كانوا يمرروا الكرة بالعرض أكثر منها طولية، (نفس الحال في مباراة السبت في سوسة)، ولكن شتان الفارق ما بين التمرير العرضي في 2005 والعرض العرضي اللي قدمه لاعبو الأهلي 2007. مش عاوز كلامي يبان كهجوم على فريق الأهلي، بقدر ما هو تبيان لبعض فوارق ما بين فريقين، يبينها فريق واحد. يمكن نظرة على الاستفتاء على الشمال يبين بعض ما أريد قوله بخصوص مانويل ولجوءه إلى الأسلوب الواقعي!الأسلوب الدفاعي للنجم في 2005 استغله الأهلي في 2007. في الحالة الأولى لم يساعد النجم على الفوز بالكاس، وفي الثانية جرب الأهلي حظه معاه يمكن يعطي النجم درس في الفوز عن طريق الدفاع . في الأولى اشتكى الأهلي من التكتيك كونه فريق مهاجم شرس، وفي الثانية اشتكى النجم وإن لم يكن شرسا في هجومه!
مسألة واقعية جوزيه أراها مفرطة، وهي تطور مهم في فكر جوزيه مع النادي الأهلي في مرحلة أهم من تطور الاثنين معا . مفيش شك مثال الليفر والميلان حاضر وبشدة – ومن مناحي كتيرة – ولكن واقعية الميلان لم تمنعه من التسجيل، كما لم تمنع اليونان من الفوز بتاج الكؤوس الاوروبية. جوزيه خدمته ظروف الماتش جدا في بعض النقاط المهمة طوال التسعين دقيقة، ولكني أراه لم يحسن استغلالها أو ربما لم يساعده الفريق على الاستغلال الأمثل لها. بالطبع كلامي لا يعني أن النتيجة السلبية إيجابية للأهلي بعض الشيء، وجيدة جدا، ولكن طالما المباراة سمحت لك بالمزيد، لماذا لا تستجيب؟
جوزيه حاول الدفاع عن لجوءه للدفاع عن طريق التغييرات في "نهاية" الشوط الثاني. تغييرات متعب وصديق أضفت بعض الهجوم النظري على الفريق ولكن لم يتغير شيء على أرض الملعب. استمر اللعب العرضي الممل من الأهلي وكأنه في تدريب على مهارة التسليم والتسلم! في عام 2005 كانت حجة اللاعبين (والمدرب) تكتل النجم الدفاعي الشديد منعا للهزيمة، أما في 2007 يبدو إن الاجهاد وطلب (استجداء) التعادل كان السبب، لعوامل وظروف كتيرة، لم تكن موجودة في المباراة الأولى. لقطة صراخ جوزيه في لاعبيه باللعب إلى الأمام وتقاطعها مع اللعب العرضي للاعبين، كأنه يحاول تحفيز اللاعبين على قطع الخط عرضي بخط طولي. مش عارف هل جوزيه فعلا كان يريد اللعب الهجومي ولم ينفذ اللاعبون، ولا هو مل من طريقة لعب سبق وطلبها من اللاعبين، وبرضه لم ينفذ اللاعبون؟؟ تصريحات جوزيه بعد المباراة توحي بالرضا من طريقة اللعب والرضا بالنتيجة، ولكن صياحه أثناء المباراة وإشارات اليد توحي بالاعتراض وعدم الرضا. تعادل سلبي انتظارا لمباراة عودة أخطر وأصعب على الأهلي.
جوزيه في معمعة البطولة الأولى
"لن نرتاح حتى تزور كأس البطولة منزل عبد الوهاب"
.............................
..............
في النسخة الثالثة لم تحدث اصابات أو وفيات استدعت جوزيه إلى اطلاق تصريح من أجل التحفيز. كل لاعب محفز طبيعي، ومتابعة خفية على تعامل جوزيه مع الفريق وحالتي جلبرتو وبلال كفيلة جدا باظهار مدى جدية جوزيه والتعامل الحربي مع المباراة. الادارة نفسها مساندة بسفر كل المجلس للمؤازرة والمساندة. إنه التحفيز .. ليس واحد ولا اثنان .. بل ثلاثة .. من أجل الثلاثية!! الغيابات في الفريق قسرية سيان باحتراف أحد اللاعبين .. أو بغياب آخر بسبب الاصابة. يعني جوزيه مش هيطلع يقول "يجب أن نكسب البطولة من أجل شوقي .. أو من أجل جلبرتو! :-)" .. حتى وإن كان يحدث نفسه بين ثانية وأخرى عن رحيل الأول .. أو إصابة الثاني.
لكن الفريق حاليا بغير حاجة إلى اصابات أو وفيات، لأنهم يسطرون حياة جديدة لجيلهم، وربما جيلنا. كان جوزيه محتاج يشحن اللاعبين وهو يجد أحد اللاعبين خارجا على نقالة، أو خارجا من الدنيا (الله يرحمه). أما الآن فاللاعبون لديهم ما يكفي من الحماس والغيرة .. بل ويسمح بالتصدير.
في الماضي، فاز الأهلي بالبطولتين من أجل أكوتي مانساه، ثم من اجل محمد عبد الوهاب الله يرحمه، بالذات في حالة الثاني كان السبب أشد وأعلى والتحفيز بركاني. حالياً الحافز ذاتي. شيء غريب ويدعوك للتأمل، وربما لعقد مقارنة ما بين الحالتين: التحفيز الخارجي والتحفيز الداخلي.. من سيكسب؟! الأهلي .. أم الأهلي؟ حاليا لاعبو الأهلي أملهم في تسطير التاريخ وإعادة كتابته ووضع ناديهم في مصاف الأندية القارية بالفوز الثلاثي بالبطولة والذهاب الثلاثي لليابان (ربما لمحو آثار زيارة البلدي) .. وأشياء أخرى. عواطف ومشاعر وانفعالات وأفكار وحديث داخل النفس، ينتقل إلى حديث داخل الفريق، لينتقل ويتسع إلى حديث مع الجهاز. حتى لو لم يفهم جوزيه العربية، حديث الأعين يكفي لعمل حوار كامل مع اللاعبين.
الجانب النفسي مهم لفهم لاعبي الاهلي، وأهم لفهم لاعبي الفريق الساحلي. فيه سيناريوهات كثيرة تدور في خاطري عن اللقاء الثاني ما بين الفريقين والجانب الثأري (المفترض) فيما بينهما. فكما هناك حالة ليفربول والميلان، هناك حالة كرم جابر والمدرب الروسي (لأن الشرح يطول، أتركه لما بعد). الإعلام التونسي والجمهور الساحلي عليهم شحن ونفخ، وثأر ورد كرامة، وفك عقدة وحل عقد وسن سكاكين ... وسن مقصات ومقصلات! هكذا حال كرة القدم، وربما كانت تلك إحدى الميزات الجديدة للعب مباراة الذهاب خارج ملعبك بمعرفة أسلوب الشحن وتطبيقه في لقاء العودة – في حالة توافرت الظروف. الشحن الموجود والمتوقع يزيد من تباتة الفريق التونسي ولزوجته أمام الأهلي.
أسلوب لعب الأهلي في مباراة الدور قبل النهائي ومباريات دور الثمانية مال إلى الواقعية، باتجاه طلب الفوز أيا كان الثمن، وبأي وسيلة. الاسلوب لاقى رواج وهوى في نفوس جمهور الأهلي، مع غياب أي نقد موجه للفريق وأداءه أمام الاتحاد الليبي طالما الفريق فاز. الغريب هو شبه اجماع جمهور الأهلي على وجود عنصر الاجهاد البدني وتحمل لاعبي الأهلي لهذا التعب البدني المتواصل طيلة ثلاث سنوات (مع فوزه المتكرر بالبطولة والمرشح للاستمرار في النسخة الحالية بإذن الله). ولكن الجمهور لم ينظر إلى عنصر الاجهاد النفسي والضغط العصبي الآخر، والموجود في بداية المقال. الضغط هنا معناه ضرورة فوز اللاعبين بالبطولة من أجل أحد أفراد فريقه المصاب مع تمنيه الاستمرار حتى منصة التتويج، ولكن منعته الاصابة بالصليبي .. وفاز الفريق من اجله. في النسخة الثانية فاز الفريق رغم زيادة الضغط العصبي العصيب عليه من أجل أحد أفراده الغائب. لاحظ تكرار حالتي الضغط الشديد، وغياب الراحة الموازية المفترضة بعد كل بطولة. تشعر إن الاجهاد الذهني ينافس البدني في النيل من اللاعبين. كل بطولة لها ضغطها على اللاعبين .. أي لاعبين. طالما دخلت بطولة، عشت فيها من لحظة بدايتها إلى نهايتها .. فأنت تحت ضغط مستمر للفوز بها واعتلاء منصة التتويج. كل بطولة لها حساباتها وضغوطها عليك كلاعب .. ما بالك لو تجمعت حسابات ومكسب بطولتين .. من أجل الفوز ببطولة واحدة؟ لهذا مباراة السبت مختلفة .. حتى في عصبيتها وتعصبها . ساعات بأحس إن جمهور الأهلي يطلب أكثر مما هو مستطاع، ولكن لأن كل الرغبات مطاعة، فقد زادت لدى الجمهور كمية الأطماع.
الاهلي لديه من الرغبات الذاتية الكثير، والنجم كذلك. حتى وإن اختلفت رغبات ونفسيات كل، يبقى العامل النفسي مهم جدا، وربما محدد لذهاب البطولة. قوة دفع الأهلي وجوزيه الذاتية في الفوز مهمة وموجودة ومؤشر قد ينفع الأهلي جدا في مباراته مع الساحلي، ولو صحت أخبار إصابة لاعبي النجم، ممكن نحط الشد العصبي كمؤثر قوي على اصابات الفريق "بالشد" العضلي. صعوبة النجم في اعتماده أسلوب اللعب من أجل المكسب الشرعي وغير الشرعي شأن الكرة التونسية، مثل حالات ضياع الوقت، والتمثيل من أجل الطرد أو في ضربات الجزاء، وأضيف إليها هذا العام دخول كرتين في أرض الملعب (!!). أسلوب لعب ونحن نعلمه جيدا، ومباريات ميتة في كثير من النواحي وفي كثير من ارجاء الملعب ((أذكر واحد صاحبي مرة مسك stopwatch لمعرفة عدد دقائق اللعب في مباراة تونسية صرفة، فوجد المباراة تستمر في اللعب حوالي 20 دقيقة فقط من أصل التسعين!!)). هذا أسلوبهم وربما تستمر المباراة واللعب لأكثر من العشرين في حالة تسجيل الأهلي لهدف متوقع بإذن الله. وإن كان الفريق الساحلي يلعب بأسلوب لزج مميز في التقفيل وغلق المساحات والاستفزاز والتلاعب بالحكم والأعصاب والوقت وجر المباراة لناحية نفسية مملة. شيء ممل بصراحة، ولكن ما باليد حيلة، وربما يكرر الأهلي مع النجم نفس الدرس الاسباني مع المنتخب التونسي.
by The JavaScript Source
كان لابد من كتابة التحليل أو المديح بعد لقاء الذهاب، ولكن لبُعد القاريء عنها ولبعدها الجغرافي عنه، تم التأجيل إلى أن يطويها النسيان من ذاكرتي أو يقضي الله أمرا. ولكن حدث وأن أعاد لقاء العودة ذاكرتي إلى النشاط. مع تطور اللعب التكتيكي واتجاهه إلى ضيق المساحات وبعده عن المهارة، صعب تجد لقاء ممتع يشدك على مدار الساعتين دون أن يجهد صوتك. فأنت مستمتع ببصرك .. حتى في صراخك مستمتع، فهو ذاك الصراخ الممتع. إنها الـ آه التي ينتزعها اللاعب منك كالجراح دون ألم، متفوقا على أفضل آلات الليزر بالقاضية.
لا تقوى على غلق عينيك ولا حتى أن ترمش، تاركا لها حرية الاستمتاع قدر الاستطاعة من ذاك الصراع في الحلبة. لا تقدر على غلق فمك من توالي الهجمات المتلاحقة على دفاعات الخصوم من الأجنحة والعمق، تدفعها صيحات الجمهور. يريد صوتك مشاركتهم في صيحاتهم .. في صهيلهم .. يشارك المهاجم معاتبته لنفسه على ضياع الفرصة، أو المدافع معاتبا زملائه على دخول أحد الاهداف الأربعة في مرماه، أو مشاركا المدرب صيحاته للمقاتلين بالتمركز في مواقعهم، أو يشارك زميلك على الأريكة المتابع معك في صيحاته كي تشكلا ثنائيا غنائيا .. أو ربما أراد صوتك الوصول إلى كل هؤلاء مجتمعين ..
حواسك مستمتعة بتلك الدقائق الثمينة .. ولا داعي للاستجابة لجسدك المتعب المطالب بالنوم بعد عناء العمل.. فالمباراة مستعرة .. والحرب دائرة .. ولا سبيل إلى الراحة الآن .. لا داعي للاستماع إلى الجسد المتوسل .... فهناك ما خلف شاشة التلفاز يستحق الانصات إليه .
كانت مباراة من نوع الحروب، ولكن بلا أسلحة . . حتى ولا البيضاء. إنها أسلحة فكرية واللاعبون يتبارون ويتبارزون بلعب نظيف على ملعب أنظف. فالملعب ساحة القتال وكرة القدم لها أساليبها ومعاركها على أرض الملعب ما بين المتبارزين داخل الخطوط الأربعة، أو خارجها ما بين المدربين وكلاهما ينظر إلى محاربيه دون أن ينظر إلى الآخر .. وإن حدثت اختلاسات كل منهما للآخر محاولا ادراك طريقة الهجوم.
كان الملعب ساحة نارية.. كوليزيوم .. صياح جماهيري هيستيري .. طوال المئة والعشرين دقيقة .. صياح وحماس وتحميس للاعبين المبارزين .. لا تمل من سماعهم .. ولا يملوا من متابعتك .. إنه ذاك الصياح الذي يحول قدم اللاعبين إلى جذري شجرة عتيدة في القَِدم .. تقوى على اللعب والقتال حتى آخر فيمتو ثانية من اللقاء .. لا الرعب والخوف في نفوس اللاعب. إنه كورَس بديع .. من جمهورين كل يحاول تحميس فريقه، زوج من العازفين اجتمعا على مسرح روماني يمتعانك بالصيحات والاهازيج والأعلام، وعلى قدر التنافر فيما بين الاثنين في اللغات والحماس والصياح، على قدر التناغم الناتج في أذنك. لوحة أكملها الجمهوران .. فأبدعوا باختلافهم .. ابداع بلا مفسدة ولا خروج عن النص (كما حدث في لقاء القمة الماضي ونتج عنه منع جمهوري أكبر راسين في مصر من الحضور الجماهيري، حتى في وصولهم إلى قمة اللوحات ابداعا)ه
إنها مبارزة ما بين اللاعبين . . ما بين المدربين .. ما بين الجمهورين ... كل يحاول اخراج أفضل ما لديه .. وأنا طرف حيادي .. ولكني شعرت أن كل منهما يحاول أن يشتري لي الناقة والجمل في المباراة. إنه صراع من أجل التأهل والفوز والقنص والجاه والسلطان .. وربما صراع من أجلي. كل فريق يحاول جذبك إلى صفه .. إلى جانبه .. "شجعني أنا" .."لا!شجعني أنا" .. حتى الكرة بدورانها وتقلبها تتنقل ما بين الاقدام فتارة تحابي هذا .. وأخرى تحابي هذا بالراحة داخل الشباك. من كثرة استمتاعها لا تخرج خارج الخطوط إلا لتعاد إليها مرة أخرى (من أقل المباريات التي رأيت فيها رميات تماس في حياتي). تأرجح كرة من فريق إلى آخر ولكن لكون المباراة حاسمة، كان لابد من خروج أحدهما، وبقاء الآخر.
هدف التعادل لأوراوا حين يدفع الجمهور اللاعب للهدف
وحين يدفع اللاعب الجمهور للفرحة
نكمل هنا ما لا يود القاريء سماعه عن تحليل لقاء البلدي والياباني. طبعا عقلك مشغول بلقاء السبت، بس أدينا بنتسلى وخد من المقال فكرة ... واتفرج بعد بكرة. اللي فاكره من الجزء الأول ملاحظتي عن تطور بعض اللاعبين في المنتخب، وإن لم يتطور المدرب! وده جانب مهم أود الحديث عنه اختصارا
المحمدي وعاهد عبد المجيد خامات ممتازة جدا تصلح للتشكيل عليها .. ولا أظن إنبي والترسانة بظروفهما الحالية مؤهلان للتأهيل للعب في المنتخب. دورة اللاعبين تعطيني بعض الضوء في رؤية أحدهما أو كلاهما في نادي مقدمة، حتى وإن قالت إدارة الناديين أُفْ. ساعات بأحس إن المنتخب البلدي يصلح لدور المؤهل وجذب الانظار للاعبين من خارج الأهلي والزمالك، مع تسلط العين عليه للمتابعة "الجبرية"، وفيه أمثلة كتيرة أعفي القاريء منها (يمكن كتير لا يذكروا ظهور أبو تريكة في المنتخب الأول مع الترسانة من فترة طويلة). المشكلة في حالة المحمدي بالذات هو وجوده في الجبهة اليمنى والاصرار على اشراكه هناك، برغم من إنه دون أن يدري أوحى للمدرب بمكانه الطبيعي بوجوده داخل الـ18! على العموم الثنائي لاعبين جيدين جدا، ووجودهم مع مدربين لا يجيدان صناعة نجم يصلح للعب الدولي، وفي ناديين لا يلعبان إلا داخل مصر، لا يمكن توقع أكثر من الأداء الحالي. (بالنسبة لي محتمل الظروف تخدم خروج عاهد بشكل أفضل من المحمدي، طالما اقترن اسم أبو تريكة بنموذج أي لاعب خارج من الترسانة!). اللي مخليني واثق بنسبة كبيرة من خروج أي من اللاعبين (أو كلاهما) إني عارف بالضبط نظرة البعض للبلدي ومتابعة أي من اللاعبين داخله، بل ونظرة المدرب (أي مدرب) للبلدي .. ومفيش داعي نخبط ونلخبط!
غياب التأهيل الدولي عن اللاعبين يجرني لنقطة مهمة في اختيارات المعلم للمنتخب البلدي. معيار المشاركة كشرط أساسي مش لازم يكون بالضرورة المعيار الوحيد، حتى وإن كان مهم. قماشة المحليين مشاركة وفعالة أينعم، ولكن حساسية الكرة مش كل شيء في الكرة. مباراة اليابان أثبتت إنه ليس باللياقة والحساسية فقط تلعب كرة وتكسب مباراة. تحركات خط الوسط كانت عشوائية مع ضغط عنيف (غلاوي) على اليابانيين لعدم القدرة على مجاراتهم في نقل الكرة، أو حتى فهم تحركاتهم وأفكارهم وكرتهم. التحركات الهجومية المثمرة والدفاعية المحكمة كانت غائبة عن المنتخب، مع وجود حساسية ولياقة المباريات لدى أغلب لاعبيه .. أو حتى كلهم.
بعض الناس تتكلم عن الغيابات التقليدية للمنتخب البلدي (في لاعبي الأهلي والمحترفين والذي منه)، ولكن لم يتحدث أحد عن غيابات اخرى أعمق، ولا تكاد تلحظها العين المجردة في داخل كل لاعب تقريبا من المنتخب (سيان وقع عليه الاختيار، أو وقع عليه العوض). حادت الخيارات لدى المنتخب عن المحترفين خارج انديتهم (مثل حسام غالي وأمير عزمي مجاهد .. ويمكن معاهم أحمد أبو مسلم) لعدم اكتمال اللياقة أو المشاركة مع النادي .. في حين اختارت لاعبي الأندية لأنهم أساسيون. في حالة المحترفين نلاقيهم مالكين للخبرة الدولية والتحركات المثمرة في الملعب والقدرة على اللعب، ولكن تنقصهم الحساسية أو حتى اللياقة داخل الملعب، وفي حالة المحليين المختارين تجد غياب الخبرة الدولية والتحركات المثمرة في الملعب، ولكن معاهم حساسية مفرطة ولياقة داخل الملعب. كل لاعب ناقصه حتة. فيه حالة غياب داخل كل لاعب، وانت قدام نارين وكل ما تقرب تتلسع، ولو ما قربتش هيتقال ده فلسع! في رأيي أثبتت مباراة اليابان الحاجة إلى اعادة بعض المفاهيم وبعض الخيارات .. وكلامي (اللي كنت ناوي أكتبه) لقيته مطبق في اختيارات الجهاز للبطولة العربية بوجود حسام غالي وآخرين (غير مشاركين) مع المنتخب. دي تعتبر نقطة جيدة جدا، وأعتقد إنها من ضمن واجبات المنتخب باتجاه اللاعبين. ازاي؟
جانب اختيار اللاعبين غير المشاركين مع الأندية الأوروبية أو اللي عاملين مشاكل ومش لاقيين نادي يلمهم شيء يعتبر في صالح المنتخب على المدى الطويل وفي صالح المدرب. من ضمن النقاط الجيدة لدى محمود الجوهري (وجزئيا جيرار جيلي) هي محاولة بناء كيمياء شخصية مع اللاعب .. لأنها هتفيده على المدى الطويل (لاحظ بناء جوزيه لنفس الكيمياء مع متعب وأبو تريكة، فيما لم يلتقطها شوقي) من خلال التعاون مع اللاعب في أمور كثيرة تفيد اللاعب ومن ثم المنتخب، وإن كان المدرب في بعض الأحيان يتضرر. المثال اللي يحضرني في تعامل الجوهري مع اللاعب بشكل يفيده كان نموذج سمير كمونة أثناء مشكلته مع كايزرسلاوترن، وكان الجوهري يحاول معاونة كمونة على إيجاد نادي أفضل، ولكن الوقت لم يسعفه ولم يسعف المنتخب كمونة وانتهت القصة، وإن لم يمنع هذا إن القصة والاسلوب جيدين في رأيي. برأيي كان يمكن للمنتخب الاستفادة من اللاعبين من النوعيي دي، حتى مع نقد ورزع وردم من النقاد الرياضيين، أو من الجماهير، ولكن التحليلات السلبية موجودة سيان، وحسام غالي قال إنه كان يتمنى انضمامه للمنتخب، ولما سئل إنه خارج تشكيل السبيرز وفي مصر، قال إنها مش قاعدة، لأنه فيه لاعبين لديهم مشاكل مع ناديهم، ومشاركين في المنتخب. على العموم أهو الجهاز الفني اشترى سكوت غالي بضمه في الدورة العربية :-). طالما الوطني احتمالات ضمه لغالي وغيره من المحترفين قائمة جدا في غانا، إيه المانع عدم الاستفادة منهم حاليا في مباريات ودية؟؟ نفس الامر ينطبق على ابراهيم سعيد، خصوصا مع حاجة المنتخب للاعب مدافع سريع في مثل هذه الحالات.
من الغباء الذهاب إلى الخارج، قبل تحديد المفاهيم أولا في الداخل .... وقبل تخطي الحدود، لابد لك أن تعرف حدودك! ولأنك خارج بلا أساس، صعب ترجع تلاقي الأرض ممهدة لاستقبالك!! بس لازم ترجع
مع قدم زمن المباريات الودية والاستعدادات لكل بطولة (أو حتى تصفيات بطولة)، لم نستطع للآن فهم معناها أو مغزاها. مش عاوز أتكلم على الموضوع من ناحية المفهوم وأخوض في تعريف لماتش ودي .. ولو بشكل ودي، لأن الظروف مش ودية! من ضمن غرائب التعامل مع المباريات الودية في مصر هو معاملتها مثل المباريات الرسمية، والأمر هنا سيان منتخبات وأندية ((أمثلة تعامل جمهور الأهلي مع مباراة الريال وتذكرها حتى اليوم، أو التفكير في مباراة البرسا "كـــــ ــــقاتل آثم لفرحة المئوية"، أو تذكرنا لمباريات ودية مع فرق أوروبية في القرن الماضي))ه
يعني احنا قدام فكر معين في مصر والجماهير المصرية من حيث التعامل الودي مع الودي وهو ظاهر على نطاق صغير وهو الأندية والأكبر وهو المنتخب(نقدر هنا نحط مثال للتعامل مع محسن صالح ومباراة فرنسا ثم اقالته، وهييجي ذكره بعد شوية)ه
الأمر الأغرب في المباريات الودية المصرية هي إنها تشدك معاها لمتابعتها قبل أن تبدأ .. وبعد أن تنتهي، ولكثرة استغراقك في الحالتين .. تنسى المباراة نفسها في النُص!! مشاكل قبل المباراة وسكاكين جاهزة بعدها (مع وجود تربص من الاتحاد الكروي).. ومشاكل في استدعاء لاعبين (مرشحة للظهور فيما قبل أمم أفريقيا) .. ومشاكل مع الأندية في استدعاء لاعبيها وحالات تخبط في المباريات الودية. مشاكل لمنتخب بلدي بيخطط بالبلدي، ومشاكل معتادين عليها مع كل ماتش (ودي أو رسمي). حتى الكلام فيما بعد كل مباراة (وبخاصة بعد الخسارة – المتكررة) "احنا ليه روحنا ...؟" "إيه لازمة الماتش..؟" والاتهامات ضد الاتحاد والمدرب واللاعبين .. واحيانا النقاد. هكذا الحال عقب كل هزيمة. (ده فكر جماهيري بالمناسبة من حيث الفرح العاتي في حالة الفوز، والسخط القاتل في الحالتين الأخريين، ومع وجود نفس الحالات لدى النقاد، ممكن نجد رابط مهم بين النقاد والجماهير، وإن كان بشكل سلبي، وفي غير مصلحة النقاد!)ه
شهيتك التحليلية في المباراة تتحرك تبعا لفوز أو هزيمة فريقك، وده جانب مهم يهمني إن القاريء يعرفه ويطبقه على المباراة ويلاحظه في قادم المباريات. لا وجود لتحليل مباراة البلدي مع الياباني، ويجوز ده نابع من الهزيمة القاسية، حتى وإن كانت المباراة "ودية" لا تعرف مكانا للقسوة. لم لا نحلل فريقنا حتى وهو مهزوم؟ لم لا نحلل احتياطي الفريق؟ يجوز هو امعان في القسوة أو في الاذلال للمنتخب البلدي بعدم تحليل طريقة لعبه. ولكن أنا شايف إن المنتخب لعب مباراة جيدة نوعا وأفضل من لعبة بوتسوانا. فيه تطور مهم في المنتخب وإن لم يلحظ لأنه قوبل بتطور أقوى وأعنف من منتخب سبقنا فيه. اللي شدني في المنتخب الياباني هو تلك الكرة السريعة القوية والدقيقة واللي تحسها مع كل نقلة. فريق يلعب كرة جيدة جدا، أمام فريق يلعب كرة متوسطة، الطبيعي إنه يكسب. في أثناء كتابة التحليل فكرت في بعض المنتخبات التي لاحظت عليها نفس الاسلوب الكروي، فلقيت المنتخب الأمريكي .. وربما الهولندي (من حيث وجود التمريرات الجيدة المتقنة والسريعة). هو أسلوب كروي جيد جدا ومحتاج لياقة عالية بدنية وذهنية، وأمام فرق متوسطة (زي البلدي) تاكل على قفاها عيش وجاتوه.
المنتخب في رحلته اليابانية كان شايل معاه لاعبي فريق يعرفون هذا الاسلوب جيدا، ويطبقوه في الدوري المصري. سيان كان اليابانيين متابعين لليج المصري، فهم واجهوا لاعبو الاسماعيلي بنفس تمريراتهم القصيرة، وإن كانت أقصر، وبنفس السرعة، إن لم يكن أسرع، مع نفس الدقة، أو بالأحرى أدق. شوف لما تستخدم سلاح على الأضعف منك، جالك اليوم اللي تذوق فيه نفس المرارة، وبنفس السلاح. لو أخدنا قطاع مهم من المنتخب وهم لاعبي الاسماعيلي، تجدهم قليلو الحيلة لحداثة عهدهم الدولي، مع عدم وعيهم الدفاعي بفريق يهاجمهم بنفس تكتيك هجومهم. ولكن على ما يبدو إن الاسماعيلي يدرك كيف يخطط للهجوم، ولا يعرف كيف يدافع لو هوجم بنفس التخطيط؟!! المباراة في الجانب ده بالذات تعد رائعة وجديرة بالمشاهدة وشاهد عيان على أسلوب ممتع في المبارزة أو تكتيكات الحرب، باستخدام المهاجم نفس أسلوب الخصم في الهجوم، بل والتفوق عليه.
في حالات الهزيمة القاسية للمنتخب المصري، تجده ينتفض على استحياء بعد دخول هدف فيه، والحياء يكبر كلما زادت الغلة في المنتخب. تحسن أداء المنتخب جدا بعد دخول الهدف الثالث، وكان الانتشار أفضل أتاح للياباني أن يرينا تكتيكه الدفاعي، وأظهر لنا وجود ثغرات كبيرة فيه (تابع فرص المنتخب ولاحظ تمركز الدفاع الياباني جيدا). المناخ المسموم الذي تحيا فيه كرة القدم المصرية قد لا يتيح الاستمرار لمجموعة المنتخب في اليابان، وفيها مجموعة عناصر مبشرة جدا، ولكن بحاجة إلى صقل خارجي وفريق أعلى داخلي (وبخاصة المحمدي وعاهد عبد المجيد). عناصر لم تساعدها مجموعة المنتخب في الانصهار أو الظهور بشكل صحي يساعد على الاستمرار، كما لم يمد لها المدرب يد العون مع الأسف. الضغط على اللاعبين كان من نواحي كتيرة: ظهور دولي مبكر، محاولة التسجيل وترك الانطباع، الضغط الجماهيري والسكاكين والمطاوي، سمعة مصر، إلخ .. + الضغط الياباني القوي على أطراف الفريق في مناحي كثيرة من الملعب! ضغط عالي على اللاعبين، يوازيه ضغط آخر على المدرب. كان الطبيعي أن يسفر الضغط عن الانفجار، وتوابع.
ه((كان تحرك المصور ما بين المدرب الياباني المظفر والمعلم المصنفر يوحي لك بالعامل النفسي لكل منهما. في حين كان الياباني منتصب الهامة، كانت قسمات وجه المعلم متوترة والكراميش تحيط بوجهه من كل جانب على وشك الانقضاض على ما تبقى لديه من ملامح. من الجمل الشائعة التي توقفت عندها الاقلام ذاك الدعاء: "استر يا رب". مش عارف هل الدعاء بالستر من الهجمة أم من الخصم أم من الهزيمة .. ولا من النقاد ولا من الجماهير؟ جايز منهم كلهم")) ه
وجود حالة الضيق بعد المباراة بالنسبة لي كان في تعامل المنتخب الياباني مع المصري. الثقة والهدوء النفسي توحي بإنهم عرفوا مستوى الخصم ، فبيلعبوا على مقاسه. امكانية مضاعفة النتيجة من الجانب الياباني دليل ومؤشر مهم على مستوى المنتخب البلدي، حتى مع قلة الجانب المهاري لدى اليابانيين .(نقطة غياب المهارة تحديدا واتجاه كرة القدم إلى السرعة مؤشر آخر على تطور كرة القدم على مستوى العالم، ولهذا حديث آخر). تناقل الكرة بشكل سريع ودقيق يوحي بقلة تأهيل وتدريب اللاعبين الموجودين والقماشة الموجودة لدى الأسطى للتعامل معها. ومع كون القماشة "خام" تركت أمام عملاق صناعي يتعامل معها بمعرفته، بعيدا عن فطرية الاسطوات! ه
ه** حالة الهجوم على حسن شحاتة والاتهامات الموجهة له طبيعية .. وإن لم تكن ضرورية. شعور حسن شحاتة بالاضطهاد والظلم وسوء المعاملة من الاتحاد الكروي( ممثلا في بعض الشخصيات الهامة وفي برامج يديرونها) ومن الاندية (بمحاولة ونجاح الاهلي في عدم تسفير لاعبيه إلى اليابان) وبعدم سفر المحترفين (وبعضهم خارج أنديتهم الأوروبية أصلا) ومن جانب النقاد بالتربص في حالة أي هزيمة تعيد إلى ذهني الظروف ما قبل فرنسا.. وإن لم يتعرض محسن صالح لنفس ما تعرض له شحاتة قبل المباراة (لأنها كانت مطلب إعلامي) وإن تعرض لما هو أقسى بعدها. في الحالتين الماتشين وديين، ولكن لا وجود لتجارب ولا صبر على انتهاء التجربة .. ومش عارف مستعجلين على ايه؟! صالح صرح بعد خروجه من المنتخب المصري في مؤتمر صحفي عن أسباب استقالته وقال جملة خالدة: "أنصح كل مدير فني لمنتخب مصر أن يجهز كفنه على يده". ممكن نطبق الجملة على لومير في تونس أو ماكلارين في انجلترا .. وجايز تنطبق قريبا على أوسيم في اليابان.
مباراة الأهلي والاتحاد الليبي على قدر ما أعلنت تأهل الأول إلى النهائي، إلا أنها فرضت أسلوب لعب جديد لجوزيه يلعب به من فترة، وتوجه يحاول جوزيه فرضه على الخصم، وإن كان يتحول في بعض الاحيان عكسيا ليفرض على فريق الأهلي ذاته. المباراة تحمل أكثر مما هو مجرد انتصار فائز متعثر وهزيمة ضعيف مرفوع الرأس. بقاء الإثارة وغياب المتعة حتى الدقائق الأخيرة، ووجود فريقين يلعبان مدافعين في دور متقدم مثل الدور قبل النهائي يعطي فرصة لتوقع واستشراف أداء الأهلي في النهائي ومباراة تعتبر مهمة في تطور فكر جوزيه الخططي والتكتيكي مع النادي الأهلي.
كنت من فترة قلت على جوزيه إنه مدرب برتغالي بنكهة مصرية، ولكن لم أتخيل انها توصل إلى حد "اللي تغلب به، العب به". جوزيه لديه خبرة قوية من مقابلات الفرق المصرية (أهلي أو أندية "تانية" ومنتخبات) مع الفرق العربية. مباريات مخنوقة، عصبية، متردية، متدنية، ومع الخنق والتعصب والتردي والتدني، يموت اللعب اكلينيكيا، ويصبح تسجيل الهدف مربح في بعض الأحوال أو معظمها (تابع نسبة اللقاءات ما بين مصر والشمال الافريقي وشوف نسبة كام ماتش انتهى بأكثر من هدف يتيم). مع تكتيك جوزيه المتعِب أساسا (لفريقه ولمنافسه) يصبح تسجيل هدف في النادي الأهلي صعبا، إلا أنه في مباراة الاتحاد كان تسجيل هدف في المنافس هو الأصعب. وربما كان هذا أحد دواعي تغيير التكتيك وأسلوب اللعب.
في البداية الأهلي لعب هجوميا جيد جدا، بوجود متعب (وحالة اللاعب ده بالذات هأتكلم عليها بعد شوية) وتوزيع بركات وفلافيو وابو تريكة تحته. ولكن لم يستطع الرباعي التسجيل بأكثر من هدف، وكان الدفاع الليبي الكثيف وإن كان غير محكم مع وجود ثغرات لم تستغل. وجود منصة جلبرتو في الشمال كان نقطة تحول مهمة لصالح الأهلي، مرشحة للتطوير في مباراة النهائي، إن لم ينتبه لها الفريق الساحلي، أو يضيف لها جوزيه عنصر المفاجئة!! مش بس جلبرتو المتطور، ولكن أنيس وعاشور اتطوروا مع بعض، وكانت تقدماتهم الثنائي متناوبة وإن لم تكن فرص التسجيل كثيرة، ولكن الدور الهجومي موجود.
جوزيه حاول بشتى الطرق تسجيل أكثر من هدف، وكانت فرص الشوط الأول وبدايات الثاني دليل على الضغط (من الأهلي وجوزيه) من أجل الثاني في الصحراء الليبية، ولكن انتهى البحث في واحة سراب. الأهلي سجل هدف يتيم، وحاول يجيب له توأم، ولكن الولادة كانت متعثرة ولم تتم. كان تقدم السيد وشادي دليل على محاولة الدفاع مد يد العون للهجوم – سيء الحظ – وكان تقدم أنيس محاولا استغلال غياب الرقابة عليه. ولكن فشل الثلاثي، كما فشل من قبلهم الهجوم. التحول الغريب من وجهة نظري في تكتيك جوزيه كان اتجاهه إلى الواقعية. أقسى ما تخاف عليه من الأهلي أو الفرق المصرية في مباراة مع فريق عربي هو غياب التوفيق (أو يمكن تخاف عليه في أي مباراة عموما). ولكن ده قبل نهائي والدلع ممنوع، لأن الزعل مش مرفوع. كان تحول جوزيه بالقناعة بالهدف والحفاظ عليه وأهو رضا وأحسن من مفيش، والركون إلى الدفاع بعض الوقت، مع الابقاء على نفس الخطوط الهجومية، ويمكن ربنا يكرم. لجوء المدرب إلى التأمين الدفاعي بوائل جمعة ثم التغيير في نهاية الشوط لاستهلاك الوقت مظاهر للرضا ومحاولة الخروج فائز بالهدف، وفي النهائي يبقى يحلها الحلال. ولكن كان غريب وجود التفكير بالصورة دي في "المغامر" مانويل جوزيه، وتحوله إلى الواقعية.
ه((نفس التكتيك تقريبا حاول جوزيه اللعب به في مباراة أم درمان، خصوصا عقب تاخر الأهلي بهدفين. بدلا من محاولة التعويض أو حتى تسجيل هدف، حاول التأمين الدفاعي لعدم دخول الثالث، على غير العادة، لأنه دخوله كان يعني تفوق الهلال في مجموع المباراتين وتحول الكراسي ولعبة القمة في المجموعة. تكتيك واقعي، وأنا شايف فريقي واقع وغير قادر على التحرك أو التسجيل أو حتى التهديد، بالتالي أحاول الخروج بأقل الخسائر، حتى وأنا خاسر – ولكن الواقعية قد تكون آثارها كارثية في بعض الاحيان. في مباراة أم درمان الهدف سكن مرمى الأهلي، ولكن في مباراة الاتحاد لم يدخل. ممكن ظروف معينة تنجح خططك وفكرك، وجايز لأ [مثال لعبك على أرضك أو خارجها] ولكن هل هيلقط المدرب الفرنسي طريقة عمل البرتغالي؟ أشك!))ه
تحليلات المباراة تجاهلت بعض الشيء تعامل جوزيه فيما قبلها. جوزيه حاول جدا استفزاز متعب للعب والتسجيل في مباريات سابقة بالركن كاحتياطي (عدو اللاعب المصري رقم واحد). كنت على وشك توقع إن جوزيه هينزل بمتعب أكيد في مباراة النجم الساحلي، ولكن جوزيه سبق. واضح جدا تركيز جوزيه على النهائي بأي شكل، ومحاولة الوصول إليه واستعداداته في دور الـ8 وقبل النهائي، وحالة عماد متعب بالذات دليل على ده (نفس التكتيك تقريبا كان مع حسن مصطفى العام الماضي، ولكن حسن لم يساعد جوزيه). استفزاز جوزيه نتج عنه مشاكسة من متعب دفعت الأهلي إلى النهائي بهدف سجله (حتى لو كان من المدافع الليبي). لقطات الكاميرات لعماد متعب على دكة الاحتياطي في المباريات السابقة كانت تعطي المشاهد لمحات عن أثر استفزاز جوزيه (من قرقضة أظافر، وجز ع السنان، ومتابعة 22 لاعب وأنا برة، وكاميرا واقفة مستنية لي الساقطة واللاقطة، إلخ). جوزيه يتابع المباراة، وبطرف عينه يلمح متعب خارجها. جوزيه عينه على الهجوم يسجل أو يضغط على دفاع المنافس (حتى لو لم يسجل) ومتعب في الخارج ينتظر النزول، ولا ينزل. تعامل ذكي، وفيه أنواع من الدهاء والمكر. ولأن مباريات العرب صارت كالحروب، كانت الخدعة وأسفرت عن مصرع الاتحاد في القاهرة. (بخصوص متعب فيه مشهد لفت نظري إليه واحد زميلي، لما شاف متعب ع الخط يطلب مياه، رمى له عامل الملابس الزجاجة على الخط، جوزيه قام بسرعة وراح ع الخط، واداها له!!). اسلوب لا يحتاج إلى تعليق مني (وربما يطلبه من القاريء) في تعامل منتج النكهة المصرية، مع المصراوي. الاستثارة من جوزيه لمتعب نتج عنها هدف وضغط على دفاع الخصم، ومرشحة للتطور في مباراتي النهائي.
القلق طبيعي بمقاييس توقع وترقب مباراة الساحل، خصوصا مع تدخل القائمين على المنتخب المصري القدري، أو البشري. النجم الساحلي سيقابل الأهلي معبي من المنقي (انتقام على حقد على حسد على تار بايت (أو صاحي) على أصوات انتقام). مبارزة ثنائية والجيش التونسي (صحافة واعلام وجمهور وألتراس) تحمس وتنفخ وتولع في اللاعبين، فيما يقف المبارز على الجانب الآخر وهو عارف الأشكال دي كويس! المثير في حالة النجم هو الثأرية التي ظهرت في مباراة السوبر الافريقي ومرشحة للعودة في لقاء الذهاب والعودة، وعن شحن الشمال الافريقي لا تسل، ولكن شاهد! "أداء" الأهلي أمام الاتحاد ربما لا يعطيك الثقة، ولا يمنحك البطيخة الصيفي، وإن أدخلتها بطنك، تشعر بعسر الهضم. ولكن النجم عانى من نفس ما عانى منه الأهلي وهو امكانية تسجيل هدف في مرماه، يطيح به خارج النهائي. أداء الأهلي نفسه كان جيدا، مع صعوبة شديدة في التسجيل في شباك الحضري. واقعية جوزيه مؤشر مهم على أسلوب لعبه في المباراة وطريقة فكر، أكثر منها طريقة أداء في الملعب. مباريات الأهلى المخنوقة مرشحة لأن تكون أكثر خَنقة (خنقة فعلا) واحتمال خناقة في تونس، مع فريقين يجيدان الوصول إلى المرمى، ولكن ستمنعهم المتاريس – الدفاعية وغير الدفاعية. ولكن لهذا حديث آخر.
نقطة لابد من ذكرها!
قبل وبعد لقاء الأهلي الأخير وجدت عاملين سلبيين. الأول كان العفو عن أمير، بعد الايقاف أسبوعين والغرامة، ثم الاكتفاء بالثانية. سيان أمير مخطيء أم لا، العقوبة كانت واجبة النفاذ، حتى ولو كان الفريق يحتاجه. ولكن العفو في اليوم التالي مثال على توجه اداري آخر في النادي بصفه عامة. الثاني كان التلميح في الصحافة المصرية بمضاعفة مكافآت الفوز. بعد المباراة بيوم واحد كان التصريح بغياب المضاعفة والمكافآت زي ما هي! واضح إن جوزيه مش لوحده الواقعي، والادارة تشحذ كل الاساليب "التقليدية وغير التقليدية" من أجل الوصول إلى النهائي – حتى لو كان بطرق مثل هذه. أخشى – بعد الوصول إلى النهائي – أن تكون النتيجة والنتائج عكسية، في وجود الواقعية.
كتير نتكلم عن الاستقرار الإداري وأثره على ناديي الزمالك والاسماعيلي، ولكن لم يتوقع أحد أن تصبح نتائج القلاقل كارثية على الفريقين. سقوط الناديين أمام الطلائع وبتروجيت (أول وتاني المسابقة نظرياً) يوحي بالفوارق الإدارية الرهيبة بين التوأمين الفائزين والثنائي المهزوم. [من فترة طويلة، كان كلام حلمي طولان عن إدارة حرس الحدود يوحي بوجود إدارة عسكرية حازمة من قبل أندية الجيش بصفة عامة، وربما استمرار نادي الطلائع (ومعه الحدود) في الدوري في حد ذاته مؤشر على تلك الحالة، مع وجود الدعم المادي والمعنوي والكوادر البشرية في الجيش المصري، والرياضة لها من الحب جانب]. من متابعتي لبعض المشاكل الادارية أو الفنية في فرق الجيش أو فرق البترول بصفة عامة، أجد إدارة النادي مساندة جدا للمدير الفني فيما يتعلق بالانضباط خارج الملعب أو داخله (بعض تصريحات اللاعبين من داخل أندية الجيش تحمل بعض القسوة في التدريبات والتعامل الاداري الحازم، ومثال على ذلك مشكلة حلمي طولان مع هشام حنفي في الحرس، ولاحظ مكان اللاعب الآن، أو فيما يخص بتروجيت ومشكلة اللاعب أسامة محمد). انضباط إداري فيه شيء من الحزم يعطيك لمحة عن طبيعة الفريق نفسه وأتت بثمارها - ولو مؤقتا – على موقع الناديين حاليا في الدوري. الطبيعي بوجود استقرار إداري وفني مع كفاءة فنية وموارد مالية تسمح باستقطاب لاعبين (أحيانا من رديف الأهلي والزمالك) يجعل معه الفوز وارد، وإن كان استمراره غير وارد لغياب الطموح وأشياء أخرى. الغريب في ناديي الطلائع والبتروجيت استفادتهم من لاعبين سابقين في القطبين: علاء ابراهيم وعامر صبري، والأول هداف والثاني ساعد في انزال الهزيمة بالزمالك والاستمرار على قمة المسابقة ولو مؤقتاً. (تلك قاعدة عامة واستثناءها العكسي هو موقع حرس الحدود وإنبي حاليا في قمة المسابقة من تحت وربما كانت تلك الأندية تعاني من غياب استقرار فني (أين طولان؟ العشري يفكر في الاستقالة .. ببساطة "فتش عن الاستقرار"). ء
الحديث عن الاستقرار الإداري والفني يعتبر مدخل جيد للحديث عن ناديي الزمالك والاسماعيلي وسبب فقدان النقاط. الزمالك فيه بعض من التفكك وكان فيه مظاهر (غير ركلة الجزاء ونظام "اللي يلحق يشوط")، ولكن حوارات هنري ميشيل عن حال الزمالك وكلام سابقيه (وربما لاحقيه) على ما يدور داخل الفريق وأحاديث الشيع والأحزاب تدي لك لمحة عن فريق مفكك الخطوط خارج الملعب، يتضح من التفكك داخله (فيه نسبة من الأهداف داخل الزمالك تشعر بوجود الدفاع وحيدا بمعزل عن باقي الفريق). تضيع من الزمالك فرص أهداف، ويعزوها النقاد والجمهور (واللاعبون) إلى سوء الحظ وغياب التوفيق. ليه التوفيق يحالف الفرق المهلهلة، والإدارات الجماهيرية؟ جايز الفريق نفسه بحاجة إلى مزيد من الوقت من أجل الانسجام (!!)؛ ولا تستغرب فهناك الكثير من العناصر الداخلة على الفريق(صفقات جديدة) مع وجود العديد من اللاعبين الراغبين في الهروب (إما باعتزال أو تلويح بعرض خارجي، حيث يتابع أرسنال بشغف حال الزمالك من أجل الظفر بصفقات من الفريق، رافعا شعار "اشمعنى طلائع الجيش؟")، إضافة إلى ذهاب لاعب إلى الغردقة، ثم عودته السريعة من أجل اللحاق بدورة رمضانية. التعامل الغبي مع الأزمات واضح وبشدة (حتى من كبار الفريق سنا أو بقاءا) ويظهر من خلال تصريحات ما بعد مباراة الأسمنت ؛ ومن قبلها مباراة الجيش. وجود ثقوب داخل الثوب الأبيض بعد مباراة الجيش مع بعض الحديث عن خلافات داخل الادارة العليا (ممكن تلاحظها بمتابعة تاريخ آخر تصريح لخريج السوربون) مع الكلام عن مأدبة إفطار 15 دقيقة لتصفية الأجواء، لبدت أجواء المباراة التالية "بالأسمنت". حتى في وسيلة إيجاد الحلول تجد الأصابع تتجه - مثلما اتجهت في الثلاث سنوات - إلى نفس الشخص – المدرب. اجتماع لاعبي الزمالك على حل "الاعتزال" والتلويح به إضافة إلى تصريحات ما بعد الاسمنت تجعل حدوث نتيجة سلبية تالية أمر وارد جدا. (مثال جيد هنا عمرو زكي وتصريحاته ثم فرض عقوبات عليه، وده لوحده محتاج مقالة).ة
الاسماعيلي فريق جيد على المستوى الفردي وإن كان أقل على المستوى الجماعي -- هجوميا فقط. مباراة الاتحاد تكشف عن فريق له أنياب قوية هجوميا ولكن دفاعيا لا يجيد التغطية (لاحظ تذبذب مستوى الاسماعيلي في أعقاب تجدد مشكلة حسني). فريق ينتظر الفرج على أيدي فضل أو مصطفى أو جمال، ولكن لا يسعفه الدفاع المتهاوي على الحفاظ على الفوز حتى على أرضه (وهي نفس المشكلة التي ظهرت في مباراة بتروجيت - الفارس البترولي الثاني- مع عجز هجومي). ساعد الاسماعيلي في مباراة الاتحاد اهتزاز مستوى حارس الأخير. ومرة أخرى تأتي المشاكل الادارية في الفريق لتكشف عن صراعات واظهار إدارات هاوية .. وتعامل جماهيري سلبي معتاد. التفكير تعدى الاطاحة بالمدير الفني ليصل إلى مجلس الادارة، ومرة أخرى الهوائية في التعامل ما بين الاطاحة بالمدرب ثم عودته ثم الاطاحة به مرة ثانية، تباصي لك سبب وجيه في حال الاسماعيلي، وازاي إن الادارة مسمار داخل الفريق (وجود مشكلات إدارية في أي نادي، يتبعها بالضرورة مشاكل داخل الفريق بمحاولات المجلس السيطرة عليه، لأن فريق الكرة واجهة لأي نادي أقاليم)ه
الأهلي تعرض لنفس ما يتعرض له الزمالك (الظاهر إن الظاهرة عالمية) ولكن اكتفى بالتعادل في مباراتين فقط في صقفته السباعية في الدوري حتى الآن دون هزيمة (وهو نفس حال الطلائع). جوزيه حاول مساعدة الدفاع والتأثير على الفرق الأخرى من خلال خط الوسط وناجح حتى الآن وإن اكتفى بالفوز دون أداء قوي، مع تطور ملحوظ في دور الهاف ديفيندرز. الالتزام الخططي للاعبي الأهلي ربما يجعل المباراة فقيرة جدا فنيا، ولكنها غنية جدا تكتيكيا، وتجعل فرق مثل الزمالك والاتحاد الليبي غير قادرة على التهديف، فيما لا يستطيع الترسانة أو الاتصالات التهديف، اللهم إلا من ركلة حرة وبتمويه ذكي جدا من الحكم. ربما فطن جوزيه إلى بدايات الموسم وأهمية الفوز في مباريات أول الدوري، وده يخليني أقول إن الأهلي حاليا يحاول حصد النقاط دونما نظر إلى أداء أو متعة (وأهو الجمهور كتر خيره ترك الاستاد، مجبرا!). هذا شعار المراحل الأولى من الدوري ولا داعي للتذكير بحال تشيلسي .. أو بعض حال مانشستر في البريميير أو الميلان في إيطاليا (باينها فعلا ظاهرة عالمية). الأداء والانسجام والتعود، إلخ يأتي من خلال تتالي المباريات. الأهلي يعاني عبئا إضافيا في المشاركة الأفريقية .. وتدخلات مقيتة من اتحاد الكرة وبعض المنتخبات المصرية (بعضها قدرا، والآخر قذرا). بالتالي أداء الأهلي الحالي له بعض العذر، ومرشح للتطور بالوصول إلى المرحلة النهائية من الكأس الأفريقية بإذن الله.
جايز الاهلي يتمتع بميزة نسبية على الفرق الأخرى المرشحة (أو التي كانت مرشحة) للقب بأخذه دفعة "حامل اللقب" ولعبه بالصيت، ووجود روح الفوز (روح الفوز بالنسبة لي تعني عدم الرضا بالهزيمة أو التعادل، والسعي الدائم من أجل قلب النتيجة مثل مباراة المصري). وجايز الانضباط التكتيكي داخل وخارج الملعب (مثال عماد متعب) مؤشر على انضباط فني وإداري + استقرار مهم للفريق ومديره الفني (كرول تعرض لمطالبات باستقالته، ومرشح لأن يلحق ببصري). على الجهة المقابلة، الزمالك والاسماعيلي واضح فيهم بعض الاخطاء الدفاعية التي تكلف الفريق نقاط ثلاثة واحيانا نقطتين. فترة توقف الدوري ممكن يأتي معها بعض التغير في جدول الدوري، وجايز يبقى الوضع على ما هو عليه. ولكن حادث الأسابيع السبعة جدير بالمتابعة، ويجوز السبعة الثانية تحمل معها انقلابا آخر في موقع كل فريق على الكرسي إلى حد الإطاحة به من العرش ه
سبق أن جمع القدر ما بين شريف أشرف ومصطفى شبيطة في قطاع ناشئي الأهلي. كانوا زملاء في فريق واحد، وإن كان في الظل. شبيطة وشريف خارجين من مستودع الناشئين في الأهلي، من نفس المنبع وإن اختلف المصب وطريقة الصب. مباراة الزمالك مع أسمنت السويس وجدنا فيها اثنين من ناشئي النادي الأهلي، موزعة بالتساوي على كل فريق. محتمل كل متابعي المباراة لم يلحظوا وجود هذه المنافسة أو تلك المباراة البسيطة، وجايز المتنافسين نفسهما لم يلحظا وجود أي نوع من التباري فيما بينهم. احنا في إيه ولا في إيه؟
ما بين الخروج الرسمي من الأهلي والرضا بالاعارة من جانب شبيطة، والخروج على الأهلي والرضا بالغريم من جانب شريف تكمن عدة فوارق واختلافات، حتى مع وجود تعادل في المباراة نفسها. اختلف سبيل الخروج والوجهة: شريف لم يرض بالبقاء في الأهلي، ولم يرض بأقل منه، وذهب إلى الغريم (وإن كان حاليا أقل منه)، فيما رضي شبيطة بالإعارة على أمل جذب العين وشق طريق العودة إلى سيرته الأولى. في الحالتين الخروج كان على فريق أقل مستوى، مع وجود أمل العودة، في حالة واحدة بس.
نفسية اللاعب خارج الملعب بالتأكيد تؤثر عليه داخله؛ تماما كما تعطيك تصريحاته جانبا مهما من شخصيته. ثبات شريف النفسي في المباراتين يعتبر محل شك، مع ضياع فرص تهديفية مؤكدة كانت كفيلة بقلب أشياء واعطاء دفعة أمامية له وللفريق، وجايز كانت قلبت مقالي من أساسه، بس مش لراسه . جايز شريف يعاني من ضغوط أكبر من سنه: اثبات الذات، رد الصفعات للفريق القديم (أو لمسؤوليه)، اثبات إنه ليس مجرد أداة لرد القلم، تثبيت مكانه في التشكيل. مع نفسية مقلقلة وانتقامية مثل التي ظهرت في تصريحات اللاعب، نشعر بوجود الغل في نفسه، والرغبة الجامحة في الثبات والاثبات. ولكن التوفيق لم يقف بجواره كما لم يقف إلى جوار فريقه، فكانت النتيجة إن الضغوط اتوصت شوية، مع الكمالة.
ربما تأخر هذا المقال ثلاث سنوات .. وربما استعجل ظهوره الرحيل. فك الارتباط ما بين تشيلسي وجوزيه مورينيو في هذا العام تحديدا أدار في ذهني عاملا مشتركا آخر يجمع ما بين مانويل جوزيه وجوزيه مورينيو. نهاية رحلة كل مدرب مع فريقه تجمع معها بعض الخيوط والتلامس ما بين الثنائي .. على قدر وجود بعض التنافر ما بينهم. مش عاوز كلامي يكون مجرد ذكر ورصة لأوجه تشابه (ونقلبها امتحان جغرافيا)، ولكن سأحاول تحليل لموقف فريقين متشابه، مع وجه المغامرة في تعامل المدربين.
التشابه مش بس في برتغالية الاثنين، أو ارتباط الثنائي بتدريب البرتغال، ولكن بالأحرى في كون كلاهما خرجا من البرتغال في مغامرة مع فريقين: مورينيو سيرته الذاتية استرعت انتباه أحد المليارديرات، فأراد أن يغدق عليه بالنعم مع فريق البلوز. فيما انتبه الأهلي إلى سيرة برتغالي آخر، وكان التعاقد مع جوزيه "على قد فلوسه"؛ وآهو كل واحد ولحافه. ولكن مغامرة أحدهما انتهت قبل الأوان (أو ربما كان الأوان) فيما أوشكت مغامرة الآخر على النهاية. وما بين التقارب الزمني في المغامرتين، تكمن أولى المفارقات وأولى نقاط التجمع.
تعرض الإثنان للاتهامات كان مبالغ فيه وبشدة وربما كانت وجبات النجاح – مع وجود بهارات الفشل – أحد أسباب وجود اتهامات للثنائي. مورينيو وجوزيه تعرضا لأشد الاتهامات بالغرور والصلف. مورينيو تليق عليه التهمة جدا، فالغرور يتواضع إذا لمح اسم مورينيو، وجوزيه لديه بعض الآراء الجريئة (سواءا في انتفاضته الاولى أو الثانية) والتي لم تمنع النقاد والحساد من اتهامه بالغرور. على أن صفة الصراحة كانت ملازمة للثنائي جدا جدا. حتى أن تصريحات الاثنين كانت دوما محط متابعة من أي إعلامي أو من متابعي كرة القدم (الانجليزية او الأوروبية) ربما لجراءة فكر الاثنين، ودوران عدسات المصورين لحظة مرورها على وجه أيهما.
ليه اتهام كل ناجح يكون بالغرور؟ ليه الغرور تحديدا؟ جايز المتهَم له بعض العذر في اصابته بالغرور خصوصا في مجال شعبي وجماهيري ككرة القدم حيث تكثر العدسات و تتوالد الأقلام. ربما كان اتهام جوزيه لأحد الصحفيين في مؤتمر صحفي من فترة بأنه اتهمه على صفحات جريدته فيه بعض الاجابة وبعض الشفا ("أتيت إلى التمرين مرة وطلبت مني اجراء حوار، ولكني رفضت، ثم اتهمتني في جريدتك بالكذب في اليوم التالي"). يجوز ده حصل مع مورينيو، ولكن صراحة الاثنين كانت غير عادية، وربما الميديا بحاجة إلى الصريح من أجل المبيعات، لأن هذا الصريح نادر أو عملة صعبة في ميديا كاذبة تبحث عن فاتحي النيران. جايز الغرور نفسه طبيعة بشرية حين تشعر بأهمية ذاتك القصوى بعد سنوات من الحرمان والأندية المغمورة (في البرتغال) وفجأة جاءت اللحظة المناسبة وشعرت بتعاظم وجودك من خلال مساعدة الظروف لك ولفريقك – وإدارة النادي. يمكن ده الشعور البشري العجيب في مقاومة الغرور مع الضعف أمام لذته وسحره. لا يمكن أن تجد فريقك الأفضل، ولا تقاوم لسانك في أن تصرح بقوة فريقك المطلقة، خصوصا في الدوري الانجليزي وقوته (اللي بيستمد جزء منها من قوة مدربيه وتصريحاتهم)، أو الدوري المصري واستفزازه وفرعونيته !!! جايز حسد بعض المدربين مورينيو لوقوف أموال تشيلسي وراءه – كما وقفت إدارة الأهلي وراء جوزيه – في تمني لو كانت إدارة ناديهم بنفس السخاء و"الإيد الفرطة". كثير ما تجد التراشق بالألفاظ ما بين "جوزيه" والمدربين الآخرين في المؤتمرات الصحفية ما بعد المباراة ... ويمكن الاتنين يسبقوا المؤتمر .. ويتحاورا لفظا في الملعب (فينجير – مورينيو). جايز ده السبب، خصوصا مع قلة حيلة فريقه (ضعيف الصفقات) على الوقوف أمام نجوم من عيار الفيل، والثمن الثقيل.
الغريب في كلا المدربين هو عداوتهما المشتركة لبعض سمات اللاعب المصري. في أثناء رحلة عبد الستار صبري الاحترافية قابل مورينيو في بنفيكا. مورينيو عاب على عبد الستار كثرة احتفاظه بالكرة والمراوغة غير المجدية (لاحظ قلة اللاعبين المهاريين في المراوغة في تشيلسي). لدرجة حدوث تراشق بين الثنائي في الاعلام، وحديث مورينيو كان في غاية الأهمية ومذكور في جريدة الأهرام ترجمة الكاتب أكرم يوسف لكتاب "مورينيو ... شخصية الفائز". الغريب إن جوزيه نفسه عدو لدود لنفس أسلوب الاحتفاظ بالكرة أو المراوغة، والتي يعشقها ويقدسها جمهور الكرة المصري (حدد موقع عبد الله وسماكة على الخريطة الكروية حاليا لتعرف طريقة تفكير جوزيه وطريقة تفكيرنا). يمكن الأمر ليس غريبا، خصوصا مع تغيير الأهلي وتشيلسي مواقع جدول الدوري في مصر وانجلترا، تلاه حدوث تغير قاري في أفريقيا وأوروبا . النقطة دي تحديدا مهمة جدا في رأيي لأنها ظاهرة عامة في فرق البطولة من حيث قلة عدد المراوغين فيها، ولها تفصيل في آخر المقال، مع تفصيل أكثر عند الحديث عن تطور كرة القدم.
استفاد مورينيو ودا سيلفا من الإدارة الرأسمالية في الناديين؛ وإن اختلفت رأسمالية تشيلسي عن الأهلي. كان دخول ملياردير إلى البلوز سبيل لتدعيم مركزه في الدوري الانجليزي إلى حد وضع "الرِجل ع الرِجل" لموسمين متتاليين، تماما كما تربع الأحمر لثلاثة. وكان لتوالي الصفقات الأثر في زيادة النقمة والنقد على الناديين، من عينة: "هتعملوا بيهم إيه؟" "تكويش اللاعبين في كل المراكز"، "تخزين النجوم"، إلخ. (النقطة دي تحديدا أدارت وجهي إلى متابعة تشيلسي من فترة بعيدة). كان التدعيم المالي لكلا الناديين أثر بالغ في قلب الطاولة في البريميير ليج الانجليزي والبتنجان ليج المصري. كلا المدربين كانا محظوظين بوجود إدارة تلبي الطلبات بالتعاقد (مع بعض الفوارق في سياسة التعاقدات بالطبع) وربما كانت النقمة من المدربين الآخرين في تمني وجود إدارة بنفس "الوعي" أو بنفس المنطق خلفه كما يسير متقدم الدوري (مارتن يول: لا تقارنوني بمورينيو أنا سمعت الكلام ده من مين قبل كدة؟!).
العجيب كان وجود انتقاد للمدربين بنفي دورهم في الفريقين أو حتى حرمان "بعض" الفضل إليهم في انتصارات الناديين. كان النقد مركز على كون مورينيو محظوظ في وجود الصفقات التشيلساوية، وجوزيه محظوظ في وجود الصفقات الأهلاوية، بل وزاد الامر في حالة جوزيه بأن أي مدرب يستطيع الوصول إلى ما وصل إليه جوزيه، ولو عامل غرفة خلع ملابس درب الأهلي لفاز بمثل ما يفوز به الأهلي وربما أكثر. مع تعرض الأهلي وتشيلسي لحالة الترهل في الدفاع، ومع التحفز في مواجهة الفريقين الطايحين في الدوريين "ومش لاقيين حد يلمهم"، صادف الفريقين نفس الحالة تقريبا من وجود ثغرات دفاعية قاتلة سهلت من مرور الخصوم في مناح قاتلة. الموسم الماضي تعرض تشيلسي لإصابات بالجملة في دفاعه وحراسة المرمى (مثال تشيك وجون تيري) إلى حد اللعب بإيسيان في الدفاع ثم انضمامه إلى خط الوسط كلاعب هاف ديفيندر متأخر، فيما تعرض الاهلي لنفس تلك الحالة أواخر الموسم الماضي، وأوائل الموسم الحالي.
تكتيك مورينيو اعتمد بعض الشيء على اللعب بثلاثي في خط الوسط (وكان تصريح مهم عن طريقة لعب تشيلسي)، وهو نفس ما قام به جوزيه لمساعدة دفاعه. حاول كلا المدربين مد يد العون وإظهار قدراتهم التدريبية في مساعدة فريقهم المصاب (يجوز بعين الحسود أو ربما بحماس المنافسين، أو يمكن بالاتنين مع بعض). تكتيك الاعتماد على منتصف الملعب - كحائط صد أول - ظهر بمحاولة ملـء منتصف الملعب بثلاثة ديفيندرز (وهو تكتيك منح إيطاليا أفضلية مطلقة على منافسيها مكنها من الجلوس على عرش منتخبات العالم). جوزيه حاول محاكاة الطريقة بوجود نفس العدد ولاحظته جدا في مباراة الزمالك والاتحاد الليبي (وإن كان مستخدم على استحياء الموسم الماضي ومنها مباراة الصفاقصي في رادس). منافسو الاهلي كانوا رحماء وحنينين أكثر من منافسي تشيلسي. كانت قدرة الأهلي في الدوري المصري وصد المنافسين أعلى، وربما قدرته على الحفاظ على الدوري ترجع إلى الفرق بين الدوري المصري والدوري الانجليزي لصالح الأخير (تماما كما هو الفارق الطبيعي بين الأهلي وتشيلسي لصالح الثاني:-). لم يستطع تشيلسي مجاراة الشياطين الحمر الانجليز، واكتفوا بتحية الشياطين في نهاية موسم شاق، بينما لم يقف أحد لتحية الشياطين الحمر الأفارقة حتى بعد العجز عن انتزاع البطولة منه. يجوز الفارق بين محافظة الأهلي على الدرع المصري ترجع إلى استئناسه الأندية المصرية، فيما لم يستطع تشيلسي ترويض الانجليز. ولكن من وجهة نظري أثر مورينيو ظهر في قدرة تشيلسي على منافسة مانشستر حتى نهاية محطة الدوري، مع كثرة ما ألم به من اصابات (وهو نفس ما عانى منه أرسنال في نفس الموسم، وأتى تاليا على تشيلسي، فيما بقي المان خاليا من الاصابات نسبيا، ظافرا بالبريميير).
* بعد رحيل مورينيو عن تشيلسي، جاءت الانباء عن امكانية جلوسه على المنصب الذي طالما حلم به مانويل. ولكن مورينيو أدرك أثر الشائعات على مدرب المنتخب سكولاري: "على سكولاري أن يطمئن فأنا لن أدرب منتخب البرتغال. عليه أن يعمل دون أن ينظر إلى الخلف خوفا من أن أقفز إلى مكانه." كان تصريح جميل خصوصا في الجملة اللي قالها، من حيث شعور مدرب بالخوف من إقالته ووضع آخر (ربما أعلى منه فنيا أو شهرة). ربما أوجع مورينيو مانويل جوزيه بالتصريح دون أن يدري، وربما كان يعلم بنوايا زميله في أفريقيا. على قدر دقة الوصف والتعبير، على قدر ما تشعر بتوجيهه نقد إلى من يظن نفسه أهلا لمكان مشغول بالفعل. جوزيه كثيرا ما يتحدث عن حلمه بتدريب المنتخب وأنه لن يرحل عن دكة الاهلي إلا حينما تكون وجهته دكة المنتخب البرتغالي. ربما يكون في تكرار هذا الأمر (حتى للصحافة البرتغالية) أثر على المدرب الحالي، بوجود الطامعين في منصبه، وربما يحمل بعض كلام جوزيه التهديد ("هناك من أصحاب المصالح في الاتحاد البرتغالي من يمنعوني عن تولي المنصب. وأنا أعرفهم.") جوزيه نفسه تعرض لنفس الموقف من مورينيو كما ذكرت جريدة الاهرام في ترجمة لكتاب عن مورينيو، بتولي مورينيو فريق دي ليرا بدلا من جوزيه، بوجود تربيطة مع رئيس النادي على تولي المنصب وخلع جوزيه (اتهمه جوزيه يومها انه "طرزان في غابة"). ربما يكون كلام جوزيه مجرد تخمين أو تمهيد منه لتوليه المنصب فيما بعد سكولاري، ولكن التلميح والاستمرار في الكلام هو المشكلة.
نقطة أخيرة
ربما كانت حالتي الأهلي وتشيلسي وتحميلهما مسؤولية انعدام المتعة في مباريات الاثنين (مع قلة الأهداف) لمحة عن فكر المدربين. يجوز وجود المدربين الاثنين تحديدا في ناديين لا يقدمان "الكثير من المتعة" في كرة القدم، لمحة عن تطور كرة القدم نفسها. تشيلسي يتعرض لهجوم لأنه فريق "مدفعجية" ولا يكسب إلا من خلال التسديد بعيد المدى، فيما يتعرض الأهلي لنفس الهجوم – حتى في قمة وعنفوان انتصاره وفي أشد لحظات فرحه – بوصول النقد إلى ذروته في تسديدة تريكة في رادس "لولا تشليحة تريكة، ما كانش النعيم ده كله وصل". ربما لم تعد كرة القدم ممتعة بعد اليوم، أو ربما كانت ممتعة ولكن ليست متعة البطولات. أو جايز متعة الجماهير الأخرى في التمرير أو هزيمة الفرق الضعيفة (ان استطاعت)، مع ترك البطولات "للفرق العقيمة".
أسلوب لعب مانويل جوزيه ومحاكاته لما يجري في أوروبا - مع حرية ودعم من جانب الإدارة - جعلته يبدع ويتحرر من قيود خارج الملعب ليبدع "تكتيكيا" داخله. ولكن بالنسبة لي جوزيه يعتبر محاكي لطرق وأساليب لعب أوروبية، وغير صانع لها. مورينيو من كبار المدربين الأذكياء في العالم، وطرق لعبه وأسلوبه محط متابعة من مدربي العالم من أجل التقليد (لدرجة إن بعض المحللين يرون أن أسلوبه يحاكى داخل الدوري الانجليزي ذاته). ولكن جوزيه على العكس. بقاءك ووجودك في أفريقيا وتدريبك لفريق أفريقي (حتى لو كان بطل قارة ومخربش) غير وجودك في قارة أوروبية مع فريق من زعماءها.
جوزيه كتير بيهاجم المصريين على إنهم ناس مبالغين ومهولين من الأمور. ساعات بأحس إن جوزيه نفسه مبالغ في تفكيره وحلمه بتدريب منتخب البرتغال. يجوز أهل البرتغال أدرى بشعابها وهو أعلم بمن يحيك ضده المؤامرات وأهل المصالح في الاتحاد البرتغالي. ولكن طالما مورينيو زاهد في المنصب، ربما يكون الطريق ممهد لوصول مدرب الأهلي إلى المنصب المبتغى، ويكون الأهلي قد أهل مدربا للاحتراف على أصوله، بعد تأهيله للاعبين للوصول إلى القمة أوروبيا.
مصادر مهمة:
- جريدة الأهرام، 7 أيام رياضة، ترجمة كتاب "مورينيو .. شخصية الفائز" لأكرم يوسف. (مع الأسف التاريخ غير واضح في الصورة).
- الصورة من جريدة الأهرام ويكلي الأسبوعية 16- 22 نوفمبر 2006.
- تكتيك مورينيو مع تشيلسي في هذا المقال القيم من مدونة صديقة :-) .. المقال هنا . يُنصح بزيارة المدونة لمن اراد الاستزادة ببعض تكتيكات كرة القدم وتطور اللعبة بشكل عام.