12:51 AM | Author: Al-Firjany

من أكتر من سنة، ولما صرح شادي محمد إنه شارة الكابتن "وش السعد على الفريق"، وفي يوم الخلاف بينه وبين الحضري، قال شادي جملة كان معها بعض الدلالات والمعاني عن فهم شادي والفريق ككل لشخصية الحضري، وأسلوب حياته ومعاملاته .. "كلنا عارفينك كويس يا حضري". في بعض الأحيان، لا تفهم جملة، بسيطة في معانيها، عميقة في مغزاها، وتهال عليها الأتربة في ذاكرتك، ولكن فيما بعد، تظهر فوق السطح، ويزيد عليها التركيز مع قوة الحدث. تعامل الحضري مع حالة احترافه، وتعامل أطراف أخرى متصلة وأحيانا غير متصلة بالحدث كان فيه شيء من التفرد، ويظل الحضري واحد من حبات عقد بدأت تنفرط من النادي الأهلي، وجايز تجر معها حبات أخرى، وإن كان حادث رحيل الحضري نفسه بحاجة إلى بعض التحليل.

ردود الفعل نفسها تكشف عن شيء من الانفعالية، والظاهر إن مش بس الحضري اللي ضيع تاريخه. كتير عُقدت مقارنات ما بين تاريخ الحضري، وما بين مستقبله، وازاي هو ضحى بالأول في سبيل التاني. الحضري دولاب بطولاته مع الأهلي أكبر من تاريخ نصف أندية الدوري مع البطولات، (ومش عاوز أقول 90% منها) والدولاب كان ممكن يزيد مع وجود روابط تجمعه وجمعته مع النادي والجماهير عامة. من كلام الحضري نلاحظ دخول الوفد السويسري ومفاوضاته معاه في دور الـ8 لكأس أمم أفريقيا. الصراع داخل الحضري استمر إلى مباراة المصري محلياً، ولكن فيما بعد اختار ترك النادي قسرا وتنفيذ رغبته بالاجبار على النادي بالهروب، زيه زي غيره (مثال بسيط محمد شوقي، وإن كانت طريقة ابن بورسعيد أفضل من طريقة ابن دمياط). الغريب في الموضوع هو إن الجمهور أيضا ساعد الحضري على مسح تاريخه ونسي أو تناسى تاريخ اللاعب في الأهلي (أفضل صدة 2001، أفضل حارس في مصر عدة أعوام، هدف كايزر تشيفز، أو حتى بطولاته مع الأهلي (ومش عاوز أقول المنتخب)) لدرجة جعلت لقب أفضل حارس في تاريخ النادي وفي تاريخ مصر ليست مبالغة على الاطلاق. ولكن نفس الجماهير اللي رفعته إلى سابع سما، نزلت بيه لما دون لأرض (الموضوع بالنسبة لي مش غريب على جماهير الكرة، لأن العاطفة هي الحكم في كل الاحوال، وممكن تلاحظ تحرك الجماهير صعودا وهبوطا مع حازم إمام وحسني عبد ربه ومحمد بركات، أو حسام وابراهيم حسن في الأهلي من حوالي 10 سنوات). جمهور الأهلي والزمالك تعرضوا لصدمات قوية على مدار عقد كامل من اللاعبين: رضا عبد العال في الزمالك، والتوأمان في الأهلي، بالتالي المفروض الصدمات تكون خفت حدتها وصار فيه توقع حدوث أي شيء في أي لحظة. ولكن النظرة تبقى كما هي في جميع الأحوال حتى وإن اختلف الزمان. حتى مع حالات الهروب (سابقة سعيد و شوقي في بلجيكا وانجلترا)، كانت الصدمة موجودة والتعامل معها لين نسبياً، ويمكن لموقع الحضري في الفريق ولطول مدة بقاءه، كانت الصدمة عنيفة. في كل الاحوال وفي كل الحالات العاطفة تتحكم، وما أقدرش أقول إنها ظاهرة مصرية خالصة، لوجود ما يقابلها عالميا (فيجو في البرسا، حاليا برباتوف في السبيرز، أو فان ديرفارت في هامبورج)، وإن اختلف الحضري عن كل هؤلاء في اجبار النادي على الرضوخ من خلال تصرف ساذج مفاجيء -أحادي الجانب- والهروب إلى أوروبا. الجماهير الكروية عامة في رفعها للنجم للسما أو طرحه أرضا تتحكم فيها عاطفة الفرح (مع انتصار الفريق) أو الحزن (مع انكساراته)، ولشدة ارتباطها بالنجم وحبها له لا تكاد تفكر ولو للحظة في رحيله. ولأن مراية الحب عامية تتحرك الجماهير بدرجة ثورية ضد اللاعب (لاحظ ردة فعل بعض الأهلاوية على الحضري بانه مات (اعتباريا) واللي يرجعك تاني فلاش باك لنفس ردة فعل جمهور الاسماعيلي ضد حسني عبد ربه مع اختياره النادي الأهلي (حتى مع اختلاف الحالتين كلياً). مجرد انتقال لاعب إلى نادي ينتج عنه غضب الجمهور في الرحيل، ويخف الغضب أو يزيد تبعا لطريقة الخروج (مثلا الغضب على خروج شوقي، والحنق على هروب الحضري). وجود عنصر المفاجأة في حالة الحضري ساعد جدا على رد الفعل الثوري.


حاول تتلمس كلام الخارجين من وعن الأندية المصرية، وردود تلك الأندية على المارقين، لأنه يكشف كتير من أسرار وعلاقات الاتنين ببعض. الحضري واحد من ضمن اللي خرجوا من الأهلي وعرفنا منه عن عروض احتراف مرفوضة من فترة طويلة (العرض التركي واليوناني). لو ضغطت على ذاكرتك، تلاقي إنك سمعت نفس الكلام من فترة بعيدة من لاعبين في نفس نادي الحضري (بلاكبيرن – جمعة، شوقي – البورو، أو حسن – الوحدة). إدارة الأهلي تحاول اتباع نفس الخط مع كل لاعب تقريبا: "خليك لحد ما ييجي العرض الأفضل، خليك لحد ما ييجي عرض يليق بيك وبالنادي". ولأن محمد عبد الوهاب الله يرحمه، وأبو تريكة ظاهرة كونية تتكرر مرة كل مائة عام، لا تجد إدارة الأهلي استجابة من اللاعب، وتترك الرد حسب ذوق كل لاعب وأخلاقه، مع مفاوضات شاقة من القيعي، واللي أحيانا يستعين بالخطيب وحمدي. شوقي مشي بلوي الدراع، وجمعة اتحجج بكبر السن، وحسن سرب ورقة الزمالك، .. والحضري ركب الناقة وشرخ. كنت اتكلمت وهأتكلم بعدين على أثر صعود نجم الأهلي قاريا، ومحاولة كل نادي إنه يقلب عيشه داخل الجزيرة. ولكن المهم هنا هو أسلوب تعامل إدارة الاهلي، حتى وإن لم تكن مخطئة في حالة الحضري لأسباب وجيهة ومعروفة، ولكن أسلوب الاستبقاء على اللاعبين نفسه بحاجة إلى التجديد، لأن نفس الأسباب تقال لكل لاعب تقريبا، ونفس الأسلوب متبع من ادارة النادي مع لاعب أمنية حياته اللعب في الشمال الأوروبي، ولكن رد الفعل مختلف بشدة من كل لاعب. النادي الأهلي حاول الاستبقاء على اللاعب لحين احترافه في الوقت اللي يحدده النادي، واللاعب حاول يحترف في الوقت اللي حدده هو (أو حدده سيون). ه

الحضري في كلامه بعض التناقض بخصوص الانتقال إلى سيون، وكلامه عن مرحلة ما بعد سيون. ازاي فيه إعادة بيع لنادي أوروبي أعلى، ومنين عارف ومدرك لفكرة 35 سنة وكبير في السن، وفي نفس الوقت "آخر فرصة" له في الانتقال إلى أوروبا؟ الحضري نفسه عارف إنها آخر فرصة، طيب بعد الآخر فيه حاجة؟! بالطبع حراس المرمى من ضمن أطول اللاعبين عمرا في ملاعب الكرة، ولكن مَن سيحاول مشاهدة حارس كهل في دوري مغمور أوروبيا، ومع فريق سكّة؟ (الحضري بانتقاله إلى سويسرا جمع بين مساويء لا حصر لها من دوري ونادي وطريقة انتقال، والتلاتة يتنافسوا من أسوأ ممن؟). الحضري كأنه يحاول يصلح الوش العكر بمشط مكسور. النقطة الثانية هي إن الحضري لم يركز في عريضة الدفاع على المقابل المادي الرهيب، وكان بالنسبة لي هيبقى أوقع وأوجه كسبب أدعى للخروج، وركز على المقابل المعنوي والاحتراف في أوروبا واللعب في أقوى دوريات ومحاولة جذب الأنظار، إلخ. مبلغ الملايين العشرة كفيل بإسالة لعاب محافظة دمياط كلها، فلم حاول الحضري أن يداري على لعابه؟؟ لا يمكن أن نستبعد المبلغ الكبير من أسباب رحيل الحضري، وخصوصا حسب كلام بعض المصادر عن رغبة الحضري في الاستثمار الأوروبي في مرحلة ما بعد الاعتزال. الحضري لم يثمن موقعه داخل الأهلي، أو مجموع ما حصل عليه وما كان يمكن الحصول عليه (فوق أو تحت الطرابيزة) وجري ورا الملايين العشرة، تماما كما لم يقدر موقعه في النادي المستهدف بالذهاب إلى نادي من الماركة السويسرية، وفي دوري هزيل. أخطاء الحضري تتعدى بكثير مرحلة الهروب، لتصل إلى سوء العلاقة مع الأندية المنتقل منها وإليها، مع الايحاء بوجوده كدمية في أيدي الوكيل أو رئيس نادي أرعن محب للظهور حسب كلام بعض العالمين بالدوري السويسري (بيفكرك بمين بالمناسبة؟). حسابات المكسب والخسارة للحضري تميل بشدة إلى الخسائر، وإن كان المكسب الوحيد مادي بالأساس.



بالنسبة للكلام الفني عن ارتفاع المستوى باللعب والاحتكاك في أوروبا، فلا ينكر وجود أعظم الحراس في القارة الشمالية، ولكن هل الحضري دلوقت هيستفيد؟ لو هنتكلم على حراسة مرمى وبس، فسوابق احتراف الحراس المصريين في الخارج تقول إن الحضري لن يستفيد فنيا، بل سيهبط.

· نادر السيد: أفضل حارس 1998 مع الزمالك وفي بوركينا فاسو، واحترف مع زمرة المحترفين وهبط مستواه بشدة زي غيره من المصريين المحترفين، ثم عاد إلى مصر.
ه (بالمناسبة اتكتب في الجرائد بعد بطولة بوركينا فاسو عن فرحة مجلس إدارة النادي الأهلي لوجود نادر السيد كحارس أساسي، لأن الحضري كان يريد الاحتراف مبكرا أو زيادة العقد، فكان بقاءه احتياطي يبقيه بعيدا عن أعين السماسرة والأندية الأوروبية بالتالي المطالب المالية هيبقى لا محل لها، لعدم وجود عرض أساسا. ولكن العقد جاء بعد عقد من الزمان، واللي ما حصلش 98، حصل في 2008).ه

· شريف إكرامي: لم يكن أفضل في مصر فنيا ولا أفضل في أوروبا، الارتفاع طفيف في المستوى وملازمته للدكة أساءت له فنيا بعض الشيء، وإن كان واحد من أفضل الحراس المصريين، ولكن الاحتراف لم يخدمه كحارس مرمى إلى الآن.

إذن الاستفادة الفنية شبه معدومة، حتى لو نحينا الفوارق ما بين الحارسين اللي فوق والحارس الهارب (احتراف قبل التلاتين، مع ترك الباب موارب للعودة). أذكر إن نادر السيد كان قال مرة إنه في بعض الاندية الاوروبية لا يوجد بالأساس مدرب حراس مرمى مستقل، وكان ده رده على من انتقده بانخفاض المستوى. الحضري حاليا أفضل حارس في أفريقيا وتفوق بنفسه على حراس مرمى محترفين أوروبيا في بطولة الأمم موسمين ورا بعض، وكأنه لم يعرف إنه اللعب في اوروبا لا يعني بالضرورة علو المستوى أو ارتقاء فني. والنقطة دي تحديدا كانت كفيلة بتخفيف رغبة الحضري المتوحشة في الاحتراف. رغبة الحضري هي نفس رغبة بعض اللاعبين، وبعضهم حققها وبعضهم يحلم، وربما يكرر نفس تجربة الحضري في حالة نجاحها (لو نجح مسعى الحضري لدى إدارة النادي)، وهو ما يفسر ردود أفعال بعض اللاعبين الهادئة.

ليونة ردود أفعال لاعبي الأهلي

هل لاحظت بعض الاختلاف بين ردود أفعال اللاعبين، وردود أفعال الجماهير؟ لأن "كلنا عارفينك كويس يا حضري"،
بلال وافق ضمنيا على رحيل الحضري، لأنه من حقه يدور على مصلحته (ومش محتاج أفكرك بتاريخ بلال بالذات)، ورد فعل أمير عبد الحميد "ربنا يوفقه". للاعبي الكرة معايير خاصة وردود أفعال معينة تجاه قضايا جماهيرية، ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، كان رد فعلهم أخف بكتير من الاحتقان الجماهيري. الجمهور لا يكاد يرى من اللاعب إلا لعبه أو تصريحاته، ومع التصريحات الوردية يعيش الجمهور مع صورة شبه مثالية للاعب في ذهنه. تظل صورة "كامل كمال الكامل" في مخيلة الجمهور حتى يعتزل النجم راضيا بكلمات الثناء والمديح من الجمهور، أو إنه يتمرد على الوضع القائم، خصوصا مع نظرة مادية بحتة لحياته كلاعب. الحضري اختار التمرد على النادي وكسر صورته في خيال الجماهير، بالخروج إلى أرض الواقع. كتير من اللاعبين قالوا إن الحضري من حقه البحث عن مصلحته، والاحتراف في هذه السن، مع اقتراب عمره من الاعتزال، "وما حدش بيسأل فينا بعد أما نعتزل". التفكير نفسه احترافي بعض الشيء بالبحث عن أقصى استفادة من الظروف، حتى وإن كان الظرف غير ملائم، في مناخ رياضي أعوج. التفكير احترافي، ولكنه تنفيذ بعقلية الهواة، كعادة اللاعبين المصريين. سن الحضري المتقدم لم يتح له بعض التروي في التفكير. وكما تبدأ الحياة بعد الستين، فقد يبدأ الطيش بعد الثلاثين. بعد الستين انت على المعاش، ومحتاج بعض الانعاش، وبعد الثلاثين انت على المعاش الكروي، وأقلام النقاد المصريين السذج لا ترحم، ونظرات الجهاز الفني أو همسات لجنة الكرة حول حارس المرمى كبير السن أقسى من تلج سيبيريا و حرارة ليبيريا. الحضري سمع ورأى رأس الذئب الطائر (جمعة) وسمع منه الكلام على تعديه سن الثلاثين. أي غلطة لعصام، يصعد معها فورا الحديث عن السن، والتعجيل بالاعتزال، خصوصا مع ترصد من الشاب – العجوز أمير عبد الحميد، وانتظار أحمد عادل لنفس الفرصة بعد رحيل الاتنين. مثال شوبير مع إكرامي والمرحوم بإذن الله ثابت البطل تكرر مع الحضري، وتلك الأيام نداولها بين الناس. جايز استشعر الحضري نفس الخطر وجاب من الآخر، فاستراح وراح.



في دورة حياة اللاعبين في مصر، بعضهم يتألق في ناديه ويحترف منه أوروبيا، أو أكثرهم ينتقل إلى الأهلي (وأحيانا الزمالك) ثم ينتقل منه إلى أوروبا. النهاية السعيدة بالنسبة للاعب المصري هي إنه يختم حياته أوروبيا، أو حتى يمر بنادي أوروبي في مشواره الكروي. الأهلي مش هو محطة الوصول، لأن اللاعب بيكون طموحه اعلى بكتير من النادي (مضطر أكرر تصريح قديم لمحمود فتح الله أثناء محاولات شراء الاهلي له، قال إنه يفضل الاحتراف من الأهلي أفضل من المحلة، لعلو المقابل المادي وارتفاع النادي المنتقل إليه، بمعنى إنه في المحلة يا دوب تركيا والسلام، لكن في الأهلي تتسع نسبيا قاعدة الأندية الراغبة في التعاقد من دوريات أخرى). الأهلي يحاول إنه يكون آخر نادي في السلسلة بوجود اللاعب في النادي أبديا (وده اللي بتحاوله إدارة توتنام وهامبورج مع برباتوف وديرفارت) ولكن التطور الطبيعي للاعب يقول إنه يبحث عن الافضل. برباتوف يبحث عن المان يونايتد، وأندية أسبانيا وانجلترا حفيت ورا دير فارت، ولكن ولا بربا هرب، ولا دير فارت خلع. ما أقدرش ألوم الحضري على بحثه عن الأفضل، لكن لما يدور، يدور عدل. وبالمثل لا أقدر ألوم الأهلي على ابقاء اللاعب داخله، حقه، زي ما حق بتروجيت أو انبي عدم بيع لاعبيهم للأهلي او الزمالك (أسامة محمد للأهلي، ومحمد كوفي للزمالك). الموضوع أبعد مما قال أ. المستكاوي احترام العقود وقبلها احترام كلمات، وممكن نعتبره احترام رغبات. النادي يلجأ إلى العقد كآخر ورقة للضغط على اللاعب لكبح رغبته في الخروج، واللاعب يركز على الرغبة في محاولة لإثناء النادي عن القرار.

هروب الحضري حلقة في مسلسل صراع اللاعب – النادي على البقاء. لا أظن البطل سينجح في النهاية (لو جاز نسبغ على الحضري أصلا دور البطولة)، وأسلوب عرض الحضري لقضيته وتفكيره في الخروج ينم عن عقلية ساذجة جدا (راجع .. مش راجع، 50%، النادي الأهلي بيتي، منسجم في سيون، حارس مرمى الأهلي، الناس هنا معجبين بي جدا إلخ) ولاحظ إننا للآن لم نسمع وجهة نظر رئيس النادي أو أسلوب تعامل النادي مع القضية بشكل عام، تاركين أكثر المجال للحضري. أحد المحللين تحدث عن نقطة مهمة جدا تتمثل في غياب مستشاري للاعب أو وكيل يعطيه نصيحة بذهابه أو بقاءه في أحد النوادي. الحضري مع الأسف لم يستمع إلا لذاته (حتى زوجته لم تعلم بالامر)، ولم يستمع إلا لوعود المستقبل. المستقبل في علم الغيب، والحضري اختار العصافير على الشجرة، وترك ما في اليد. تفكير الحضري على بساطته يكشف عن نظرة مصرية عامة باتجاه ما دون القدمين وعدم التفكير فيما هو أبعد. نظرياً وعملياً الحضري خسر الكثير، وتبقى قدرته على النجاح محدودة جدا بسذاجة تفكيره، والتلاعب به كما الدمية. أفضل من الحضري سافر إلى أوروبا، ورجع بخفي حنين، وأظن الحضري لو رجع، سيجد الخفين فقط في انتظاره.

Category: | Leave a comment
8:46 AM | Author: Al-Firjany



دروجبا حاول هز الشباك .. إيتو حاول ونجح، ولكن فريقه خسر .. مانوتشو حاول ونجح، وفريقه خسر. ولكنه بقي محافظاً على فوز فريقه حتى الوصول إلى المنصة. المواجهات الفردية في كأس الأمم الأفريقية كانت أمر ممتع، خصوصا مع محاولات من اللاعبين لجذب أنظار السادة الأوروبيين. في تحليل مباريات أمم أفريقيا هناك صراع المنتخبات، ومعاه يظهر صراع اللاعبين ,, ومع الاتنين يظهر الصراع الخفي لدى كل لاعب في حب الظهور ولفت الأنظار، للحصول على أكبر واجب من الحلاوة، بعد المولد ما ينفض. كنت مستبعد الحضري من الصراع، لكبر سنه، ولكن اتضح لي إن الحضري لسة فيه الرمق، ويحاول الظهور حتى مع تأهب نجمه للرحيل. زي ما الدهن في العتاقي، ممكن كمان يطلع شوية دهن في المخ. لا يعلم الطب الرياضي إن كان الدهن ضارا في هذه الحالة أم مفيد، لأن نتايج التحليل تظهر فيما بعد



كلنا تابعنا امتداد رحلة الصراع ما بين أفضل حارس في أفريقيا وأفضل مهاجميها على امتداد بطولتين أو أكثر، تخللتهم مباريات ودية وتصفيات كأس عالم .. مرة ينجح دروجبا، والحضري ينجح مرة أو مرات، وإن كانت مستويات نجاح أحدهما نسبية في مواجهة الآخر. نفس الأمر بالنسبة لإيتو، ولم يسعف الوقت مانوتشو للاستمتاع بالمواجهة منتظرا فرعونا آخر.الحضري باتجاهه إلى أوروبا يجوز يمد يد المساعدة إلى المهاجميْن، لمساعدتهما على الظفر به، أو لمساعدة نفسه على التحضير لجولة أخرى. في أوقات المنافسة والخصومة، ممكن تعمل حركة يتهيأ لك إنها تزيد منك أو تقويك أمام منافسيك، ولكن النتيجة قد تأتي عكسية، وانت وشطارتك في حسم نتيجتك في معركتك. الحضري – في أفريقيا - استطاع فرداً أن يكون ندا لزوجي الكاميرون والكوتديفوار – وهما في وش قفص أندية أوروبا. مبدئيا لا أظن سن الحضري سيعطيه القدرة على المواجهة من جديد (يا مين يعيش 2010)، حتى مع دخوله إلى نفس قارة الزوجي، ولكن الفوارق كتير ما بين دخول كل واحد. دروجبا سأل الحضري عن امكانية احترافه، وما أعرفش هل السؤال ودي، ولا خبثي. هل يحاول دروجبا أن يجلب الحضري إلى نفس القارة من أجل مصلحة الحضري، ولا لمصلحته كمهاجم؟ الموضوع متشابك لأن دروجبا أدرى منا بتعامل القارة مع اللاعبين الأفارقة، ويمكن أدرى بالاجابة على السؤال: هل ترفع القارة بمستوى اللاعب إلى عنان السماء، أم تنزل به إلى باطن الأرض؟ لا أعلم إن كان دروجبا سيشجع الحضري على عدم تكرار تجربته في أوروبا، أم أنه سيحادثه هاتفيا، تشجيعا على الاستمرار . لعاب الحضري سال كما سال غيره، ولم يتردد في مقاومة اغراء عاتي من قارة تسوق نفسها كأفضل من يمارس كرة القدم. زيه زي غيره، ولا أستبعد تكرار الرحيل، طالما استمر الاغراء


ولو إني ما أعرفكش ولا عمري شفتك، لكن أغلب ظني إنك دلوقت نفسك تقرا تحليل عن الفائز والخاسر من رحلة الحضري إلى أوروبا، ومغامرته السويسري. ولو إني مصري، لكني لا أحب التحليل الانفعالي .. أو الكلام الوقتي (باع ناديه، خاسر أكبر، ضيع تاريخه، ضيع مستقبله (!) [مش فاهم ازاي تمشي تاريخ ومستقبل .. والاتنين ضاعوا!]، الخائن، من البديل؟، من الجاني؟، شفتم يا اهلاوية إلخ تعليقات المصريين اللذيذة). أحاول هنا أن أنظر بطرف عين دروجبا، أو أدخل في العقل الباطن لإيتو، أو أقرا أفكار مانوتشو. ذاك الصراع الأبدي على أرض الملعب، صراع على مسرح البطولة .. وكيف أن بطلا على الخشبة، قد لا يظل بطلا للنهاية، وكيف أن الخطأ التراجيدي قد يودي بحياة البطل، ليصعد مكانه آخر، أو آخرون. سيستمر المسرح الأعظم.


أتذكر بيت الشعر التالي دوما عند رحيل أحد اللاعبين المصريين إلى أوروبا


قدر لنفسك قبل المشي خطوها

ه**** فَمَن عَلا، زلقا مِن غِرة زلجا

Category: | Leave a comment
10:51 AM | Author: Al-Firjany
كان معانا في 1998




وكان معانا في 2006 و 2008




وقبل الثلاثة .. كان موجود في 86..





في الماضي، كنا نشعر أن الأمل الأول والأخير في الجوهري، ولكن جاء حسن شحاتة وأعطانا ما بعد الجوهري وكان أفضل (تماماً كما كنا نعتقد أن حسام مهاجم مصر الأوحد، فجاء زكي بانقضاضه ومعافرته فعرفنا ما هو أفضل من حُس). كنا نرفض مجرد التحرك ونفضل الجمود وشخصنة الفوز، ورفضنا سنة الحياة في التغيير، فأتانا التغيير بقوة الجبر، لا بالاختيار. ربما جمود الجوهري وتصويره بالمنقذ (بتوليه قيادة المنتخب عدة مرات) يرمز لحال جمود أكبر سياسي نعيشه، نرفض معه أي فرصة نسمة تغيير؛ راضيين بالقسمة والنصيب، حتى مع سوء الاحوال الاقتصادية والسياسية .. لا نجرب شخصا جديداً بروح جديدة، وفكر جديد. زمان كان الشعار: "الجوهري أصلح" ربما لأننا لم نجرب غيره، ولكن اتضح إنه غيره أصلح وأصلح بكتير. استقبل الرأس الكبير الجوهري وحسام، وها هو يستقبل حسن شحاتة وزكي .. تغيرت الأيام وتغيرت الكؤوس وتغير كل شيء، ووحده جلس رافضا أي ريح بالتغيير، على ما يبدو لأننا نقبل وبشدة بالتغيير في أماكن، ونرفضه في أماكن أخرى، حتى وإن كانت الأخرى تمس حياتنا اليومية أكثر وأعمق. نفرح بشدة ونهلل بالتغيير في قمة الهرم الرياضي على أمل أن يكون الحل، ونترك غيره واحنا متأكدين إنه حله في الحل!ه


الجوهري جرب طريقة مع المنافسين ونفعت حينا ولم تنفع بعض الأحيان، وأتى محسن وتعلم من الجوهري وطور بعض الشيء لكنه لم ينجح، وشحاتة تعلم من الاثنين ونجح، حتى وإن لجأ إلى نفس طريقة سلفه جزئياً ه(لجوءه إلى نفس أسلوب الجوهري بالدفاع المحكم أمام الكاميرون في نهاية المباراة وسحب كل المهاجمين عدا واحدا). هكذا تسير الحياة الرياضية والحياة عموما. حتما سيأتي من هو بعد شحاتة ويصلح أخطاءه .. ه(من يهلل لشحاتة اليوم، سيسحقه بالأقدام غدا كما سحق الجوهري قبله). الحياة أخطاء وعثرات، ونتعلم لنصححها .. نتغير وأحيانا نُغير لنتعايش ونعيش ..


الغريب في كلام المسؤولين المصريين في الاعلام هو محاولتهم تلقين الدروس للشعب الخامل، بأخذ الدرس والعظة من الانتصار بمحاولة التغيير من أجل الأفضل وبذل الجهد في العمل والعرق والكفاح من أجل النجاح. لازم الشعب يتغير إلى الأفضل ويستغل روح الانتصار علشان تطلع روحه في الشغل! كلام المسؤولين ازداد وضوحا مع دخول أحدهم مجلس الشعب واتحاد الكرة لوكشة واحدة، وأطل لنا برأسه اعلاميا، لتحشر الحكومة بوزها في بوزنا حتى في عز فرحنا. الكل يتكلم عن حكمة الفوز في التغيير وكيف يمكن استغلاله شعبياً، ولا يتحدث عن تغيير ذاته. ممكن أطلب منك تتغير، ولكن مستحيل تطلبه مني! لم يسمع الشعب اللاهي لكلام بابا، لأنهم كانوا في الشارع حتى الفجر .. تاركين الوالد البار يتحدث ويستقبل .. أو من ينوب عنه في الحديث .. ويهدي إليه الانجاز (لا تعلم لم نهدي إلى الرئيس الانجاز فقط، ثم يتوارى الرئيس في لحظات الفشل، رغم إن التانية أكتر بكتير من الأولى؟)
ه


استدعيت الجوهري في تحليلي للمنتخب لحالة الترابط ما بينه وما بين شحاتة (مع وجود المد الحالي للمدرب الوطني) وللتغيير المفاجيء الحاصل في أداء المنتخب. كان استدعائي لمدرب من قرن فات، لنعرف أن التغيير أحيانا ما يأتي بالكثير من الثمار، ممكن تكون بعضها مُرة، لكن أكيد فيه واحدة حلوة. كرة القدم المصرية عامة مرت بالكثير من حالات الفوز، وإن كانت حالات الانكسار أكتر .. ومع تكرار الحالات التانية، كنا نغير الهرم الرياضي .. ننسفه، وكانت الحجة في الفشل الرياضي المتكرر (فشل في الصعود إلى كأس العالم، الفوز في كاس الأمم، إلخ) .. أهو نغيره والسلام لأنه فشل، ولكن حتى مع تكرار حالات الفشل السياسي لم نقوى على التغيير .. وخايف أقول لن. الهرم الرياضي واحد من ضمن الأهرامات الموجودة في أي دولة، وهو أسهل هرم ممكن يتنسف في المحروسة، ولكن السياسي لا يمكن، لأن أبو الهول متلقح جنبه لا يمكن حد يزيحه


لا أود بكلامي أن أبدو كالمغترب الآمر الناهي في زملاء الكفاح، وهو رجل على رجل؛ أو الطامح أن يغير غيره من غيره . . أو حتى يبدل غيره من نفسه. الكاتب مصري زيكم، ومن نفس طينتكم، وربما سنظل نتحدث عن التغيير لحد ما احنا نفسنا نتغير أو نخلع من البلد. منتخب الفراعنة كسب، ولكنه مكسب مع التغيير، حتى وإن كان طفيفا. لكن آهو تغيير. ولكن الفراعنة كسبوا ورجعوا لقوا نفس المتفرعن في الاستقبال .. المنتخب في غانا ما لقاش حد يلمه، وفي مصر برضه ما حدش عارف يلم المُستقبِل.
Category: | Leave a comment
2:16 AM | Author: Al-Firjany



فوز المنتخب الوطني أوجد كلام مكرر ومعاد عن أهمية المدرب الوطني ودوره في الفوز، واستدعى معاه الحديث عن انجاز الجوهري. ده كلام نظري جميل، لكن ازاي كان دوره مهم؟! وإيه هي طبيعة الدور؟ في بعض أحيان تفوق المنافسين بدنيا ومهاريا، يأتي دور الحماس والقتال في الملعب وروح الفريق ليغطي على بعض أوجه القصور. تصريح شحاتة على دريم يوحي بمدى قدرة الضغوط على خلق نوع من التحدي لدى الجهاز، نقلها للاعبين من خلال التحفيز والدفع المستمر إلى تحقيق الافضل. كان الحماس لدى اللاعبين يدفعهم إلى الضغط على حامل الكرة والمتحرك بدون كرة في حالة الدفاع أو الاستبسال بمنع دخول الكرة خط المرمى بأي طريقة ولو استدعى الأمر الاصابة (صورة جمعة ودماء الحاجب، أو اصابات الحضري المتكررة، أو تحول حسني إلى مركز الليبرو ضد دروجبا). أما في الهجوم، نتج عن حماس اللاعبين بذلهم جهد مضاعف من أجل الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم وإيجاد مساندة ومعاونة مع متعب وزكي، خصوصا إن أسلوب اللعب المصري اعتمد على الانطلاقات؛ بما يعني جري ومجهود بدني فائق من لاعب اتهد حيله في الدفاع.

لو هأتكلم عن مقارنة – لا أحبها – ما بين المدرب الأجنبي والمدرب المصري، أقول إنه الأول كلامه فني بحت، في حين الثاني كلامه نفسي – فني. المدرب الأجنبي يريد المجد الشخصي، والرد على المنتقدين (أو الحاسدين لمرتبه) في حين الوطني يجمع ما بين الحماس للبلد وعلى البلد مع المجد الشخصي والفريق. أذكر مرة كتب الناقد الراحل ناصف سليم في الجمهورية عن مدير فني لمنتخب مصر في الكرة الطائرة في احد البطولات العالمية. وكما ذهب منتخب شحاتة إلى غانا، ذهب منتخب الطائرة إلى البطولة، مع التوقع المعتاد بالخروج من الدور الأول (!). الظاهر إنها عادة مصرية قديمة. كان ناصف سليم – الله يرحمه – رئيس البعثة بحكم رئاسته للاتحاد المصري (على ما أذكر)، وذكر دور المدرب في إلهاب حماس اللاعبين. اتكلم سليم عن المدرب وكلامه في أحد المحاضرات: إنتم بتدافعوا عن اسم مصر، و بكى وقال يا ريتني كنت لسة لاعب علشان أنزل وأدافع عن المنتخب أحسن منكم. بكى اللاعبون وقالوا "احنا هندافع عنها كأنك موجود وأكتر". وفعلا – والرواية على لسان ناصف سليم – المنتخب عمل مباريات قوية جدا، وفاز في مباريات لم يكن يتوقع له الفوز فيها، وتحدث الكابتن ناصف عن حماس اسطوري للاعبين في الملعب لدرجة أذهلت المتابعين للبطولة وتقدمت بمركز مصر في الطائرة إلى ما أبعد من الأخير بكثير (قياسا إلى مستوانا في اللعبة عالميا). كان الكابتن ناصف في مقاله يتحدث عن نفس المقارنة ما بين المحلي والخواجة، مفضلا الأول على الثاني لأسباب واضحة. ده ينقلني للحديث عن الطابع الوطني اللي بيغلف بعض تحركاتنا وآرائنا بصفة عامة، ويمكن السبب في كثير من حالات الفوز، واحتمال يكون السبب في نكبات أكثر.

أغلب ظني إن أسلوب حسن شحاتة في التحميس وزيادة دوافع اللاعبين نحو المجهود (الضغط على الخصم، الزيادة العددية في الملعب، الانتقال من الهجوم للدفاع والعكس بأسرع ما يمكن) اعتمد على الجانب الوطني، مع وجود شوقي غريب (والجهاز بصفة عامة) بنفس الحس الهجومي في خلفية المسرح الفني. كلام اللاعبين التقليدي اللي بنسمعه على حسن وعن دوره (المدرب الوطني أقدر على فهم نفسية اللاعب المصري، إلخ) يبين فارق في تعامل المدرب الوطني عن الاجنبي مع اللاعب ومع المنتخب عامة. لكن رد فعل الشعب المصري (في مصر وخارجها) يزيد من جانب الشخصية المصرية في الفوز، ويبين تعدد لأدوار الوطنية من أطراف كتيرة (مدرب، لاعبين، مسؤولين، جمهور)، خصوصا مع دخول أغنية وطنية دور المُلهِب في الملعب قبل كل مباراة (تشغيل أغنية "ما شربتش من نيلها" قبل كل ماتش). وده جانب نفسي مهم، يرفع من أسهم الفريق المنفذ أمام فرق تعتمد على مدرب أجنبي يجيد الحديث الفني، وده كلام ممكن ياكل مع اللاعيبة، وتساعد مدرب - من نفس جنسية اللاعبين - على تنفيذ التكتيك وأسلوب اللعب. بمعنى إن المدرب الوطني أحيانا ما يكون أقل فنيا من المدرب الأجنبي أمامه، زي ما الفريق نفسه يقل عن خصمه فنيا وفرديا، لكن الجانب القتالي والحماسي ممكن يعوض النقص عند الاثنين. ممكن نربط الكلام ده أكثر بحالة الجوهري ووجود الكاميرون تحديدا كعنصر مشترك (هزيمة للجوهري وتكرار حالات التعادل معه ومع محسن صالح، وفوز دوبل من شحاتة)
ه


تصريح الجوهري بعد الهزيمة يوحي بانهزامية شديدة، ودافع إلى وصول المعنويات المصرية إلى الحضيض: "هي دي امكاناتنا" .. بما يعني: "احنا كدة وعمرنا ما هنعرف نجاريهم ". لكن، شحاتة اتطور وطور، وقدر يلاعب الأسود بمنطق الصيادين. الأسد لا يستطيع أن يتقي رصاصة سريعة مصوبة نحو رأسه، وعلى هذا كانت الرصاصات الأربعة في المباراة الأولى، ثم انقلب بعض الحال في المباراة الثانية وإن تقلصت الأربعة إلى رصاصة واحدة، واستمر المفعول واحداً – الموت. وضع الفوز في إطار وطني أمر جيد، خصوصا مع التبعات الممتازة التي أوجدها الفوز باحتفالات الجالية المصرية في الكرة الأرضية. كان شعور موحد جدا، وإعطاء الأمل على قدرة المصريين على احداث التغيير، مع وجود قدر قليل من التفكير (لم نستطع فيما قبل الظفر بالاسود، تماما كما فعل أمنحتب، ولكن مع بشوية تفتيح مخ وفتح ملعب استطعنا التعليم على قفاها رايح جاي) ه


فيه عامل مشترك وغريب تكرر قبل عشر سنوات، وهو وجود نفس الشعور العام بالانهزامية فيما قبل ذهاب المنتخب إلى بطولة أفريقيا. كل مدرب سمع وعرف ووعي إنه رأسه التدريبية على كف عفريت في حالة الفشل المتوقع في البطولة (ومش بعيد كان بيفكر هو كمان في اللي جاي من بعده). حسن شحاتة قال في تصريحه على دريم إن الضغوط على المنتخب وعليه كانت حافز للأداء والفوز طوال البطولة، مع استمرار الحافز إلى النهاية، حتى بعد عودته إلى مصر والرد على الخصوم. ساعات كثرة الأسهم خلف ظهرك تدفعك إلى الهروب إلى الأمام. إما تشغل عقلك وتلعب وتكسب أو فالسهام في انتظار رأسك. الهزيمة في مباريات اليوم لم تعد مجرد خسارة خصم وحظ أوفر، "أو بالعربي هارد لك"، ولكن تخطتها بوجود الجهلاء في صفوف الجماهير وتحطيمهم رأس المدير الفني وتعليق باقي رؤوس الفريق على باب زويلة، أو نواح صحفيين في جرائد قومية تلبس الثوب الأصفر، أو كلام ناري لمسؤولين عن محاسبة المقصرين (وهم بالطبع ليسوا مسؤولين عن النتيجة)، أو صيحات عاتية تهدد بالويل والثبور للمدافع الذي تسبب في دخول هدف أو المهاجم الذي أضاع الهدف (عد كدة كام مدرب أطارت المقصلة رأسه من المونديال الأفريقي، واخواته من المونديالات الأخرى، أو لاعب وقع تحت مقصلة هجوم الصحفيين والجماهير). هكذا عار المهزوم، وهكذا السموم على أسنة السهوم، وانت وشطارتك في الإفلات. تعرض الجوهري وشحاتة إلى نفس السهام (وإن اختلفت الكمية حسب حجم الصحافة في عهد كل مدرب، وزادت في عهد شحاتة مع دخول بعض أعضاء اتحاد الكرة إلى الجهاز الاعلامي). كلام شحاتة عن وجود هذا الكم من الانتقاد والهجوم على المنتخب جايز هو من دفع المنتخب إلى الهجوم على المنافسين على أرض الملعب. الدافعية أمر مهم لفوز أي فريق، ومع المصريين أحيانا ما يكون الحماس واللعب على المشاعر الأمر الأهم. وفي وجود كل تلك الانتقادات، نفهم مدى تألق اللاعبين عامة والجهاز الفني بشكل خاص


ه* من ضمن الانجازات التي يتحدث عنها العسكريين فيما قبل حرب أكتوبر 73 هو قدرة الجيش المصري على تحويل الأسلحة الدفاعية من الاتحاد السوفييتي إلى سلاح هجومي سيما على أرض معركة وعرة. الروح القتالية عوضت بعض أوجه النقص لصالح العدو. جايز تذكري هذا هو نفس ذكرى الكثير من الصحفيين أو المصريين بصفة عامة لوقت انتصار عسكري عزيز مع انتصار رياضي عزيز (برضه :). الانسان عامة في أوقات فرحه يميل إلى تذكر حالات الانتصار سابقة لزيادة جرعة الفرح. نستلهم روح الانتصارات الكبرى في النكبات أوالانتصارات كي نؤمن بقدرتنا من جديد. تذكرت الجانب الدفاعي - الهجومي العسكري مع تذكري لحال المنتخب في إيد الجوهري، وتحويل شحاتة للأسلحة الدفاعية المصرية إلى أسلحة هجومية وقدرته على ردع الخصوم، خصوصا مع رؤيتي للملعب كساحة قتال وتكتيك كل مدرب على أرض الملعب كتقسيم عسكريين على أرض معركة. وجود نفس الحالة القتالية في مباريات الفريق المصري أمر جميل، والأجمل تحويلها إلى طاقة إيجابية (على المرمى)، وبنسبة عالية من التسجيل. حسن شحاتة لم يلعب بمهاجم واحد (حسام مثلا في حالة الجوهري) .. ولم يلعب بثلاثة في خط الوسط، فيما كان أداء حسني – شوقي (حسن) تماما كثلاثي هاف ديفيندرز، بوجود التناوب الجيد في الدفاع والهجوم. الشحن النفسي والمعنوي رفع من مستوى متوسطي الخبرة الدولية زي هاني سعيد وسيد معوض في مواجهة أحد أقوى مهاجمي العالم، وساعدهم شحاتة وزملائهم، وهم ساعدوا أنفسهم. يمكن يحسب للجهاز الفني ككل حدوث التكامل النفسي والمعنوي ما بين أفراده (شحاتة – شوقي وصدقي) والتكامل على أرض الملعب ما بين اللاعبين بتبادل الهجوم والدفاع فيما بين أفراده. البطولة تثبت صحة التطبيق الفعلي لمصطلح اللعبة الجماعية، وأن نجما وحدا قد لا يكفي (إيتو أو دروجبا أو مانوتشو)، وأن الإيد الواحدة كما لم تصفق مع ليبيريا (جورج وايا) .. لم تصفق مع الكاميرون أو الكوت، فيما كانت "عاصفة" التصفيق من جانب الفريق المصري ككل.
Category: | Leave a comment
11:16 PM | Author: Al-Firjany
على ما يبدو إننا تخطينا بنجاح مرحلة الفرحة إلى مرحلة النكد بسرعة تكاد تحسدنا عليها فرق البطولة الافريقية. عُرف عنا في البطولة سرعة الهجمة المرتدة والتحول من الدفاع إلى الهجوم والعكس، إلا أننا نثبت مهارة أفضل في سرعة الدفاع عن الانجاز، لنبدأ في هجومنا علينا. والله المصريين دول ليهم العجب :)) .. وليهم حاجات تانية، بس مش وقتها. نحاول أحسن نتجه للتحليل الفني، وبدل ما حسن شحاتة شغال توزيع اتهامات على الخصوم والاتحاد .. وكل اللي شافه ولا صلى على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ممكن نشتغل في التحليل حول دور حسن مع المنتخب وتحليل أداء المنتخب في البطولة الأهم في 2008 على إيده وتحت قيادته، مع فلاش باك إلى عصور الجوهري ومحسن صالح، ونشوف عصر حسن شحاتة الأول




في بطولة 2002، وبعد خروج منتخب مصر على إيد الكاميرون بهدف سكة من باتريك مبوما، طلع الجوهري ومعاه (أو بعده) المدرب محمد أبو العز وقالوا: "هي دي إمكانياتنا". على ما يبدو إن الجوهري كان يتمنى أن يفعل مع الكاميرون ما فعله قبل 4 سنوات مع الكوت ديفوار. ولكن الكاميرون فهمت اللعبة، وعرفت تلعب. لكن الغريب كان في تركيز الجوهري وجهازه في عريضة دفاعه أمام جمهور النقاد الثائر على "دي امكاناتنا" .. ولا يمكن مجاراة الكاميرون في الهجوم (أو السرعة أو الارتداد أو اللياقة، إلخ)، والأغرب كان في تركيز رد الدفاع على إننا بلد 60 مليون (وقتها) وازاي تبقى دي امكانتنا واحنا عندنا ما هو أفضل، إلخ. لكن كالعادة لم يشرح النقاد الرياضيين كيف يمكن لنا مجاراة الكاميرون أو ما ساواها من الفرق الأفريقية ومن ثم التغلب عليهم؟ حاولنا مع المدرب الأوروبي (جيلي وتارديللي) وفشلنا .. وحاولنا مع نسخة معدلة من المصري (محسن صالح) . . ونفس المصير. لكن كيف نجح شحاتة في التعليم على الأسود رايح جاي؟

محسن صالح كان مرحلة انتقالية مهمة فيـما بين الجوهري وحسن شحاتة – كمدرب وطني وقعد فترة طويلة (أطول من المدربين الأجانب). الجوهري في بناءه الخططي للمنتخب المصري مع الفرق الكبيرة كان يعتمد على التأمين الدفاعي في المقام الاول، مع اهمال متعمد للشق الهجومي، أو تركه حسب تساهيل الماتش . صالح حاول يطور المفاهيم الهجومية بعض الشيء للمنتخب، ولكن محاولته لم تأت ببعض الثمار واستمر في حالة التأمين الدفاعي، ولكن نقلت اللاعبين ومعاهم المنتخب نوعا إلى ما أبعد من الدفاع. في بطولة كأس الأمم الأخيرة وقبل الأخيرة انتقل المنتخب جيدا إلى منطقة هجوم الخصوم مع حسن شحاتة، مدفوعا في الأولى بقوة الأرض وحماس الجمهور، وانتقل بدوره إلى المدرب واللاعبين ومعها انتقلنا إلى الخطوط الأمامية. المدربين الأجانب لم يستمروا فترة طويلة، لأن خلقهم ضيق أكتر من المصري وربما لم يدفعهم المناخ الحاسد والناقم على مرتبهم أن يستمروا في المحروسة. نقدر نقول إن الأول ركز على النقطة الدفاعية وما حول الـ18، في حين نقلنا الثاني إلى منتصف ملعب الخصوم على استحياء، ثم انتقلنا مع الثالث إلى منطقة جزاء الخصوم. وهكذا كل مدرب يأتي ويضيف .. وتلك ميزة مهمة للتغيير، بدلا من البقاء في دائرة واحدة .. مع مدرب واحد، في عصر متجمد.

المقارنة هنا ليست بين عهدين .. ولا ثلاث، لأن كل مدرب وله طريقة، وكل وقت وله تشكيلة.. وكاميرون 2002 غير كاميرون 2008 . لا يصح المقارنة بأي حال من الاحوال بين مدربين، أو بين مباراتين في زمنين مختلفين، لاختلاف كل شيء عن كل شيء. ولكن كلامي بالأحرى عن بعض من الظروف التي هيأت وتهيأت أمام أبو كريم للعب بأسلوب هجومي. محسن صالح حاول جدا الانتقال باللاعبين إلى المرحلة الهجومية، بعد أداءه الهجومي العالي مع الاسماعيلي، ولكن لم ينجح، رغم وجود قماشة جيدة من حيث زيادة أعداد المحترفين أوروبيا (نظريا) وقراءة الانتقادات ضد الجوهري على طريقته الدفاعية البحتة، بالتالي محاولة التطوير والخروج من عباءة الدفاع الصريح (بعد خماسية فرنسا أدخل صالح الجوهري في عريضة الدفاع متهما الطرق الدفاعية في المنتخب بأنها السبب). يمكن لم تكن الأمور في صالح شحاتة لو تولى الدفة مثلاً بعد الجوهري (ومعاه انتقال مفاجيء من الدفاع الصريح، إلى التلميح بالهجوم)
ه





أسلوب لعب حسن شحاتة

الكلام كتير على شحاته إنه أوجد للمنتخب دور هجومي؛ وتكررت جملة "التواجد الهجومي" أمام فرق بقوة الكوت ديفوار والكاميرون ومع أحصنة سوداء (زي أنجولا، وكانت السودان مرشحة لدور الحصان، ولكن اتبرى منها الحصان)، ويتكرر الكلام حتى وإن كنا أعلى أمام الفرق الكبرى، ونتضاءل أمام الصغرى (ودي نقطة هأتكلم فيها بعدين). نقلت عن أحمد عز في تحليل مباراة الكاميرون رؤيته لطريقة شحاتة على إنه يحاول فتح أطراف الملعب. يمكن يكون الكلام صحيح، والنتيجة إن الفريق المنافس ينفتح أمامه الملعب بالعرض ويسمح له بالتفوق على مصر بدنيا ولياقيا (لوجود القوة والسرعة في كل المنتخبات اللي لاعبناها تقريبا) ولكن الفتح حصل معاه غلق للمساحات أمام الخصم. ازاي؟

كلنا رأينا أسلوب الضغط المتبع من المنتخب المصري، وحماس وقتال اللاعبين مع المنتخب، على الخصم بشكل عام وعلى حامل الكرة. كيف ساعد الحماس والسرعة في الانقضاض على المكسب؟ اعتمد حسن شحاتة في بعض المباريات على ثنائي ارتكاز خطير جدا، قادرين على سد أي عجز هجومي أو دفاعي، بوجود الرهيب حسني، أو المتحرك شوقي. تشعر إن التكامل على أشده بين الثنائي في ناحية التواجد الهجومي او العكس. حسام غالي كان قال مرة على محمد شوقي (على ما أذكر في بطولة كأس العالم للشباب بالارجنتين) إنه لاعب يريح أي زميل يلعب بجواره. كلنا شفنا حسني ودوره الهجومي مع المنتخب وتقدمه وتسببه في بعض ركلات الجزاء (وممكن تسميها ركلات ترجيح النتيجة .. وترجيح كفة مصر)، مع وجود شوقي في العمق مترصد ومتحفز لأي هجمة للخصم على المرمى المصري. كلنا تابعنا وجود حسني الهجومي لأنه الظاهر، ولم نلحظ التمركز الخفي لشوقي في الدفاع، (وهو نفس الدور اللي قام به حسن في فرصة حسني في العارضة في مباراة النهائي). وجود حالة التكامل الفريد في خط الوسط أعطى أفضلية مطلقة للمنتخب المصري على بعض منافسيه. والأكثر إثارة كان في تمركز هاني سعيد خلف ثنائي الوسط في بعض الاحيان في حالات هجوم المنتخب المصري. كان ممكن أقول إنه ذكاء من سعيد، مع تلميح من المدرب، ولكن تكرار التمركز الجيد يوحي إنه تلميح وتوجيه من المدرب أكثر منها ذكاء لاعب. [بالمناسبة ده كان نفس أسلوب ابراهيم سعيد فيما مضى في بعض لحظات توهجه وساعد بشدة على ظهوره اللافت، ولكن يستحيل دوام الحال مع أبو خليل]. ممكن نقول إن هاني سعيد ليبرو متأخر للاعبي الوسط، ومتقدم عن لاعبي الارتكاز، وهي طريقة مستخدمة أحيانا في 3-5-2، تحولها إلى 2-1 في الدفاع (جمعة وشادي وأمامهم هاني) و1-2 في خط الوسط بوجود شوقي – حسني في الهجوم وتقدم نسبي من سعيد خلفهم. ده كان أسلوب جيد ونفع في انجاح خطة لعب تُهاجَم من الجميع على أنها بالية، ويبقى اللعب في ساحة الملعب أهم من اللعب على الورق.

كلنا شبه متفقين على وجود تفوق فردي من بعض المنتخبات على منتخب مصر. مثلا لاعبي المنتخب الايفواري أو الكاميروني أو حتى بعض أفراد منتخب أنجولا كانوا أعلى فنيا من المنتخب المصري، ولكن لأن اللعبة جماعية، استعان لاعبو المنتخب ببعضهم لإكمال بعض أوجه النقص فيهم كأفراد، ومد لهم حسن شحاتة يد المساعدة في بعض المواقف. المثال الصارخ هنا كان في مساعدة بنيان عمرو زكي لحماس وذكاء سيد معوض في مواجهة المرعب كيتا، إلى جانب وجود متعب وميله النسبي باتجاه فتحي ضد بوكا (الوجود الخطير لبوكا تقريبا انحصر في العرضيات من كرات ثابتة ودمتم)، إلى جانب رجوع حسني مع خط الدفاع لمواجهة قوة دنداني ودروجبا أو مساندة معوض أو ضد انطلاقات إيبالي (الكاميرون) أو ضد انطلاق فلافيو أو مانوتشو (لو نزل في الوسط للاستلام) أو جلبرتو. حالات الضغط الثنائي أو الثلاثي في المنتخب ساعدت كثيرا في الحد من خطورة أفراد المنتخب الايفواري، وساعد على ده تألق غير عادي من الحضري لو أفلت لاعبي أي منتخب (وبالذات الايفواري والكاميروني) من المتاريس الاسمنتية أمامه. نفس الأمر تكرر أمام أنجولا واستعملناه على الخطير جدا مانوتشو، ومعاه فلافيو بوجود شادي رقيب، وتناوبه مع هاني على اللاعب، أو دخول جمعة لمواجهة القادم من الخلف في حالة الافلات من ثنائي اارتكاز المصري الوسط. يمكن يبان الأسلوب تقليدي بعض الشيء، لكن اللي تصعد بيه، العب بيه. جايز أسلوب اللعب المصري اللزج على منتخب الكوت وغيره يفسر لنا كثرة تعدد الأخطاء حول نقطة الجزاء. في كرة اليد، كثرة الفاولات المحتسبة لصالح الفريق المهاجم دليل ضعف وعدم إجادة التسجيل، ومهم جدا تسجيل الهجمة من خصمك وإلا ستنقلب عليه بمرتدة و99% هدف، إلى جانب أن المنتخب الذي يفشل في احراز هدف وتتعدد الاخطاء لصالحه يحتسب عليه لعب سلبي وخطأ لصالح الخصم. بالمثل، لم يستفد المنتخب الايفواري بتعدد منصات الأخطاء لصالحه.

الانتقال من الشق الدفاعي إلى الهجومي في منتخب مصر كان في بعض الاحيان يتم عن طريق الضربات الثابتة أو تحرك ضئيل من حسني إلى الأمام، ويزيد التحرك كلما ظهر ضعف الخصم أكثر. استمرت ركلات الجزاء لصالح المنتخب المصري على مدار البطولة (فيما عدا آخر مباراتين) وساعدت المنتخب على فتح الخصم لبعض خطوطه وبالتالي نجح المنتخب في التسجيل في الاشواط الأولى. لكن حتى مع التأخر للثاني في مباراة النهائي (الاستثناء الوحيد) لم ينجح الكاميرون في أخذ مبادرة التسجيل. تشعر إن المنتخب المصري لا يعطي للآخر فرصة للانقضاض أو الظفر بالمباراة. لازم احنا نسجل الأول، ونترك رد الفعل للمنافس إن استطاع (حالة التعادل الوحيدة كانت أمام زامبيا، وكان في المباراة تنفيذ لسلوك اللاعب المصري بالهبوط في المستوى لهبوط مستوى الخصم). الاستخدام الفائق للضربات الثابتة علامة مهمة أحيانا ما تستغلها الفرق الأقل قوة أمام الفرق العتية، وهي تعتبر سلاح مهم في مباريات الفرق الواقعية أمام خصوم أقوياء أو مهاريين (فوز ميلان أو اليونان أمثلة مهمة جدا لازم نذكرها). كان المنتخب المصري يعتمد على توزيع هجومي جيد في الكرات الثابتة (الضربات الركنية) أتاحت لنا تسجيلا ثنائيا أمام الكوت، وفي كرة ثابتة أتاحت لنا هدف السبق أمام أنجولا.





اعتمد شحاتة على طرفي الملعب لم يتغيرا طوال البطولة إلا نادرا. معوض وفتحي كان دورهم الدفاعي والهجومي بالتناوب، مع وجود مساندة من زكي للأول، ومتعب للثاني، وانضمام فتحي وحسن للمساعدة لو الأمور أزمت. لغياب مهارة المراوغة عن الثنائي كانوا يعوضوها بالسند على تريكة أو زيدان، وهم يحلوا الموقف بمعرفتهم. كان التناوب جيد جدا ويرجعنا لنقطة اللياقة والحماس للاعبي المنتخب. حاول شحاتة إيجاد أدوار متعددة لكل لاعب، سواءا دفاعا وهجوما، ورغم انها أدوار منهكة + إنهاك الجري والجذب مع الأفيال والأسود والظبيان، إلا ان المنتخب عرف يصد، ويرد ويردع، وتغلب اللاعبون على فارق السرعة بوجود فارق الحماس.




دور شحاتة النفسي مع المنتخب جايز أعمق وأوضح من الفني، مع رؤيتنا لقتال زيدان ضد سونج، أو قتال حسن في الوسط، أو توهج حسني وهاني أو باقي اللاعبين. الدور يظهره تصريح لوائل جمعة لما قال إنه لاحظ توتر دروجبا من التصاقه به (لازق فيه أكتر من هدومه)، فوائل زودها لاخراجه عن شعوره. ضغط بدني نتج عنه عصبية وضغط نفسي على اللاعبين ساعدنا بشدة على الفوز، ودي معارك ثنائية في الملعب تسهم في تفوق نسبي على لاعبين بحجم وأهمية دروجبا، ويمكن تفسر لنا انزواء ايتو عن الظهور في مباريات مصر تحديدا. حسن شحاتة استفاد بوجود حوالي 7 أو 8 لاعبين في مستوى متميز جدا، وخلفهم حارس اسطوري وساعدهم بوضعهم في الاماكن المناسبة، وهي ميزة لم نجدها في منتخبات قوية وظفت لاعبين مميزين في غير أماكنهم فظهروا ضعفاء. إلى جانب المميزين من المنتخب المصري ظهر الباقي في حالة كفاح مستمر، ورغم إني كنت قلق من معوض لكنه حاول بشدة أمام لاعبين عتاولة في الجانب الأيمن، ومد له شحاتة يد المساعدة بلاعبي الارتكاز أو احد لاعبي الهجوم، فكان له الظهور الجيد، وإن انحصرت ايجابيته الهجومية في هدف زامبيا مع كرات ضئيلة أخرى. صعب تلاقي في منتخب واحد كل اللاعبين متألقين وممتازين و10/10 ولكن مع وجود حالة الاستنفار المصري والضغط البدني والعصبي على الخصم، أمال المنتخب المصري ميزان اللعب لصالحه بشدة. وهو ما يميز دور المدرب الوطني وله تفصيل بإذن الله في الجزء الثاني من المقال.
Category: | Leave a comment
11:10 AM | Author: Al-Firjany

حالات تشبيه المنتخبات الأفريقية بحيوانات الغاب الأفريقي يستدعي معه تشبيه صراعات اللاعبين بالقتال من أجل البقاء مع تحول عشب الملعب الأخضر إلى حلبة الصراع. أغلب المنتخبات وجدت لنفسها حيوانات ضارية للتشبه بها، ويمكن الفراعنة الاستثناء الوحيد. صراع الغاب ينتقل إلى مختلف البطولات الأفريقية؛ وكنت اتكلمت في السابق عن وجود نفس الصراع الدرامي في بطولات أفريقيا للأندية أبطال الدوري، من حيث وجود زئير أسود ما بين فرق البطولة. نفس الأمر في بطولة أفريقيا، بوجود أسود وظبيان ونسور وصقور .. أو حصان أَسْود .. تشكيلة من حديقة حيوانات، تأخذ الطابع البشري، بلا قتل أو دماء، وإن كان الموت في بعض المباريات أرحم من الخسارة.


في أثناء تحليلي للقاء مصر وأنجولا قلت إن الخوف على مصر من صعود أنجولا كبعبع جديد في القارة الأفريقية، يسعى إلى لقب الحصان الأسود في البطولة. وكان لقاء مصر مع أنجولا كلقاء فريق طامح إلى اللقب في مواجهة حامل اللقب. أسدين؛ كل واحد فيهم نفسه في وضع اليد على العرين. ويمكن ده يفسر وجود شراسة من أنجولا وتزايد مقاومتها وقدرتها على التعادل والردع ضد مصر. ولكن مبدأ صراعات الأسود نفسه موجود، حتى فيما بعد أنجولا، ويمكن دي كانت أحد الصعوبات اللي واجهت مصر في طريق احتفاظها بالبطولة، لرغبة الكل في لعب دور الأسد الجديد .

لكن العدسة جالت ووجدت نفس منطق الأسود موجود في لقاء مصر والكاميرون. منطق الصراع ما بين اللاعبين .. وظهور قوة واختفاء أخرى. صراع ما بين الايدي والأرجل .. ودراما أخاذة في لقطة جمعت ما بين سونج وزيدان في هدف الفوز المصري. يستهويني جدا التوغل الأدبي إلى ملعب كرة القدم (دون وجود شبهة تسلل)، ومرور المباراة صعودا وهبوطا ... مدا وجزرا ... هجوما ودفاعا ما بين المتبارين. في مباراة الفراعنة والاسود كان السجال والمصارعة ما بين الفريقين في مناحي كثيرة من المباراة، مع وجود حمى الذهب كسعار لكل لاعب، والصعود على المنصة واحتلال العرين كحافز ملهب لكل فريق. هذا الصراع تم تصغيره في كرة مشتركة ما بين سونج وزيدان


زيدان لاعب صغير السن .. يافع، ولكنه ليس مفتول العضلات أو بقوة الأسود. أ. المستكاوي قال على المنتخب إنه يستعمل ذكاء الثعالب في مواجهة الأسود. ويمكن ده اللي اتبعه زيدان أمام سونج في كرة مشتركة ميئوس منها. كان الصراع ما بين لاعب بلغ من الكبر والاحتراف عتياً، ولاعب يشق طريقه .. أو بالأحرى يبحث عن طريق. سونج وصل إلى مرحلة الذروة فيما قبل بطولة 2006 مع الكاميرون، ولكن زمنه صار إلى زوال .. زيه زي غيره من الأسود (كوفور، رمزي، وغيرهما) ... ولكن قبل انزواءه بما يليق بهيبته تعرض لضغط ومراوغة أشبه بضغط يجمع ما بين خفة الثعلب وقوة الشبل، وإن كان لا يزال قيد البناء والتطوير. كانت معركة ما بين عهدين .. ما بين جيلين .. حماية عرين الكهل .. من غزو شبل شاب



الكرة المشتركة نفسها تمثل قمة الصراع الإنساني، وفيها ما فيها من دفع وركل وطرح وضرب، والحكم يتابع الموقف .. والجمهور قلق من نتيجة المواجهة: من ينصب نفسه ملكا علينا؟ .. سونج حاول طرح زيدان أرضا، محيلا إياه من شبل إلى ثعلب ضعيف، لكن زيدان حماسه أعلى .. وذكاءه أشد . . فرضي بدور الثعلب بضع ثواني .. ليقوم معيدا الكَرّة على حامل الكُرة. غرور الأسد القديم هيأ له أن الخطر زال وأن الكرة أصبحت بحوزته .. وأن العرين قد صار في مأمن بعد محاولة يائسة من شبل صغير .. لكن جياع الاسد أكثرها زئيرا، ونفيرا ... استعان زيدان بأسد آخر قادم من بعيد .. ليكمل معه الضربة الثنائية القاتلة.




تشبيه الكاميرون بفريق الأسود تشبيه بليغ .. ولكن الفراعنة فيما مضى كان معروف عنهم صيد الأسود ، وكانت هواية لدى بعض الملوك وكانت دليل على قوتهم (على سبيل المثال، عرف عن أمنحتب أنه اصطاد وحده أكثر من 100 أسد). كنا ندرس في الكلية في الأدب الانجليزي عن سخرية الأقدار وكيف أن اسم البطل ممكن أن ينبي عن حاله، أو أن يحدد مساره في القصة، وكيف أن كلمة يقولها البطل في ثنايا حواره، قد تكشف - دون أن يدري - عن مصيره في نهايتها. الاسود تهاجم بقوة وبعنف .. لكن حين تهاجم بوجهك .. ظهرك يصبح عاريا، وقوتك قد تخدعك فلا تكتشف نقاط قوة الآخرين ولا تكاد ترى ظهرك المكشوف. هجمت الكاميرون في كثير من لحظات المباراة، واعتمدت على نجم عالمي في الهجوم، فيما تركت دفاعها لأسد عجوز، كان مرعب المهاجمين فيما مضى "ع السيرة"؛ ولكن العجوز لم يعد مخيفا كما كان، وجار عليه ما جار على غيره. قانون الغاب لا يرحم الضعيف، وكما رفعت أكاليل الغار لشجاعة زيدان (زين الدين زيدان يعود من جديد، زيدان يقسو على الأسود، مكانك في الريال يا بني، الفرعون البطل الصغير)، نزل سونج إلى ما دون الهاوية (ده كبر وخرف، اعتزل وارحمنا، سبب النكبة، أو تعليق في الجول الظريف عن مذكرات اوتوبفستر "أنا وبشير وسونج"). هكذا الدنيا يوم لزيدان .. ويوم على سونج، وبعد أن كان سونج في تشكيل أسود الكاميرون، صار من "خيل" الحكومة.



هكذا قانون الغاب .. وطالما دخلت في الغابة .. عليك الانصياع،


إن لم يكن طوعا، فستدفع حياتك ثمن العصيان

Category: | Leave a comment
6:52 AM | Author: Al-Firjany




لن تجد مساحة كافية للعقل في أوقات الانتصارات؛ تماما كما تتلاشى نفس المساحة في أوقات النكبات. مع شعب عاطفي، تواق إلى انتصار يلهيه عن واقع مرير، ويعيده إلى الثقة ويعيد إليه الثقة، تجد الشعور بالفرح الطاغي تحت قيادة طاغية. ومع الانتصار تقل مساحة التحليل والكلام الفني، لتفسح المجال أمام كلام من نوع آخر (تهاني ومباركات، الابطال، الوحوش، إلخ). ولكن الغريب وجود اتهامات حتى في عز الفرح، وانعدام كلي للاستماع إلى أي طرف، إلا الذات. الكل يمتدح الفريق دونما تحليل لدور كل منهم .. والكل يرفع جهاز المعلمين على الأعناق .. دونما تحليل لأسلوب عملهم. قبل قراءة مقال أ. المستكاوي اليوم كنت على وشك طرح نفس علامات الاستفهام والتعجب عن أسباب عدم وجود تحليل لمباراة النهائي، أو عن سبيلنا إلى الصعود إلى المنصة، أو عن سبب فوزنا بالذهب وغيرنا بالفضة والبرونز .. والصفيح؟ كالعادة انتظرت التحليل حول المباراة او مشوار مصر عامة أو أسلوب عمل شحاتة مع المنتخب المصري، ولكني لم أجده إلا من نفس الشخصين: أ. حسن المستكاوي، وأحمد عز على موقع في الجول. أحاول هنا في المقال الاجابة على السؤال: "كيف فزنا؟" والتركيز على مباراة الكاميرون مع ترك تحليل لمسيرة مصر في البطولة لمقال آخر بإذن الله.
لا يمكن استبعاد مباراة الدور الأول من المشهد عند تحليل لقاء النهائي. بداية المباراة تنذر بإن الكاميرون حفظت مصر فعلا وعازمة على محو آثار أول مباراة في البطولة من خلال آخر مباراة فيها، ولكن كلما تقدمت بنا المباراة، يتضح ان الكاميرون تحاول الهزيمة بفارق أقل من 4. ظني إن تكتيك شحاتة اعتمد على بعض التأمين الدفاعي في البداية لامتصاص الغضبة الكاميرونية، مع عدم اغفال – وده الجانب الأهم – للشق الهجومي. كل ده كلام نظري على الورق، على أرض الملعب تجد حوالي 7 لاعبين بمهام دفاعية بحتة، وفي نفس الوقت بعضهم يؤدي دور جيد أمامي، وهو نفس تشكيل وتكتيك المباريات السابقة. اعتمد المنتخب كالعادة على وجود حسن – حسني في الوسط مع مساندة للأطراف ومن الاطراف، وكان التقدم على استحياء من فتحي في اليمين، ومتكرر من معوض في اليسار، بما اعطى الملعب شكل شبه مائل أوله عند معوض وآخره في اليمين، على الرغم من وجود جيريمي في جبهة الكاميرون اليمنى.

أتاح التسجيل المتأخر لمصر في الشوط الثاني معرفةً أقرب لتحرك المنتخب الهجومي ورؤية طويلة لأسلوب اللعب المصري الهجومي بصفة عامة في البطولة. المنتخب المصري كان يعتمد على التسجيل المباغت في المباريات السابقة (في المعظم من ضربات جزاء) في الشوط الأول، وانتظار رد فعل الخصم الهائج الباحث عن التعادل، واستغلال المساحات الخلفية. لم يستثمر خط الوسط المصري وجود سونج المصاب من بداية الشوط وبعد تغييره إلا على استحياء. الشق الهجومي اعتمد على وجود ثنائي هجومي صريح تحتهم ابو تريكة، مع ميل الأخير باتجاه اليمين (لتعويض تأخر فتحي) وأحيانا متعب. تأخر فتحي النسبي كان لإعطاء مساحة أمام تواجد هجومي في المنطقة اليسرى للكاميرون، وهو ما يفسر وجود فرصتين لتريكة ومتعب في نفس المكان. الجانب الآخر كان في نقل الكرة بسرعة من النقطة الدفاعية لمصر إلى دفاعات الكاميرون. دفاع المنتخب المصري كان ظاهري لأنه تكتيك استمر عليه المنتخب طول البطولة من حيث إغراء المنتخب الكاميرون لفتح الملعب طوليا أكثر. حاول الدفاع المصري استغلال الكرات الطولية لمتعب وزكي، مع سقوط تريكة إلى المنتصف لتوسيع المنطقة ما بين لاعبي الدفاع الكاميروني والوسط. لاحظت تكرار اللعبة على مدار المباراة أكثر من مرة، والغريب هو المراهنة على الهجوم في استخلاص الكرة من لاعبين بقوة الكاميرونيين ونجح الهجوم في كرة واحدة .. هي كرة البطولة.

التكتيك تقليدي ويظهر سهل على الورق، ولكنه ليس سهلا على الاطلاق في التنفيذ (طبيعي وجود الفوارق بين الورق، والعرق). العملية تتطلب دقة في التمرير إلى اللاعب المهاجم، اللي المطلوب منه التحرك في منطقة خالية أو ثغرة تتيح له الاحتفاظ بالكرة لحين انتظار مساندة وتحرك من تريكة أو احمد حسن او حسني، أو وجوده في منطقة تسمح له بالتسديد المباشر على المرمى. الجانب المفيد في هذا الفكر الهجومي هو فتح دفاع المنافس على البحري لأنه أي انطلاقة من خط الوسط أو المهاجم المعاون تتيح له مساحات تكفي وتسمح بالتنفيذ الايجابي على المرمى أو التسجيل.

في المقابل اعتمد منتخب الكاميرون على ما لم يستغله منتخب كوت ديفوار. في تحليل مباراة الكوت ذكرت ثغرة في منتصف الملعب المصري سمحت بتهديد مرمى الحضري، وأتاحت لكيتا التسجيل. حاول منتخب الكاميرون استغلالها من خلال مرتدات سريعة وانطلاق بارق من لاعبي الوسط إيمانا والخطير إيبالي (نسخة مصغرة من خطورة كيتا) ومعاونة مع إيتو في الهجوم لافراغ مساحات للقادم من الخلف. بالفعل سنحت بعض الفرص في الشوط الاول للكاميرون، خصوصا مع نصب التسلل من جانب الدفاع المصري لمواجهة سرعة القادمين من الخلف، واحكام الحصار حول إيتو، تاركين الاقل منه ذكاء للوقوع في المصيدة. ساعد وجود هاني سعيد بشدة على دفن بعض محاولات الكاميرون من الوسط، عن طريق تمركز مبهر خلف حسني – حسن في حالة الهجوم المصري أو من خلال التعاون مع قلبي الدفاع. الجميل في اللعب المصري هنا كان في الضغط على حامل الكرة. لا تكاد تستمر الكرة في قدم لاعب كاميروني ثانيتين أو ثلاثة حتى يفاجأ بضغط من الخلف ليزدوج الضغط عليه من رقيبه الأساسي. كان حسن يضغط لصالح معوض في اليسار، أو جمعة إن كان الأقرب، مع فتحي وشادي في اليمين وأحيانا معاونة من حسني. كماشة الضغط تتألف من الظهير إلى جانب أحد لاعبي الارتكاز، واحيانا يكون الضغط ثلاثيا لو لاعب الكاميرون ساق فيها. على أن الخطورة تركزت كما قلت من خلال مرتدات الكاميرون خلف حسن أو حسني المتقدمين لمعاونة الهجوم. وكان مدهش بالنسبة لي كم الضغط من لاعبي مصر وقدرتهم على الصد والردع أمام منتخب بقوة وسرعة الكاميرون طوال 90 دقيقة، وده جانب يصب بشدة في خانة المدرب الوطني وقدرته الاستنفارية للاعبين، ويبين إنه يمكن الشحن المعنوي يعوض فوارق سرعات وفوارق امكانات.

الغريب في وجود حالات فرح العمدة بحسن شحاتة هو انتقاد لوجود متعب في التشكيل. نتفق مع بعض الأول: الهجوم المصري كان عنده واجبات متعددة؛ منها الضغط على ظهيري الكاميرون (في حالة الدفاع)، والاستلام الطولي من لاعبي الوسط أو الكرات الساقطة في المرتدات المصرية (في حالة الهجوم)، والتسجيل من خلال اللعب على الاطراف أو في العمق. متعب كان يؤدي الدور على الطرفين جيدا وأتيحت له فرصة على طرفي نقطة الجزاء الكاميرونية، ولكنه لم يستثمرها، ولكن مهارة الاستلام والتسليم كانت موجودة. اختار شحاتة التضحية بمتعب على غير العادة، ليحل محله زيدان لتأخر هدف المبادرة المعتاد، مستعينا بنفس تكتيك آخر مباراة الكوت ديفوار، بوجود الثنائي زيدان – تريكة في المنطقة الأمامية.

اللعب كان عشوائي نسبيا في الشوط الثاني، وإن شهد أكثر الهجمات المصرية تنظيما. في كرة حسني عبد ربه كان التوزيع النموذجي للفريق المصري بوجود فتحي في اليمين ويعاونه تريكة، مع وجود عمرو زكي وحسني عبد ربه (!) في الـ18 في مغامرة هجومية، في حين أحمد حسن كان متأهب في حالة الهجوم العكسي المرتد. التوزيع ده المثالي في حالة الهجوم المصري ويمكن واحدة من أفضل الهجمات المصرية في البطولة عامة، لتخلينا عن الكرات الطولية، واستخدام الطرفين في العرضيات. ولاحظ إن أحمد نجح في قطع الكرة بعد ارتدادها من القائم. نزول زيدان كان لزيادة الضغط وقدرته على التسليم والتسلم وربما أخره الجهاز الفني لمصر لعدم اكتمال اللياقة أو لادخاره جزء من المباراة (نوع من اللاعبين على الدكة يلعب 20 دقيقة أفضل من 90).

هدف أبو تريكة يمثل التكتيك الهجومي المصري المتبع في المباراة من أولها. قطع الكرة من الطرف، ثم ارسالها طولية إلى مهاجم مصري على طرف الملعب مع الكاميرون بانتظار اندفاع خلفي من حسني أو تريكة أو زكي. الغريب إن الكرة سقطت لسونج وحاول فيها زيدان وكان ممكن تريكة لا يجري فيها لأن المعركة غالبا لن تكون لصالح زيدان. ولكن اللي يهمني في الهدف نفسه أسلوب نقل الكرة (ممكن تفتكر جون تريكة الثاني في السودان .. أو هدف زيدان الثاني في الكاميرون في الدور الأول .. أو هدف تريكة الرابع في الكوت). كلها كرات متطرفة بعض الشيء انتظارا للقادم من الخلف ... وعيش انت والشبكة. شحاتة اعتمد على المدافعين في ارسال الكرات الطولية إلى مهاجمي مصر، ولكن لم يدر بخلده أن ينضم مدافع المنافس إلى بناء الهجمة بوجود سونج كعنصر مدعم لها :-). الهدف المصري في حد ذاته جدير بالتأمل، ليس لكونه هدف بطولة، ولكن لعبرة أخرى في المعركة ما بين سونج وزيدان سأحاول تفصيلها في المقال التالي بإذن الله



الغريب إنه على الرغم من وجود ثغرات في خط الوسط لم تُستغل من المنافسين إلا نادرا، إن المنتخب لم يلعب بثلاث لاعبين هاف ديفيندرز، وهو الغالب في حالات ميل الوسط إلى الدفاع، واستعمله بعض المدربين مثل الطليان في كأس العالم، وأحيانا جوزيه في مصر ومورينيو في تشيلسي لتغطية عيوب الدفاع. لكن شحاتة اختار توسيع طرفي الملعب، على رأي
أحمد عز، وأسلوب الاعتماد على الاختراقات من العمق (نسبة الاهداف من العمق أعلى نسبيا من الأطراف). التكتيك في حد ذاته غريب لأنه توسيع رقعة اللعب مع فريق سريع ولياقته أعلى ممكن يأتي بنتائج عكسية. أوتوبفستر وقع في فخ جوزيه في مباراة السداسية خصوصا مع تسجيل هدف مبكر في مرماه. النقطة الثانية هي وجود ادوار دفاعية أغلب فترات المباراة، مع الاعتماد على الهجوم المرتد الخاطف. ناس بتتكلم على الأسلوب الهجومي لحسن شحاته والمنتخب لكن لا يشرحوا الأسلوب .. وهل مؤثر ولا لأ؟ وهل فيه أخطاء؟ كان فيه بعض الأخطاء في مباراة الكاميرون أهمها سحب كل المهاجمين (عدا واحدا) والتركيز الدفاعي وكان ممكن يشكل خطورة في حالة تعادل الكاميرون، إضافة إلى وجود بعض الخطورة على المرمى المصري من العمق، من خلال التركيز الدفاعي على إيتو وترك آخرين. خطر التسجيل العكسي زاد، خصوصا بعد نزول إدريسو.

ه* معظم فرق البطولة عانت من العمق الدفاعي. لو هنتكلم على فرق مباريات مصر، نلاقي كولو توريه في الكوت يلعب في غير مركزه، وسونج بعيد عن مستواه ويسمح لزيدان بالتسجيل في مرماه مرتين (بشكل مباشر وغير مباشر) إضافة إلى أخطاء من فرق أخرى (لاحظ هدف زكي الثاني في انجولا وشوف العمق الدفاعي). المنتخب المصري على العكس، كان فيه فوقان ومستوى عالي جدا في الناحية الدفاعية بوجود المتوهج سعيد وحوله شادي ووائل أو فتح الله (الترابط ما بين الثلاثي في النهائي كان جيد جدا، بوجود تغطية على بعضهم أو على لاعبي الوسط في حالة التقدم، وبالذات هاني سعيد). الجانب الدفاعي كان مهم في الحفاظ على الشباك نظيفة قبل تسجيل هدف المبادرة، وبقى أهم بعد التسجيل. مورينيو كان قال مرة إن الفرق الدفاعية غالبا ما تفوز، وهو تفسير جيد لحالة فوز منتخب مصر، مع الفارق في وجود شق هجومي يتم تنفيذه على الأرض.

التحليل لمباراة الكاميرون كان مهم بالنسبة لي لمعرفة سبب الفوز، اللي بالتالي ممكن يدلنا على سبب الفرحة. تحول شحاتة إلى منطقة محظورة "ممنوع الاقتراب أو التصوير" شيء مبالغ فيه، وإن كان للمنتخب على يده انتقل من المرحلة الدفاعية البحتة إلى التواجد الهجومي. ولكن من حول شحاتة يتحدث عن أرقام دون الدخول في تفاصيل فنية .. مجرد شخص يدور في فلك أرقام أو يرد على ترهات (التوفيق أو الحظ) دون الحديث عن طبيعة العمل والتأثير على المنتخب. حالة الفرح الطاغية في مصر أتت بنتيجة مفادها وجود شبه هالة من الحماية الفائقة حول المدرب، تحول حتى دون الاقتراب من قراءة فكره التدريبي. ربما نحن شعب نفرح، ولا نحلل .. نصل للمنصة، ولا نريد أن نعرف كيف وصلنا. في الفرح ملهيين .. وفي التحليل منسيين.
Category: | Leave a comment
7:34 AM | Author: Al-Firjany


خطوة إلى الأمام .. خطوتان إلى الخلف؛ هكذا كان حاله وقت السفر إلى البطولة. اللعنات في كل مكان .. وصيحات الاستهجان هي أفضل أشعار المدح. وما بين أقلام النقاد وسنون الحساد، وألسنة الجماهير وحتى نظرات المنافسين، وصلت الحالة المعنوية إلى أعمق من الحضيض. كان الذهب حلما للفريق، وسخرية النقاد والجماهير، وكابوسا للمدرب. لم يكن يتوقع له أبعد من الدور الأول، وكتر خير الدنيا لو وصل للثاني. ولم يكن مطالبا بالفضة، ويبقى بزيادة أوي لو لم يكن حصالة المجموعة. ولم يأمل أكثر المتفائلين إلا في الرضا والستر على المنتخب العتيد في القارة العجوز وعدم الخروج بفضيحة. فالحال لا يسر والمنتخب يعرج في التصفيات، وكل المطلوب هو المحافظة على الاجتماعيات والمنظر أمام المنتخبات الأخرى، حتى لما يخرج، يقولوا خرج بشرف.

نظر اللاعبون حولهم فلم يجدوا إلا عمارات من اليأس تنهار عليهم .. ونظر المدرب حوله فلم يجد إلا اتحاد متربص .. ولم يسمع إلا اتصالات مع مدربين آخرين ليأتوا خلفا له، وعلى كرسيه، ونظر الجهاز حوله، فتحسس كل منهم مقعده علها نظرة الوداع الأخيرة.


فلا حبيب تسر النفس طلعته *** ولا عدو يرى ما بي فيكتئب


جد في الأمور أمور، واللي خافوا منه .. ما جاش أحسن منه . تصدر الفريق المجموعة، وانتقلت ألمانيا إلى الدور التالي. ودارت القرعة مع الماكينات فواجهت فرق شابة وحديثة العهد بالبطولة في الادوار التالية ومنهم أصحاب الأرض، ولكن الماكينات العتيقة طحنت الجديدة؛ إلى أن وصلت إلى محطة النهاية واصطدمت بالبرازيل التي سحقت المغامرة الألمانية عام 2002 بثنائية. ولكن بقيت التجربة مليئة بالعبر وجديرة بالتأمل، وإن سبقتها تجارب آخرين، وتلتها أخبار ناس تانيين


قصة من بعض القصص التي يعرفها بعض من متابعي كرة القدم "العتاقي"، تماما كما تابعناها في حالة المنتخب المصري في البطولة الأفريقية الطازة. كثيرة هي حالات فشل من يتوقع الفشل، ونجاح من يستحيل عليه النجاح. ممكن نفتكر مغامرة الدانمرك في 1992 في الكأس الأوروبية، أو منتخب مصر قبل عقد من الزمن في بوركينا فاسو، وتركيا في نفس البطولة مع ألمانيا، حين وقع الفريق تحت مقصلة اتهامات من الاعلام المحلي نتيجة لكبر سن معظم أفراد الفريق. كل فريق يصعد إلى أي بطولة تدور معه عجلة الاعلام، وإما يكون الاعلام محبط او مثبط ودافع قوي لليأس، أو إنه يمهد الطريق نحو رفع المعنويات. ولكن في حالات النجاح أو فشل الاعلام، نقدر نقول إن الصحفيين - في كثير من البلدان - عياراتهم تخيب وجايز بسوء توقعهم يدفعوا بالقراء إلى عدم القراءة. لا أنكر عدم شعوري بالتفاؤل بأي نسبة تجاه منتخب مصر، حتى إني لم أندفع إلى تحليل أي من اللقاءات الودية للفريق، من كتر شعوري بالاحباط من المنتخب. لكن على ما يبدو إن المباريات الودية شيء، والبطولة شيء آخر، وإن الدرس اللي
المفروض اتعلمته في 98 رجعت تاني أتعلمه بعد عشر سنين. والظاهر إن التعليم الوزاري ليس الوحيد المجاني، ولكن دروس الحياة مجانية أكثر، ولكنها أعمق وأدل.
ه

فرق كبير بين الكلام والفعل . . المجرد والعيني .. بين سماء الأوهام، وأرض الواقع .. وفرق أكبر ما بين كلامي عن أشخاص آخرين، وانقلاب أفعالهم علي. لا أعرف نفسيتهم أو شعورهم أو رغبتهم أو احباطهم. بأتكلم عن احباط غيري، في حين غيري يسخر مني، وبأتكلم عن حال غيري، وحالي ممكن ينقلب إلى سخرية الآخرين. مسافات ما بين كلام الناس وكلام النقاد فصلت عنا وبيننا مع (أو ضد) المنتخب وأوصلتنا إلى مرحلة من اليأس لحال وعلى حال المنتخب .. وحالنا. لم نفسح مجالا للأمل، ربما حتى لا يزيد علينا الاحباط، ولم نعط مساحة للفرح، لأن نفسنا غامة علينا.


على قدر بعد مسافة المنتخب في رحلته الطويلة والشاقة إلى غانا، وعلى قدر بعد مصر عن المغتربين، على قدر ما حاول اللاعبون مد الجسور والبناء على الاطلال .. ومن أول ماتش. كلام المباريات مدهون بزبدة، وكلام النقاد بنفس الزبدة، لأنه الكلمات لا بتودي ولا بتجيب، ولكن الفعل هو القادر على التغيير. كنا نسمع الجعجعة من النقاد ومن نفسنا لبعضنا عن المنتخب، ولكن الطحن أمضى وأقوى في التأثير. الاحباط حصل في العصر العباسي قبل فتح عمورية، وأنذروا الخليفة المعتصم بشؤم الطالع وبالهزيمة إذا ما خرج، ولكن بعد الخروج والظفر، اتضح إن السيف أصدق انباءا من الكتب .. ومن اللي إيده في المية. ذهبت ألمانيا، وذهبت مصر، وذهب المعتصم، وفي كل الأحوال يعتبروا نالوا شرف المحاولة، قبل أن يكللوا بشرف الانتصار.


Category: | Leave a comment
2:08 AM | Author: Al-Firjany


المنتخب يحافظ على قوة الدفع الرباعي في محطات مهمة في مشوار البطولة الأفريقية. في رباعيات مصر المزدوجة يُلاحَظ اتباع نفس التكتيك في الابقاء على مبادرة التسجيل للمنتخب وترك رد الفعل للخصم، إلى جانب وجود بعض من السمات الواقعية في مباراة دور "الأربعة". أسلوب اللدغات حاضر ومؤثر، لكن العجيب إنه أثر وبشدة حتى في جلد الأفيال السميك. الفيل عامة قوي البنيان، قوته في المقدمة، لكن ضعفه يظهر في مناطق يصعب عليه الالتفات ليها، وأهمها الجانب الخلفي.


صعود المنتخب إلى النهائي، حتى وإن حالفه الكثير من التوفيق، فهو جدير بالتأمل والمتابعة، ومباراة ساحل العاج تبين بعض من تكتيكات المنتخب في البطولة. أول ملحوظة في حالات صعود المنتخب وهبوطه على مدار البطولة نفسها. ما أقدرش أقول إن الهبوط متعمد .. أو إنه مقصود من المنتخب، أو كما يقول السذج "تعامل المنتخب مع كل مباراة بما يليق بقوتها"، لأنه مباراة أنجولا أظهرت المنتخب بحال مزري بعض الشيء، ولكن ابقاء الفريق لنفسه على المكسب في كل مباراة كان الأهم، وحالة الاستثناء الوحيدة كانت زامبيا (تعادل في آخر المباراة). المنتخب في كل مبارياته كان الباديء بالتسجيل و99% بركلات جزاء، والاستثناء الوحيد كان ساحل العاج. قوة المنتخب تبدأ من هنا، ومعها يظهر بعض الضعف في صفوف المنافس (كوت ديفوار والكاميرون كانت محافظة على نفس التكتيك في جميع منافسيها تقريبا – عدا مصر، والأول دخل للنهائي فيما اصطدم الثاني بالأعلى توفيقا وتهديفا). النقطة دي تحديدا مهمة جدا وتقريبا بأركز عليها في تحليلي للمباريات، للأهمية القصوى في المبادرة بالتسجيل في مباريات البطولة (وتابعتها في رحلات الأهلي اليابانية أو مشوار الأهلي الطويل والزمالك القصير في بطولة أفريقيا الماضية). استعملت كوت ديفوار التكتيك مع غينيا فكسبت بخماسية، فيما استطاعت الكاميرون وضع تونس في خانة رد الفعل بعد تسجيل ثنائي، ولاحظ ارتداد تونس للدفاع بعد تعادلها، وكأنها اكتفت به، وده أمر نفسي في غاية الأهمية، هأسيبه لمقال تالي، علشان ما نطولش هنا. الهدف المصري الأول حدد سير المباراة بالكامل، وجايز تحليلي للقاء أيضا.

الجهاز الفني استعمل أسلوب الضغط على أفيال كوت ديفوار بنفس منطقها. عمرو زكي لاعب يتميز بالعنصر الجسدي المميز، فميله حسن ناحية اليسار لمقابلة كيتا المرعب ولمعاونة معوض على مقابلة الفيل الهائج من جهة اليمين. أ. المستكاوي يستهويه وصف تكتيك شحاتة بذكاء الثعالب، لكن لو هنقلبها جنينة حيوانات، فممكن نتكلم على أسلوب لدغ النحل، ولأن النحل عارف من أين تقرص الكتف، كان لنا التسجيل من فرص أقل نسبيا من الكوت ديفوار. اعتمد أسلوب اللعب المصري على أدوار دفاعية للمهاجمين، فكنا نرى متعب يميل نسبيا ناحية أحمد فتحي لمقابلة بوكا مع تريكة في العمق للحد من انطلاقات توريه لزيادة عدد المهاجمين الايفواريين .. أو عمرو زكي لمعاونة معوض، وكان زكي الأقوى في تنفيذ الشق الدفاعي وإن تفوق لياقياً في تنفيذ الشق الهجومي جيدا، ولم تسعف لياقة متعب في المعاونة الدفاعية واستمرت عدم فعاليته الهجومية (باستثناء شغل الدفاع الايفواري أو التحرك بدون ايجابية على المرمى). الجانب الأهم في التكتيك كان في الضغط المزدوج (وأحيانا ثلاثي) على حامل الكرة، بانضمام أحمد حسن وحسني عبد ربه من الخلف إلى أحد الجانبين لمساعدة معوض على البلوى اللي ابتلته بيها المباراة، وإن نتج عنها ثغرة قوية في خط الوسط لم يحسن المنتخب الايفواري استغلالها. كان الضغط قوي وعنيف على لاعبي المنتخب الايفواري، خصوصا على كيتا، وأحيانا ما كان المنتخب المصري يضغط بالقدم، وأحيانا باليد، ونتج عنه كثرة الاخطاء الخطيرة حول خط الـ18 (تقريبا لا توجد نقطة حول حدود منطقة جزاء مصر لم يحتسب فيها خطأ) والغريب إن الايفواريين لم يحسنوا استغلال أي منها مع الوضع في الاعتبار القوة الجسمانية والتفوق في العرضيات لصالح الايفواريين. الحضري كان عنصر حاسم في افساد العرضيات، وساعده انضمام الوسط والدفاع (حوالي 7 أو 8 لاعبين مصريين في منطقة الـ18 لمقابلة كرابيج بوكا) ومع اعترافنا بوجود الحضري كأحد نجوم اللقاء، نؤكد بشكل غير مباشر، على قوة المنتخب الايفواري ووقوف التوفيق إلى جانب مصر في كثير من اللحظات الحاسمة في المباراة

كان التكتيك المصري يجمع مع تكتيك كرة اليد من حيث وجود دفاع متقدم حول دائرة المنتصف وحول قوس الـ18. كان المنتخب الايفواري يحاول إلقاء الكرة إلى لاعب الدائرة (دروجبا) ولكن جمعة كان يمنعه أحيانا بالعنف وأحيانا بالحسنى. نجومية جمعة استمرت في المباراة وإن كانت بشكل أقل من المباريات السابقة نتيجة لقوة المهاجم نفسه وقدرته على التعامل مع مختلف المدافعين. دروجبا كان يجيد التحضين على الكرة وانتظار المساندة من كيتا أو بكاري أو يايا .. أو صافرة الحكم. هنا كان العبء على الدفاع والوسط المصري في مقابلة هيجان هجومي قوي من الايفواريين كان ممكن يسفر عن هدف التقدم ليهم.

رغم تخلي ضربات الجزاء عن مصر في المباراة، هدف السبق جاء من توفيق ملازم للمنتخب المصري جدا على مدى البطولة. تسديدة فتحي كانت قوية ولكن تغيير الاتجاه أعطى المنتخب أفضلية قصوى على الايفواريين. اتجاه التسديدة الثانية الطائشة لفتحي يورينا اتجاه التسديدة الأولى لو لم تصطدم بلاعب الكوت. قبل الهدف كان اللعب مستحي وفيه شيء من السجال والفعل ورد الفعل ما بين الفريقين، ولكن هدف واحد قلب المباراة باتجاه واحد، مع الابقاء على اللدغ المصري. المنتخب دافع واستمر على دفاع المنطقة، ولم يغفل الجانب الهجومي جديا. شحاتة اعتمد على أسلوب خطف الفوز، وليس اللعب على الفوز طوال المباراة، وده جانب تكتيكي مهم جدا. ليس معنى دفاع المنطقة، الدفاع المطلق أو التركيز الدفاعي بشدة (وهذا ما يعاب على الفرق المصرية)، ولكن الدور الهجومي لابد من وجوده. ده كلام نظري وتحول على أرض الملعب بانطلاقات تريكة وفتحي في اليمين، مع مساندة على استحياء من احمد حسن، والابقاء على حسني للدفاع. سيد معوض لم ينجح في الهجوم لقوة كيتا الجسمانية وإن هرب منه في كرة يتيمة كان ممكن تزيد من هيجان كيتا الهجومي.

لو هنتكلم على المنتخب الايفواري كتشكيل محترفين، هنلاقي أغلبهم مهاجمين، ولا تكاد تجد بينهم مدافع قوي .. أو ليبرو تسّـنِد عليه دفاعيا. كولو توريه لا يجيد الجانب الدفاعي جديا وترك العمق الدفاعي له سهل من مهمة زكي شبه المستحيلة. بعد الهدف الثالث تفكك وتحلل الدفاع الايفواري (تقريبا نفس حال الدفاع الغيني بعد الهدف الايفواري الثالث، وداين تدان، وسبحان من يغير ولا يتغير). جيلي اعتمد بشدة على دروجبا وكيتا، وترك بوكا للعرضيات، ولم يستفد من ثغرة المنتخب المصري في العمق الدفاعي أو في الوسط. لم يمد جيلي يده لمعاونة كيتا المنهك من ضغط معوض أو حتى مع شادي، أو استثمار تكالب لاعبين مصريين عليه لكشف عمق مصر المنشغل بعبد القادر. لأن جيلي أدرك قوة منتخبه في كيتا، حركه باتجاه اليسار للتخلص من لزوجة معوض إلى فتحي. استغل أفضل لاعب ايفواري أسوأ نقطة ضعف في المنتخب (في الوسط) بتسديدة هائلة توجت جهوده ولكن لم تتوج جهود فريقه. التحريك في حد ذاته من جيلي يبين بعض العجز لأنه في وقت متأخر. حتى بعد الهدف لم يستمر كيتا لأنه رجع تاني ناحية اليمين تاركا الوسط لأرونا. ذكرني التكتيك بحيلة قام بها السير فيرجسون في مباراة قديمة أمام تشيلسي من حوالي عامين بتحريك رونالدو من اليمين إلى اليسار (شكلها عادة)، لم تفلح في تسجيل هدف شرفي للمان، وإن نجحت مع الكوت مرة واحدة.

الجميل في الضغط المصري على كيتا يظهر في كرة احتسبت تسلل على اللاعب وسددها ضعيفة في يد الحضري. رغم إن الكرة ممكن يغفلها البعض، لكنها أشبه بهدف كوت ديفوار الأول في غينيا. كيتا في الكرة سددها سهلة في يد الحضري ولم يستغل ذكاءه للمرة الثانية في الزاوية الضيقة (النتيجة كانت تقدم مصر 1-0 وقتها). أسلوب لعب معوض وطريقة جذبه وضغطه الفردي والمعاونة من دفاع مصر أخرجت كيتا نفسيا عن المباراة فلعب بعصبية بعض الشيء أو فقد جزء (وأجزاء) من تركيزه. الجانب النفسي ظهر جديا في ضربة خفيفة لمعوض في كرة مشتركة في الشوط الثاني. لو هترد علي وتقول "كيتا سجل هدف الكوت"، ممكن تشوف قدر الغل في فرحته بالهدف، تشعر إنه انتقامي أكثر منه فرحا بهدف تضييق فارق موجود. الضغط البدني على اللاعب يوازي مقدار الضغط النفسي عليه، وممكن يجرنا للتركيز على جانب نفسي مهم في هزيمة الايفواريين.

في مباريات الواقعيين، الاصابات المؤثرة لها أدوار وتأثيرات مهمة. اصابة حارس المرمى الأساسي باري كانت محطة مهمة في المباراة، خصوصا لو فكرت في وجود الحضري مكان باري مثلا. وضح إن حارس المرمى الاحتياطي ليس على مستوى باري، ومع تأخر الايفواريين بهدف، شعرت من تعبيرات وجه المنتخب الايفواري إنه اليوم مش يومهم (لسان حالهم: "كِــمْــلِـت"). حتى لو نحينا جانبا دور حارس المرمى في الاهداف الثلاثة اللي دخلت مرماه (لا يسأل عن أي منها)، لكن حالة الاحباط اللي صدرت للمنافس أمر نفسي مهم. مجرد وجود الحضري في المنتخب كان معطي شعور بالاطمئنان (للجمهور .. وللفريق)، وأحسب إن غياب باري سلب نفس الشعور من الفريق الايفواري. الجانب الثاني كان في مساعدة الضربات الثابتة في تسجيل المنتخب أول هدفين، والاثنين من كرة ركنية، ويمكن الثنائي ساعدوا على اظهار الجانب الهجومي لشحاتة، ومش عارف من غيرهم كان ممكن يحصل إيه؟ ولكن التوفيق ظهر أكتر من خلال تغيير الكرة لمسارها مرتين، مرة في لحظة التسديد، والثانية قبل التسديد، والاثنين كان مكانهما الشبكة، وساعدت المنتخب على احراز التقدم ومن ثم الفوز. وده جانب أهم في فوز المنتخبات الواقعية، وإن خلا الأمر من تدخل شحاتة، وساعده القدر جدا

في نهاية الماتش استعمل شحاتة أحد أقسى التكتيكات الهجومية على الخصم، باستخدام مهاجمين غير صرحاء بلا رأس حربة. وجود زيدان وتريكة كنت أتمنى وجوده في مباريات سابقة للمنتخب لأنه تكتيك مؤثر جدا. أمن شحاتة ثغرة الوسط متأخرا بوجود ابراهيم سعيد، مع سحب زكي (ومن قبله متعب)، وبقي زيزو وتريكة وحدهما بدور هجومي صرف. النتيجة كان هدف جميل، كاد يتكرر بعدها بلحظات أمام دفاع منهار. شحاتة كأنه يؤمن بـ8 لاعبين بأدوار دفاعية لمواجهة هجوم برتقالي كاسح (خصوصا بعد نزول أرونا) وترك الثنائي الدواهي: "عيشوا حياتكم". ولأن الفيل في هياجه لا يلتفت كثيرا إلى الذيل، فيما تركز النحلة على نقطة اللدغ، أطلق الثنائي لدغة الرحمة من كرة ذكرتني بثنائي بركات وتريكة (ارجع بالذاكرة لورا، 2005 حين سحب جوزيه متعب وترك بركات وتريكة أمام النجم، فكانت النتيجة هدف ضائع، وهدف محرز. أفتكر التكتيك كان متبع في اليوفي ولكن لا أذكر من كان يلعب بجوار ديل بييرو (يمكن نيدفيد أو لاعب آخر). ولكن الاسلوب نفسه قاتل بصراحة، وتوقعت (بمعنى أدق تمنيت) احراز أيهما الهدف الرابع.

نظريا قبل المباراة كان المنتخب الايفواري أقوى من المنتخب المصري (وأحسب انه لا يزال، على الأقل على المستوى الفردي). ولكن المباراة تبين عنصر نفسي مهم، في إنه الجانب الفني والتفوق الفردي ممكن ينهزم أمام التفوق الجماعي، وعنصر الشحن قد يعوض بعض النواقص (لاحظ ان المدرب من نفس جنسية وطينة اللاعبين). قبل لقاء الميلان أمام المان في بطولة اليويفا الماضية، الكل أرهب الميلان من قوة الشياطين، وتصويره بالمارد غير القابل للقهر، أو الكسر، ولكن الميلان نجح في اعادة المارد إلى القمقم في مباراة لعب فيها الجانب النفسي والمعنوي دور حيوي في ابطال مفعول ثنائي هجومي قاتل للانجليز. مباراة مصر تبين بعض حالات التطور في كرة القدم، يمكن وضحت في مقالي أحد مبادئها وهو المبادرة بالتسجيل، مع الضغط القوي على مفاتيح اللعب. المشكلة اللي واجهت شحاتة كانت في تعدد مفاتيح لعب الخصوم، ولكن العنصر النفسي للاعبين المصريين عوض الكثير من حالات النقص، خصوصا في حالة سيد معوض، وهو أقل بكثير من كيتا فرديا، لكنه نجح جديا في الحد من خطورته. المباراة أظهرت إن المحترفين أقوياء في أنديتهم، ولكن ممكن لا يكونوا أقوياء في منتخب بلادهم، والتوظيف يلعب دور مهم في الظهور القوي أو الضعيف، وحالة الحبيب تبين ده جدا. واحد صاحبي فكرني إن المنتخب الايفواري يضم 7 لاعيبة دورهم الأساسي في الهجوم في أنديتهم، لكن جيلي وزعهم بعرض الملعب. استفاد جيلي من التوزيع مع خصوم أقل في الادوار الأولى ودور الـ8، ولكن المنتخب المصري فهم الفولة، وساعده خروج الضربات عن الخلية. ولأن الضربة التي لم تؤذي الخلية زادت المنتخب قوة، سقط الفيل في نهاية الحدوتة. في الغابات الأفريقية بعض الحيوانات الضعيفة تستطيع العيش بالقليل من الذكاء، وفي صراعات الغاب، البقاء للأقوى وأحيانا للأذكى، وإلا تلفظ خارج الغابة إلى باطن الأرض. ومع تحول البطولة إلى أدوار خروج المغلوب (أو وفاته)، انتقل شعار الغاب إلى بطولة الأدغال. لتنتصر يجب أن تقتل .. حتى وإن كنت نحلة Killer Bee.


Category: | Leave a comment
7:54 AM | Author: Al-Firjany



جميلة هي لحظات إحراز الأهداف .. الأجمل منها تذكر الشريك الأجمل


تسجيل هدف

هو ذروة الفرحة لدى اللاعب ..

والنهاية السعيدة لهجمة فريق كامل


وقمة النشوة لدى الجمهور


إلا أنها قد تختلف عند فرد واحد من هذا الجمهور



عدسة الفرجاني سجلت لقطة فرحة حسني عبد ربه بالهدف .. والقبلة التي أودعها خاتم ارتباطه بالانسانة التي أحبها. ولوجود سوابق لاعبين مصريين أودعوا نفس القبلة على نفس الخاتم، حاولت تسجيلها بنفس العدسة، وإن تكسرت لقطات أخرى للاعبين مصريين مع الأسف مع بقاء اللحظة ذاتها واحدة .. والمشاعر الانسانية على لهيبها في جميع الاحوال.


مرة قريت في الدستور مقال أشبه بالدهشة من نظرة المجتمع لدخول المرأة حياة لاعب كرة، ونظرة المجتمع للحظة الدخول ورفضه التام لوجود النساء في حياة هذه النوعية من الرجال، وتصويره كبداية خروج اللاعب من كرة القدم (كان التقرير يتحدث عن حالة عماد متعب وشائعة علاقته بالفنانة حلا شيحة). يمكن لأن كرة القدم تأخذ لاعب الكرة في سنوات شبابه بالذات، يقل استمتاعه بمباهج الحياة خارج الملعب لتأثيرها عليه داخله، وإن حاول حازم إمام كسر القاعدة، فكسرته :-). عوائق دخول المرأة حياة لاعب الكرة كثيرة - ولا أود الحديث عنها لأن الموضوع مبهج بالنسبة لي - ويمكن بالنسبة للقاريء - ولكن دخولها الايجابي وتحويلها مسار لاعب الكرة إلى جانب أكثر إيجابية ( سيان على المرمى أو في الأوت) هو ما يدفع اللاعب إلى استمرار تمسكه بها. قلت إنه قد لا يكون هناك مكان لمقارنة ما بين اللاعب الشرقي واللاعب الغربي، ولكن فوجئت بفرانك لامبارد يمد بعض الخطوط المشتركة من وراء الضباب، ليحجز لنفسه مكانا بين اللاعبين المصريين. اللحظات الانسانية والتجارب الانسانية المبهجة متوحدة والفطرية في التعامل مع الحبيب جمعت ما بين لاعبين ربما لم يروا بعضهم أبدا، ولكن وحدت بينهم مشاعرهم تجاه شركاء حياتهم، أو بالأحرى شركاء الملاعب ،


التاريخ يذكر في بعض الحالات تأثير سلبي على بعض لاعبي الكرة (وممكن انت تعترض وتقول إيجابي .. وحظك إني مش شايفك) زي شيفا وانتقاله إلى تشيلسي ودور حرمه المصون في اقناعه باللعب للبلوز، أو دور زوجة أحمد بلال في الذهاب إلى تركيا من أجل تأمين المستقبل، أو دور زوجة بشير التابعي في إقناعه باللعب للزمالك :-)). كلها أدوار، ودور المرأة عموما في حياة الرجل دافع قوي للتغيير .. في أي اتجاه. لاعبينا المحترفين لا يملون من الحديث على قرف زوجاتهم من الغربة وحياتها؛ ومللها من العيش في تركيا أو بلجيكا. دور موجود ولكنه خفي، ويمكن يرمز إلى دور المرأة عموما في الحياة الزوجية لينا مع حالات تشابه كثيرة وبسيطة، ولكن لتركيزنا على اللاعب (الرجل) لا نعير انتباها إلى حياة من يحركه.


تركيزي على الجانب ده في حياة اللاعب يرجع إلى مراجعتي لبعض المدونات النسائية الشبابية على انترنت. قد تعرف يا عزيزي القاريء أو قد لا تعرف الحكمة القائلة : "في عصر الانترنت، الواد بقى زي البنت". بالتالي صار عليك الاستماع إلى الفتيات ... خصوصا لما يتكلموا عنا نحن الرجال. (أحب جدا الاستماع إلى "الآخر"، خصوصا في حديثه عني، ورحم الله إمرأة أهدت إلي عيوبي). ولكن بمراجعة بسيطة على ما كتب عني وعنك يا زميلي القاريء وجدت أني جاهل ومتعفن وسادي وأرفض وجود المرأة في حياتي، والمجتمع شايلني في نن عينه من جوة لمجرد أني رجل بشنب (حتى لو من غير دقن)، ولافظ وجود المرأة (لمجرد أنها أنثى)، وأن السينما والتليفيزيون تكرس في حياة المشاهد والمواطن والشعب صورة أمينة زوجة سي السيد، مبيحة لنا نحن الرجال ضرب النساء في أي حتة ومن غير حجة. ببساطة وجدت مساحة واسعة بيننا، بلا أرض مشتركة. بالتالي كان اهتمامي بالبحث عن جوانب إيجابية .. فتلقفت قبلة الخاتم لدى اللاعبين وفتشت في ذكرياتي عن بعضها ممكن ندخل مع الجنس الآخر في استراحة. جميلة هي الحياة الزوجية على بساطتها بلا تعقيدات، خصوصا مع وجود بُعد ديني ممتاز لدى بعض اللاعبين (أظهره أبو تريكة بتعاطفه مع غزة والحديث مع زوجات اللاعبين على أحد القنوات الفضائية)ه


الملاحظ في الصور إنها كلها خارج حدود الوطن. حاولت جمع بعض الصور من الدوري المحلي ولكن لم أجد صور جيدة للاعبين إلا ما هو خارج المحلي. الشعور بالحنين إلى مصر موجود لدى كل مغترب، وبقبلة بسيطة على خاتم الزواج يحاول اللاعب أن يمد جسر المحبة مع الحبيب في أرض الأحباب. الشعور الممتع بتسجيل الهدف لا يوازيه شعور، ولكن اللاعب يضيف إليه شعورا آخر بإرسال رسالة سريعة طويلة جدا؛ بدون كلمات وبلا عنوان .. وبقبلة واحدة:

حتى في أمتع لحظاتي أذكرك،


في بلد الضباب .. في بلد الاناضول .. في بلد تركب الأفيال

من الذي لا ينساكي

Category: | Leave a comment