1:30 AM | Author: Al-Firjany


توازى إضراب 6 أبريل مع بعض الجدل الدائر حول قضية رشوة الصحفيين الرياضيين من كلمة اترمت تحت قبة برلمان مهمل. الصحفيين في مصر عامة صوتهم يعلى أوي لما حد يمس كرامتهم .. والحزقة تشتغل تو ما يتزحلق طراطيش كلام لودانهم إنه شر اللهم اجعله خير حد جاب سيرتهم بالبطال، حتى لو لم يكن بالباطل. صفحة الرياضة كانت في معظمها ترغي ولا تصغي في دفع اتهام الرشوة عن الصحفيين، ومعاها انتفضت نقابة الصحفيين. صفحة الرياضة جزء من جرنان، والنقاد الرياضيين شريحة من صحفيين، ودفع الاتهام كان جزء في تغطية مشوهة لحادث الاضراب في مصر.

تخجل حمرة الخجل من الصحفيين وقت تغطية أخبار الاضراب في ربوع مصر، وبالذات في المحلة، وتتوارى الأحاديث عن حال شعب وقع خط الفقر تحته، أو حتى عن حال رفضه واضرابه ومظاهراته، أو حتى تنقلب الحقائق عن وضع بلد (داخل مصر) وبلاد أخرى، وتتحول الصورة النارية والرمادية إلى وردية بعيون عسلية. صور مظاهرات وخلو شوارع في مصر من المارة وفضاء مكاتب، وتهديدات موظفين وطلاب ومدرسين، وغيرهم، لم تعرف طريقها إلى جرائد تعمل بأمر "أمن" الدولة وأموالها. طبعا لم تكن كل الشوارع خالية، ولكن لم تكن كلها مكتظة على نحو ما صورته نفس الصحف. حاولت الجرائد المصرية نشر بورتريه مزدحم لشوارع مصر يوم السادس من أبريل، وكان النشاز في صفحة الرياضة.


استمر النقاد الرياضيون على دفع تهمة الرشوة عنهم، في حين الاتهام لم يثبت أساسا بنفي النائب الاعلامي الصحفي المذيع (،إلخ). وكان رده إن الصحفي نفسه لم يذهب إلى الجلسة ولم يستقصي حول صحة الكلام، مع اعتماد صحفي الجمهورية على أذنه، وهي عادة صحفية مصرية أصيلة. إن كان الأستاذ مستكاوي يتضايق من النقد ضده بإن كتاباته ما هي إلا إملاءات توجه قلمه، فإن حصص الاملاء هي عادة أصيلة لزملاءه في نفس المهنة. الحصص تكاد لا تنقطع في الصحافة المصرية والكورس مكثف جدا وعالي لمن أراد تعلم أساليب كتابة الخبر وصياغته ... وتحويره وتحميره وتقديمه للقاريء. لهذا عزيزي القاريء يتحدث الصحفيون عن جرائدهم كأنها "وجبة دسمة". على طول متابعتي للصحافة المصرية من صغري صار لدي علم اليقين بوجود منح وهدايا تدفع بحساب وأحيانا من غيره تدفع إلى بعضهم، ومعروف بعضهم بالاسم بين أبناء المهنة. ولك مطلق الحرية في تحديد كم المبلغ أو نوع الهدية ومنها الجمع بين أكثر من مهنة أو الحصول على مبلغ من تغطية أخبار جهة ما. والأمر غير مقصور على الرياضة، وأحيانا كثيرة يعاني الصحفيون أنفسهم من وجود تلك الشوائب خصوصا بعد إنضمام الجرائد الصفراء القبرصية وتحول الرشوة إلى مبدأ تأسيسي لدى جريدة بنيت للتجارة العامة و"المقاولات". أذكر مرة إن أ. محمد سيف تحدث عن الموضوع من فترة ولم يقدر أن يدفع الاتهام أمام أحمد حسام ميدو لما قال إنه يعاني من الصحفيين الذين يطلبون منه مبالغ معينة لاجراء حوارات معه أو الكلام عنه بشكل إيجابي، على طريقة: يا الدفع، يا النشر. والنشر هنا يكون سلبي (أخبار كاذبة، أو ظهور قصة لاعب الاعلاميين، أو ميدو المغرور، المتعجرف، إلخ). والقصص على هذا النحو كثيرة لدرجة إن بعض من الصحفيين لما يحبوا يمتدحوا صحفي معين، يقولوا عنه صحفي شريف وإيده نضيفة (!) عملة نادرة يعني، ومش بعيد الكلام ياخد الصحفيين المادحين ويتحسروا على عبد المجيد نعمان واسماعيل البقري وقبلهم أ. المستكاوي الله يرحمهم جميعا .. ويرحمنا. باختصار شديد وبعودة إلى نفس التهمة، حاول أبناء صاحبة الجلالة والفخامة والسمو (....) دفع تهمة قائمة، وفي نظري ثابتة على بعضهم، لدرجة إني أحيانا في مطالعتي للمقال أو خبر ما، أتساءل عن التسعيرة.

أسلوب تعامل الصحفيين عامة في رفض الاقتناع بوجود اضراب أو امتناع عن حضور في بعض الاماكن الحساسة (مستشفيات أو جامعات)، وفي نفس الوقت رفض النقاد الرياضيين لتهمة الرشوة (الجمع بين العمل التطوعي وقبول هدايا أو مرتبات من جهة ما)، يعطي مثالا عن حجم التضاد ويخدم ظاهرة الاضراب بشدة. في الحالتين رسمت الصحافة المصرية صورة مشوهة ومغلوطة عن واقع قائم. لا يمكن لصحفي في جريدة مرموقة أن يكتب إلا ما يملى عليه، أو ما يتبع السياسة العامة التحريرية، والاملاء هنا يكون من الممول (صحافة العالم الثالث)
State-owned press
وأحيانا تترك الأمر لرؤساء الأقسام في اظهار العين الحمرا لو حد فكر يلعب بديله .. أو عين أشد احمرارا من أحد المسؤولين الأمنيين. وفي الحالتين الصحفي أساسا لا يحتاج أي عين حمرا، المقال جاهز وعلى امضة سعادة الباشا. كان ابراهيم عيسى اتكلم مرة على تلك النوعية من الصحفيين، وقال إن مشكلة مصر "في التبول اللا إرادي" (يقصد لحظة سماع الصحفي لمسؤول في أمن الدولة، أو شخطة ما قبل حصة الاملاء).


أنصاف عقول تتحدث عن أنصاف اكواب، لتخبر القاريء عن نصف الحقيقة. لم تجد النقل الحي بالصوت والصورة الصادقة في خبر الاضراب، فكيف أصدق صحفي يدفع عن نفسه تهمة الرشوة؟ أملى عليك ضميرك الدفاع عن أبناء مهنتك .. فلِم لم تدافع عن أبناء بلدك أمام جحافل أمن مركزي؟ سلطة الدولة أعلى بكثير من سلطة الضمير، وسلطان الجاه والمال ولقمة العيش حال دون الدفاع عن دفاع آخرين عن لقمة العيش. لا أدري إن تحول الشعب المصري عن قراءة ما يسمى بالصحافة القومية، تاركين لها وجبة الأكاذيب يشبعوا بيها، باحثين عن تغطية أخرى في موقع معارض، أو مدونة تنبض بالصور الحية، أو جريدة لم يمل ضميرها من الاملاء؟ جايز ما عادش غيري يقرأ لها. وجايز انت بتفكر جديا في ترك حياة الكذب والهواء الخانق بحثا عن هواء نضيف بعيدا عن عواء الرديف.

زاد الصحفيون من بُعد البرج العاجي عن القاريء وعن شعبهم، وبرفضهم تصوير ما يجري، انحازوا إلى فئة عن فئة، ربما كانت هي نفس الفئة التي حضرت مباراة الارجنتين، أو فئة الرأسمالية الجديدة التي تحاول رسم صورة بمبي عن مجتمع طافح بالسواد، ففوجيء بالسواد يطغى على البمبي. لم يجد القاريء الصورة التي رآها في الشارع أمامه في الجريدة، بعد كاتب الخبر عن الحقيقة، فابتعد عنه القاريء، أو على وشك الابتعاد. اهتم الناقد بدفع تهمة عنه، لم نعلم بعد إن كانت واقع أم محض خيال كاتب الجمهورية، فيما لم يهتم بواقع قاريء. كان أنين الصحفي أسرع من أنين مصري مسكين في المحلة وغيرها. ربما صار على الصحفيين الاستعداد أكثر لمرحلة عزوف واضراب عنهم، بعد اضراب ضد حكومة، وربما يسير الشعب في اتجاه الاضراب عن أبواق الحكومة، بعد أن عارضوا الحكومة نفسها. صور مقاطعة الجرائد على المدونات ربما ستعرف طريقها فعلا وتطبيقا في الشارع المصري ربما أقرب مما أتصور. جايز كلمة عارضة في جلسة في الظل في مجلس شعب تتحول إلى قضية رأي عام ونقد أعم ضد مجموعة كتاب رضوا بحفنة مال في سبيل طيب الكلام، وعلى الصحفيين تحمل سماع كلمة رشوة علنا، وبالاكراه .. وإن شئت فقل بالاملاء.
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

2 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On May 29, 2008 at 7:48 AM , محمد عثمان said...

صعب انك تدعي الاحترام وانت من جواك مش محترم

لا تنصح الغير بالبر وتنسى نفسك

انا كنت باحترمك لحد يومين فاتوا

لدرجة اني نوهت عن مدونتك في مدونتي

ولكن الاحترام لا يشترى

 
On February 25, 2011 at 9:32 AM , Anonymous said...

أنا عادة لا وظيفة في المدونات بلوق الخاص بك ولكن الذي اجبرني على العمل مذهلة.. جميل...