7:49 AM | Author: Al-Firjany

يبدو أن العرض مستمر هذا الصيف وكل صيف، وممكن نقول على مدار الفصول الأربعة فيما يخص انتقالات اللاعبين. انتقال لاعب إلى نادي بين أهل القمة أصبح أطول وأعمق وأقوى من المباريات – بما فيها الديربي. لو حاولنا نجمع خيط مشترك واحد ما بين المعتز إينو وبشير التابعي، وحسني عبد ربه (وقريبا أيمن عبد العزيز) نجد أن المشكلة تتكرر بنفس الخيوط ونفس المراحل الزمنية تقريبا، ونفس الكلام المسموع، مع وجود نفس الابطال، و أحيانا ظهور كومبارس في بعض مراحل الحبكة الدرامية، لزيادة الاثارة، واضفاء طابع التشويق على الاحداث.


الملاحظ في انتقال لاعب من أو إلى أحد فرسي الرهان مصاحبته لطبل وزمر وزعيق وحالات هياج شديدة، تطول معها المدة الزمنية في الانتقال، مع إنه في الغالب تتحول دفة الصراع إلى بطل واحد (وإن شئت الدقة أوحد). فجأة تجد نفسك في مشهد ممل وسخيف، خصوصا لو كان المشهد مر عليك من قبل، ومع طول المشهد تجد نفسك تتابع فيلم هندي، وكأن موسم الانتقالات بقى موسم الأفلام الهندية، وخصوصا لو كانت النهاية معروفة سلفا.

الغريب في فترة الانتقالات نفسها هو استمرار التعامل معها كمباريات فعلية، أو نهائي بطولة!! فيها طرف فائز وطرف مدحور، وتتعاظم الخسارة والسخط الجماهيري على الطرف الخاسر وتصبح الصفقة نفسها يا قاتل يا ...! (وجود جنازة رمزية لأحد اللاعبين تمر امام بيته، أو اعتباره كما لو كان مات كما في حالة لاعب آخر).


المتابع الجيد يرى الحديث عن انتقال لاعب إلى نادي يستمر عدة أيام (كما في مشكلة بشير)، وربما شهور(كما في مشكلة إينو وعبد ربه). وربما يأخذك الحديث إلى نسيان المباريات داخل الملعب، إلى متابعة المباراة خارجها في الصفقات (متابعة مشكلة بشير كانت أكبر بكتير من متابعة مباراة الزمالك وبترول أسيوط) ولاعب واحد خارج المستطيل الأخضر خطف الاضواء من 22 داخل المستطيل! الحديث عن حسني عبد ربه أو المعتز بالله إينو أخد كلام أكثر من الحديث عن مباراة القمة في الكأس. لا أتذكر إني قرأت تحليلات للمباراة بنفس قدر وكثافة ما كتب عن إينو وعبد ربه وحدهما! بل إن مباريات الكأس نفسها لم تأخذ من التغطية والتحليل ما كتب عن حسني عبد ربه وحده!!

تعامل الاعلام نفسه مع اللاعبين حسني عبد ربه وإينو يشوبه الغرابة مع استغلالية واضحة. الكلام عن إينو انتهى وبدأ الكلام عن حسني (حد فاكر آخر مقال عن إينو كان امتى؟). الصحافة والاعلام ماشيين بنظام العرايس والمسارح. رفع بطل على الخشبة، مع تنحية آخر

المعتز بالله إينو ... ينتقل من الزمالك إلى الأهلي

(تصفيق .. متابعة .. ملل .. ستار)

Next

حسني عبد ربه .. ينتقل من الاسماعيلي إلى الأهلي

(تصفيق ... متابعة .. كلام/همس .. ملل .. ستار)

وجاري البحث عن البطل التالي


كلام الاستاذ حسن المستكاوي عن الروح الرياضية صار مثل مقولة : نم مبكرا واستيقظ مبكرا! الرسالة التي نشرها الأستاذ المستكاوي (بتاريخ 14/07) ونصها: "المناخ الموبوء بالتعصب والكراهية الذي بات سائدا في الوسط الرياضي‏..‏ وتأججه وتشعله الفضائيات والبرامج الساعية للانتشار وسط العامة‏,‏ دون حسبان للتبعات" يمكن أن ينسحب على الجرائد والمجلات، فضلا عن الفضائيات التي التقطت ذات الخيط، وصارت تحيك بذكاء، او بغباء، قماشة التعصب بين الجماهير!


جايز الصحافة بريئة من التلاعب بنا أو بنفسها. حاليا موسم صيفي، والكل في أجازة (لاعبين، أجهزة فنية، كرة قدم إلخ) .. باختصار المولد الرياضي انفض. بالتالي لابد من البحث عن بديل، ومع الصفقات ووجود لاعبين وانتقالات صاخبة، لابد من تحويل الموضوع إلى قضية رأي عام، لحين بدء الموسم الجديد. الموسم الماضي كان محمد عبد الله .. وعمرو سماكة (ولاحظ انتهاء الموضوع عن أحدهما بمجرد صعود آخر للمسرح)، وتحويل الامر كما لو كان معركة، أو بطولة أو ماتش قمة آخر يدار خارج الملعب. وهذا الموسم لاعبين آخرين، والموسم القادم يستمر الموضوع كما هو، طالما استمر المسرح منصبا، وطالما استمر السذج في المتابعة!


يمكن الجماهير تلعب دور في المشكلة (إن جاز تسميتها مشكلة أساسا لأننا مستمتعين بالمسرحية). ثقافة "حوش اللي وقع منك" و "ضحكنا عليكم" والدموع المنسكبة على الفضائيات، والضغوط على اللاعبين، والكلام على انتقالاتهم كما لو كان حياة أو موت وتأجيج النيران بصورة فجة تحول موضوع بسيط بشأن الانتقال إلى حرب نقل لاعب أو تغيير مساره. ومع متابعة اخبار الانتقال، يتحول الانتقال إلى عقدة وحرب عالمية جديدة (على رأي ناس) في وصف القتال الدائر حول لاعب!!


ربما كان الانتقال إلى الأهلي نفسه المشكلة كما هو واضح، وربما منبع الانتقال هو المشكلة. ولكن الصحفيين بيطالبوا الجماهير بالتعرف على ثقافة الاحتراف وتطبيق الاحتراف، وفي نفس الوقت يتعاملوا مع المشكلة بمنطق الهواة! يعني انت كجمهور مطالَب بتطبيق منطق الاحتراف، وفي نفس الوقت من يطالبك يتحدث بهوائية، ولا يجيد لغة الاحتراف من أساسه!! لما كاتب في المساء يطلب من "أقول لجماهير الإسماعيلية الباسلة صبراً علي الهجمات الظالمة والتي ازدادت هذه الأيام.. وأقول لهم إن كل من يهاجمكم هو المتعصب ولستم أنتم.. و.. الله هو القادر علي حمايتكم من هذه الهجمات الشرسة." يعني لو الوطيس سخن، احتمال نسمع: "يا جموع القاهرية: هل من مبارز؟"


ولكن لما المنتصر بيشرب نخب الانتصار، تغسل الصحافة إيدها من عار المهزوم، وتتركه يواجه مصيره مع جماهيره، بعد أما تكون غذت الجماهير بالوقود الكافي لاحراق النادي بما فيه، تاركة المجلس امام جمهور ثائر. وغالبا تطيح الجماهير الثائرة بالمجلس خارج النادي كما حدث من قبل في مشكلة اسلام الشاطر، وربما يحدث في مشكلة حسني عبد ربه (والحمد لله لا يوجد اعدام كما في حالة موسوليني، كما لم ينتحر المجلس المهزوم كما هتلر، أو تنحي كما في حالة أخرى محلية). الغريب إن الصحافة تنقل الخبر وبراءة الاطفال في عينيها، فيما يستمر البحث بعد ذلك عن صفقة جديدة .. وإن شئت الدقة مجلس جديد.


مقالة أستاذ المستكاوي تكلمت، كما تكلم آخرون، عن الهاوية التي نتجه إليها. سيناريو المسرحية القادمة سيكون على النحو التالي: بالطبع التحرك يأتي بعد وقوع الكارثة، لينحصر في كلمات كالعادة ثم نعود إلى المربع رقم واحد وننفخ في نفس النيران. عن نفسي لا أدري ميقات حدوث الكارثة التي ستجعل الصحفيين يعوا قيمة الكلمة ووقعها في النفوس، فبعض الصحفيين ينسوا المقالة التي كتبوها يوماً، لتفاجأ بمقالة مغايرة في اليوم التالي! فمع اهمال قيمة الكلمة واقعاً، ربما عرف أحدهم قيمتها من الدماء التي ستلون مقالاتهم. وبالطبع ستصبح الصحافة بريئة منها، لأن الاعتراف بالخطأ يندرج تحت بند "العيب" لدى الصحفيين المصريين.

***


ســيـــان ما أجهل أو أعلم *** من غامض الليل ولغز النهار

سيستمر المسرح الأعظم *** رواية طالت وأين الستار؟

Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: