12:58 AM | Author: Al-Firjany

الاسبوع الماضي كان موعد جمهور الاهلي مع حادثتين سيئتين ولا داعي للتهويل والقول بانهما كارثيتين: واحدة فنية والاخرى إدارية، وكانت ردود الفعل عنيفة من بعض جمهور القلعة الحمراء. الحادثة الفنية الأولى كانت الهزيمة الثلاثية في أم درمان، والادارية الثانية كانت واقعة تزوير شريف أشرف. مفيش شك إن الهزيمة الافريقية ثقيلة، ونادرا ما تحدث للأهلي على مدار تاريخه الطويل، أما الثانية فهي واقعة التزوير والتي لم تحدث داخل النادي الاهلي على مدى تاريخه كله. المشكلة بالنسبة لي لا تكمن في الهزيمة في حد ذاتها، لأنها واردة، وإنما في التزوير لأنه غير وارد أساسا، ولكن في العلامات والنذر التي يعطيها كل حدث على سير العمل الفني أو الاداري داخل النادي الأهلي.

نبدأ مع الحدث الاداري لأنه ممكن يعطينا بعض الضوء ويمهد الطريق إلى الحدث الفني. مع الاسف كانت فيه مؤشرات أولية بالنسبة لي في نهاية الموسم الماضي لبعض أحداث الفشل الاداري للأهلي، وكنت أعتقد أنها مؤشرات بسيطة، ولكن وجود واقعة التزوير كان العامل المحفز لظهورها وتسليط الضوء عليها. النادي الأهلي حاول مع لاعبين كثيرين لضمهم لصفوف الفريق، ولكن لم ينجح. ولكن مش ده الفشل المقصود، لأنه مش كل صفقة تدخل فيها لازم تجيبها، وعلى هذا تسير جميع الاندية وهذا قانون الصفقات، ولكن الجماهير اعتادت المكسب لأي صفقة كما اعتادت المكسب في أي مباراة. المشكلة ظهرت في التعامل مع أزمة أسامة محمد تحديدا، وظهر فيها الأهلي كأنه عاجز عن الاتيان باللاعب ثم الذهاب إلى وزير البترول شخصيا، كتدليل على قلة حيلة الأهلي. الأسوأ بالنسبة لي كان رد أحد اعضاء مجلس إدارة بتروجيت، بعد وصول فاكس الأهلي الرسمي إليهم يطلب شراء اللاعب أسامة محمد، وكان رد فعل عضو مجلس بتروجيت الرفض القاطع للتفريط في اللاعب، والجميل أنه قال إنه النادي رفض الرد بالرفض على طلب الأهلي لأنه أكبر من إنه يترد عليه بالرفض. فوجئت بتصريح تاني يوم من القيعي بيقول فيه إنه ينتظر رد رسمي من ادارة بتروجيت، ردا على الفاكس الرسمي، ولا ينظر إلى تصريحات!! بصراحة كان غريب جدا التصريح من القيعي، لأنه بتروجيت أساساً لمح إلى رفضه البيع، وكان التلميح بالسعر المبالغ فيه أولا (10 ملايين جنيه) ثم كان التلميح بالتصريح إلى الصحافة بأنه المجلس لن يقبل بيع أسامة محمد لحاجة النادي إلى جهوده. وبناءاً على اصرار عدلي القيعي، رفض بتروجيت رسميا طلب الاهلي. محاولات الأهلي كانت كثيرة، ولكن النتيجة صفر. هذا جانب واحد من الجوانب الإدارية ولا داعي للحديث عن ظهور نائب رئيس النادي في قناتين تليفيزيونيتين في يوم واحد، واستخدامه كمفعول به أو أداة في اطار منافسة القناتين (أو المذيعين) حول الاسبقية أو توجيه الضربات للأخرى (أو الآخر)، أو الحديث عن الفشل الاداري في مباراة برشلونة وأزمة التذاكر، أو أزمة بروتوكول التعاون مع نادي جراتس النمساوي، مع وجود مشاكل إدارية في النادي النمساوي نفسه أدت إلى هبوطه إلى دوري القسم الثاني (وعودة وائل رياض وقبله اثنين من الناشئين)، أو الحديث عن غياب التنسيق بين القيعي وجوزيه، حول جدوى التعاقد أو التفاوض مع فتح الله، قبل أن يعلن جوزيه عدم جدوى اللاعب فنيا، ثم انسحاب الأهلي من الصفقة؛ لأن كل هذا يتضاءل وينزوي أمام واقعة التزوير. طبعا هي ليست جوهرة التاج، ولكنها دراميا تمثل ذروة المأساة.

فيما قبل اكتشاف التزوير، كانت المعالم غير واضحة بخصوص سفر شريف أشرف إلى بلجيكا، ورجوعه. وهنا بداية المشكلة بشكوى الأهلي اللاعبين شريف والشناوي للسفارة البلجيكية وتعطيل اجراءات السفر، ومن ثم تعطيل اجراءات الانضمام إلى ستاندرد لييج، وفشل الانضمام لتجاوز الموعد المحدد (ولا داعي للحديث عن نظرة النادي الأجنبي للأهلي، أو تعاقده مع النادي – إن تم – ورؤية إدارة النادي البلجيكي لمستقبل التعاون مع النادي الأهلي أو شراء ناشئين منه في المستقبل). النادي الأهلي كان خايف على ضياع حقوقه أولاً، أو ذهاب الناشئين إلى ناد آخر ثانياً. ولو حللنا السبب الأول، فهو حصل وفيه سوابق، وتكررت، ولهذا السبب خُلقت مادة "حق التنشئة". أما السبب التاني فحصل فعلا، وذهب أحدهما إلى الزمالك. بل والانتقال نفسه لم يتم بشكل سلس دون وقائع مؤسفة، والأدهى كان الرد الانتقامي من الأهلي على يد الناشئ – وعن غير قصد – ليكشف عن واقعة مؤسفة بطلها أحد العاملين به، مع همس عن أطراف أخرى! فيما قبل واقعة التزوير، لم يكن الأهلي يعرف بالضبط ما يريد، والكلام وارد في حديث أحد الصحفيين مع اثنين من مسؤولي الأهلي، لما طلب منهم تحديد ماذا يريد الأهلي بالضبط من شريف أشرف؟ فكانت الاجابة من الثنائي واحدة: "مش عارف"!! والاجابة على بساطتها تكشف سطحية ادارية وعقلية لا تعرف بالضبط لماذا دخلت القضية، أو لماذا طلبت تحويل الامر إلى النيابة، لتفاجأ بنفسها تقوم بدور النيابة وتكشف التزوير، ثم تطلب سحب الشكوى، بعد أن كانت صعدتها أصلا!! التخبط الاداري وتخبط اتخاذ القرارات بالنسبة لي كان مساو لفداحة خطأ التزوير، إن لم يكن أعلى منه. ولا داعي للحديث عن تصريحات القيعي بقوله إنه "اتقال له" إن شريف وقع بالفعل، وهو ما اتضح كذبه فيما بعد. خطأ جر وراه أخطاء، ليكشف عن سلسلة خطايا.

الجميل في الأهلي هو سرعة تدارك الأمر ووجود آليات للعودة على الطريق الاداري الصحيح. على سبيل المثال ما جرى من اتفاق توأمة مع نادي جراتس النمساوي، وفشل الأخير اداريا وهبوطه كان سبب إن الأهلي لا يوافق فوريا على اتفاقية توأمة مع نادي بيروزي الايراني (ربما بوجود ضغوط سياسية) أو ربما بعد موضوع نادي جراتس. وبالنسبة لأزمة تذاكر مباراة برشلونة الأهلي تدارك المشكلة في مباراة بنفيكا البرتغالي، ولم تحدث مشكلة، وربما ساعد الجمهور الادارة دون قصد بقلة حماس الذهاب، لقلة شهرة نجوم بنفيكا مقارنة بنجوم البرسا. وده ممكن يعطي بعض الامل في تطوير هيكلة إدارة الأهلي بما ينفي وقوع نفس الحادثة مستقبلا مع سلامة الاجراءات. بالاضافة إلى قدرة الاهلي على معرفة الأخطاء في بعض المفاوضات مع اللاعبين، فالفشل في استجلاب محمود عبد الرازق نتج عنه اتجاه الأهلي إلى مسؤولي الأندية مباشرة دون النظر إلى وكلاء اللاعبين، أو إلى أطراف أخرى، طبعا بعد اللاعب، أو محاولة تحييد وكلاء اللاعبين قدر الامكان. كما إن الأهلي فيما بعد فطن إلى مسألة عقود الناشئين وقرأت إن الأهلي عهد إلى هادي خشبة مسؤولية التوقيع مع الناشئين، والانتهاء من عقود كل الناشئين، إضافة إلى اضطلاع المجلس ببعض مهام العقود ومراجعة العقود السابقة للاعبين لضمان عدم التلاعب. كلها اجراءات تصحيحية تشير إلى قدرة الأهلي كمؤسسة على الرجوع، مع القدرة على الاعتراف بالخطأ.

* وجود أو ظهور أخطاء إدارية في مؤسسة ما، معناه وجود خلل في الفكر الاداري، اللي ممكن يعطي شك حول صحة أو جدوى قرارات إدارية أخرى. خطاب الاهلي في التسعينات كان "لا للمزايدة على لاعبين، ولا لرفع أسعار اللاعبين" . ومع ذلك اسعار اللاعبين ارتفعت وبشدة، وإن قلت المزايدات من ناحية الأهلي وشراؤه للاعبين. استمرت الأسعار في الارتفاع على مدار بدايات القرن الحالي إلى أن وصلت لشدتها بقرب نهاية العقد الأول (أسعار معوض وفتح الله وعمر جمال، إلخ) وإن صاحبتها ظروف استثنائية. ممكن هنا نطرح السؤال: هل قرار الاهلي الاستراتيجي طويل المدى صحيح، أم سيجلب عواقب كارثية على الفريق الأول على المدى القصير، مع احتمالات تأثير أقوى على المدى الطويل؟ الاجابة على السؤال للأسف لا تجدي في حينه، لأنه القرارات طويلة الأجل، تحتاج مدى موازي طويل للاجابة عليها، وإن كانت تجلب معها خسائر على المدى القصير (ويجوز المرحلة الحالية في النادي الأهلي هي خسائر المدى القصير، وربما امتد الأثر إلى البطولة الافريقية الحالية، ومعها بطولة الدوري، ولكني أستبعده). ولكن فيه احتمالات لنجاح الفكرة أو الرأي السابق، لأن الفكر الاستراتيجي نفسه لا ينظر إلى ما هو أسفل القدمين، ولكن رؤيته أبعد. ولكن هل الجمهور الأهلاوي مستعد لتقبل مثل تلك القرارات؟ هل الفريق نفسه مستعد للتحمل؟؟ أشك! وده ينقلنا للجانب الجماهيري من القرارات الإدارية - الفنية الخاطئة.

قصور تدعيم الفريق الأهلاوي في فترة الانتقالات الحالية والسابقة جاء نتيجة لقرار الأهلي بعدم المزايدة، مع استناده إلى قرار فني (مثال التدعيم بفتح الله، أو محمد ابراهيم ورؤية جوزيه في اللاعبيْن). ولكن على الجانب الآخر الرؤية الفنية رأت ضرورة التعاقد مع أسامة محمد، والأهلي رأى المبلغ المعروض كبير جدا، بالتالي رفض الدخول في مهاترات ومزايدة مع مجلس ادارة النادي البترولي مالك اللاعب. ومع وجود عروض احتراف لمحمد شوقي، دخل الأهلي في سباق ضم حسني عبد ربه، ولكنه – إلى الحين لم ينجح – لتشابك القضية خارج اطار اختصاصات ودوائر الاهلي. في الحالة الأولى (أسامة) كان القرار من مجلس الادارة ولجنة الكرة بعدم المزايدة على لاعب، وعدم وجود لاعب في مصر يستحق الملايين العشرة. وفي الحالة الثانية، كان الأساس الإداري بدخول الاهلي استنادا إلى صحة موقفه، ومعاه كان تصريح القيعي لما سئل عن احتمالات خسارة الأهلي : "الأهلي لا يدخل قضية خاسرة". ولكن مع الاسف الأهلي دخل معركة أسامة، ولكن لم تكلل بالنجاح لأن الطرف الآخر لم يرض وهو المتحكم في الموضوع. ولم تكلل قضية حسني بالنجاح ولو مؤقتا، لأنه القضية بيد أطراف أخرى غير الأهلي. ده يلفت نظرنا إلى إن الأهلي داخل معركة صفقات لاعبين والمعارك بيد أطراف أخرى أو كونها صاحبة اليد العليا في التفاوض وتملي شروطها المالية (المرهقة أحيانا) على الأهلي، مما تجعل الاخير ينفر من مجرد التفاوض ((استنادا إلى مقولة: الأهلي لا يقف على لاعب، لا للمزايدة، لا لرفع أسعار اللاعبين)). بالتالي فرص النجاح هنا تتضاءل لأن سوق الاحتراف في مصر حاليا، (ويا رب مؤقتا) صار في أيدي رجال الأعمال أو الشركات الكبرى (ويلاحظ وجود رجال الأعمال في ناديين تاليين على الأهلي في الترتيب، إلى جانب شركات البترول) مما يجعل خزائنها مفتوحة للشراء بمبالغ كبيرة اعتادت عليها، أو يجعل لغة الملايين – التي لم يعتدها الأهلي – موجودة ومتداولة ولها قواميسها في سوق انتقالات اللاعبين: باب البيع والشراء. ومع وجود بضاعة لاعبين جيدة في الناديين، يصبح الأهلي أمام خطر الرضوخ فيما بعد لمطالبها المالية.

الاهلي رفض الدخول في مزادات لاعبين، ولكن نادي "تاني" دخل وبقوة (يدعمه رجل أعمال). الأول لا يزال يعافر، وبمكسب هزيل لبطولة المباراة الواحدة، ومع تعادل وخسارتين خارجيتين كان القلق على مستقبل الفريق، وما إذا كان الفريق فعليا قادر على الصمود أكثر على مدار موسم طويل ومرهق أم لا(سواءا مع النادي الأهلي، وبطولاته المحلية والافريقية، واحتمالا العالمية أو المنتخب واشتراكه في كأس الأمم القادمة). هل الأهلي هيصمد فعلاً؟ هل هيكمل المسيرة؟؟ ولا الموسم هيبقى بداية لانهيار أو مؤشر على قرار إداري خاطيء؟ هل فعلا يجب عليك الاستماع إلى اختيارات المدير الفني دون توجيه أو تدخل حذر؟؟ هل الصلاحيات للمدير الفني يجب أن تكون مطلقة أم نسبية؟ لا داعي للحديث عن مبدأ الصلاحيات المطلقة او المساس بها، لأنه مدير فني آخر هرب بسبب عدم اطلاق يده في أمور فريق، هو مديره ومدبر شؤونه. هل لابد من الاطلاق أم النسبية؟ بصراحة الأمر معقد جدا، لأنه حتى الآن جوزيه مستمر بشكل جيد مع الفريق ككل (مع استحضار كامل الانجازات مع الفريق). ولكن اكتمال البورتريه في آخر مواسم جوزيه هو المشكلة، والمجلس المساند ممكن يكون هو الهادم لكل انجازاته في موسم رفض فيه الاهلي مبدأ المزايدة، في زمن صارت المزايدة أساس التفاوض.

جمهور الأهلي حاليا غير راض عن أداء الفريق. ولأن وجهة النظر ضيقة جدا، ولا تنظر أبعد من مباراتي السودان وتونس (خارج القطر المصري، وبعيدا عن الجماهير) فكان تحميل جوزيه ولجنة الكرة مسؤولية الهزيمة، وهو الأمر الطبيعي والغالب في انفعالات الجماهير ولعدة أسباب. الأول بسبب لاعبي الوسط وعدم ايجاد البدلاء ورفض التعاقد مع فتح الله، والثانية بسبب رفض المزايدة على لاعبين أو اعطاء الصفقات التمويل اللازم والاهتمام الأكثر الزاما بما يجعل الفريق قادرا على حصد البطولات. مع الأسف رغم تشجيع الجماهير للأهلي بجنون وبطريقة تحسده عليها الأندية أو اللاعبون في الأندية الأخرى، إلا أن ردود أفعال شريحة كبيرة منها، وانفعاليتها وتشنجها، تجعل تفادي تلك الردود في أوقات الكوارث وأزمات الفريق أمر صعب المنال. جماهير الأهلي تمثل السواد الأعظم من الشعب المصري، ولأننا شعب انفعالي، ولأن انفعالاتنا وليدة اللحظة ولا تترك لنفسها لحظات للتفكير أو للتأمل، يصبح رد فعلنا مع الأسف مبالغ فيه، والمبالغة تصبح مضاعفة في أوقات الأزمات والهزائم والانكسارات. وربما تكون إدارة الفريق ولجنة الكرة هي من أعطت للجماهير الحق أو المبرر للتنفيس. من اتهامات الجماهير إلى لجنة الكرة بالتقاعس أو البخل، أو التعامل بمنطق الماضي، أو التوفير في النفقات أو ترك الفريق دون تدعيم وانتهاءا بالغرور والتكبر أو التفريط في عقد الفريق، تتراوح انفعالات الجماهير وتشنجاتها وربما تصل إلى حالة سخط عام في حالة الخروج الافريقي. لأن قرار اللجنة زي ما قلت سابقا قرار يعتمد على طول الأجل، وقرار استراتيجي أو قرار يستند إلى مبدأ ("لا لرفع أسعار اللاعبين") فالأهلي ممكن يتحمل نتيجة أخطاء الفكر القائم على مبدأ، حتى وإن كان سليم أخلاقيا، أو سليم نظرياً. ولكن لطول فترة الانتظار لما سيسفر عنه القرار على اللجنة والجهاز الفني تحمل ردود فعل الجماهير واللافا المتطايرة من البركان الثائر.

زي ما حملوكم على الاعناق فترات الانتصار، عليكم تحمل لعنات الانتظار، ولكن المشكلة أن التوقيت سيء قبل موسم الانتخابات.

Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

1 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On September 5, 2007 at 9:37 AM , ahly12 said...

ياريت تكتب مقالات على نفس مستوى اسلوب الكتابة بتاعة الموضوع ده .. بالرغم من طوله الا انه شدنى من اول كلمة لاخر كلمة .. ممتاز :)