3:42 AM | Author: Al-Firjany
الأوضاع المختلة في البيئة المصرية لكرة القدم أوجدت صراعات من أنواع مختلفة، وبين أطراف متباينة القوة والحجم. ومع اختلاف الأطراف في القوة والضعف، ومع اختلال الاوضاع، نلاقي الأطراف الضعيفة تكسب بعض الجولات، مع خسارة مرحلية للطرف القوي. وبوجود ميزان أعرج، يتراوح مؤشر الميزان إلى كل طرف على فترات زمنية متقاربة، ومعاه وبيه تستمر الاوضاع على نفس النسق، ويستمر الفوز للضعفاء، فيما لا يعلم ولا يعترف الأقوياء بخسارتهم، ليبقى الوضع المعوج على ما هو عليه.

من ضمن الملاحظات المدونة والظاهرة في مشكلات كل من المعتز بالله اينو وشريف أشرف مع الزمالك والأهلي على التوالي والترتيب، نلاقي تواجد الناديين بقوة رهيبة ضد لاعبين صغيري السن بمفرديهما. ولكن الغريب في الحالتين هو استعمال اللاعبين كأداة من قبل كل نادي ضد النادي الآخر. بمعنى إن فوز اللاعبين كان لوجود دعم ومساندة قوية من قِبل أيهما ضد الآخر، وإن كان النادي واقف خلف الستار، وظهوره على المسرح كان بيتراوح تبعا لقوة موقفه (أو موقف اللاعب)، أو ضعفه.

كنت اتكلمت في السابق – في عز مشكلة إينو – عن غياب فترة ما قبل الفريق الأول في تحليل المشكلة. بمعنى إن نصف الحقيقة الآخر غاب في أثناء تعاملنا مع مشكلة إينو – الزمالك،

نظرتنا للاعب على إنه خان النادي وتركه في حين إنه السبب في تألقه، إلخ
وتغاضينا عن الظلم الواقع على اللاعب في مرحلة الناشئين وهي مرحلة غير مرئية

وما بين المرئية وغير المرئية يظهر التناقض .. أو ردود الفعل الانفعالية غير السوية
بمعنى إن الظلم الواقع على إينو كان السبب في تركه للزمالك
في حين الظلم نفسه لم يكن مرئي بالنسبة لنا .. وهو المسبب للفعل (ترك النادي


ونفس الأمر بالنسبة لشريف
شريف حس بالظلم في الأهلي
تصعيد لاعبين قبل منه، اغتيال حلمه بالاحتراف في بلجيكا، عدم تصعيده للفريق الأول ،إلخ
أول ما الزمالك دق الباب .. قال لك فرصة وعض عليها بالنواجذ


في الحالتين شعور بالظلم، والشعور غير مرئي وغير محسوس بالنسبة لنا (زي ما مرحلة الناشئين مرحلة غير مرئية بالنسبة لنا) وهو المسبب في رد فعل اللاعبين. والمثير إن الشعور بالانتقام من اللاعبين جاء بانتقال إلى غريم كل واحد (شوف الرغبة في الانتقام لما توصل بيك إلى الوصول إلى أقصى درجات الكره للنادي اللي انت متربي فيه بالذهاب إلى ألد الأعداء). ونظرا لطول القصة، فالراوي يكتفي باللمحات في القصتين الحاليتين، أملا في تناول القصة بشكل أوسع؛ عن حال الناشئين في الأهلي أو الزمالك. [ونكتفي بذكر حماس أحمد جلال ضد الأهلي في مباراة المصري، وحماس هاني العجيزي في مباراة بلدية المحلة ] ويتواصل مسلسل الفعل من النادي بالتسريح أو المعاملة، ورد الفعل بترك النادي من قبل الناشيء

مشكلة إينو استمرت قرابة موسم كامل، وكان ظهورها مصاحب لضجة على مراحل متفاوتة. فيما انقضت مشكلة شريف أشرف بسرعة، مقارنة بمشكلة إينو. يمكن لأن شريف سنه صغير، أو مجرد ناشيء، أو لانسحاب الأهلي من الصفقة بفعل الخطأ الاداري، في حين إن إينو كان لاعب فريق أول. ولكن كل نادي حاول اللعب ضد اللاعب، وكل حسب طريقته، وتعامل الأهلي أو الزمالك، كان مثال لتعامل كيان ضخم، ضد لاعب فرد واحد (صغير السن، قليل الحيلة). ولكن قوة الفرد الواحد كانت بتزيد بانضمام الكيان الضخم الآخر في صف اللاعب. ومع كل نادي تلاقي الإعلام، أداة أخرى من الأدوات في يد كل نادي تظهر عند اللزوم:

في مشكلة إينو يُتهم بإنه خاين، وعلى الجانب الآخر تلاقي الدفاع بإنه لاعب يطبق الاحتراف، "ولازم نتعود يا جماعة على عصر الاحتراف". إلخ الكلام الجميل غير العملي

وفي مشكلة شريف يظهر الاتهام بالخيانة (من اللي كان لسة بيتكلم على الاحتراف)؛ ويظهر من يتحدث عن الاحتراف (من اللي كان لسة بيتكلم على الخيانة) ويستمر التلاعب بالألفاظ طالما الجمهور المستهدف كان مصاباً بالزهايمر!

وهكذا تختلف اللغة والحوار تبعا لتغيير وجهة كل لاعب. وهنا نقدر نعتبره أحد نماذج الأوضاع المختلة في ميزان المزاج "الرياضي" المتقلب والمختل.


يجوز إن سِن إينو أو شريف لا يسمح لهما بإدراك كونهما مجرد أدوات في يد كل نادي للرد على الآخر. مجرد دُمى يحركها مجلس ادارة كل نادي فيهم لاثارة الجماهير وإظهار كل نادي كالبطل على المسرح. ولكن جايز إن اللاعبين هم من يحركون الخيوط الخفية .. أو جايز إنهم عارفين إنهم دمى ومستمتعين لأنهم مستفيدين .. أو جايز عارفين ومطنشين .. ولكن في كل الحالات هم أطراف داخلة في الصراع، وخرجت مستفيدة في النهاية مادياً، وإن كانت الاستفادة الفنية لم يحن أوانها بعد. الوضع المختل في السوق الرياضية، ورغبة كل نادي في الرد على صاع الآخر، مع وجود الإعلام الغبي كطرف مهلل ومساعد ومحفز، تجعل انتقال لاعب من أيهما إلى الآخر مهول، ورغبة النادي في الانتقام، مهما كان الثمن، تجعل اللاعب المستفيد رقم واحد.

الناس تتكلم على منافسات القطبين الموسم الحالي، وهل هيستمر الأهلي في الفوز باللقب، أم ينازعه الزمالك بصفقاته الجديدة، أم يظهر الاسماعيلي كطرف ثالث من بعيد ويقلب الطاولة. ولكن فيه منافسة من نوع آخر بين اللاعبين شريف أشرف وإينو (في حالة مشاركة شريف مع الفريق الأول). كل لاعب انتقل إلى النادي الآخر، وصاحب انتقاله ضجة وجعجعة، ولكن هل هنشوف طحن؟؟ الملاحظ في انتقال كل لاعب من ناد إلى الآخر إن النادي يساعد اللاعب جدا في أزمة الانتقال (بمعنى الدعم المادي والمعنوي، ونظام "اصبر وإن شاء الله هتنول في الآخر، وما تخافش احنا وراك يا رأفت"). ولكن فيما بعد وبعد انقضاء المولد، ومع دخول اللاعب نفسه المعترك الفني داخل الملعب، تفاجأ بعدم وجود دعم فني، وترك اللاعب وحيدا في مواجهة المدير الفني (في الغالب أجنبي). ولأن المدرب الأجنبي لا يعترف بالكلام الفارغ الموجود حاليا، ولا النزاعات ولا الانتقام ولا "ما تلعب ده والنبي يا خواجة"، يتركن اللاعب (لأنه في الغالب قادم بالعند). ويمكن دي أوضح في الأهلي عن الزمالك. ولكن الغريب هو إن كل نادي يستطيع أن يقف أمام النادي الآخر بآلة اعلامية جبارة، ويستطيع أن يجند كل أسلحته للوقوف خلف اللاعب إدارياً، وبعد انتهاء الخلاف ودخوله أمام المديرالفني، لا يقوى نفس النادي على مواجهة الخواجة الأجنبي. وضع غريب، وعجيب، ولكن لأننا اتفقنا إن الوضع كله مختلف في خلفية الانتقالات، لا مانع من اختلال الوضع الفني. وده ينقلنا للتحليل الفني لكلا اللاعبين.

المقارنة بين الاثنين في حد ذاتها غير عادلة لاختلاف ظروف كل واحد فيهم في النادي المنتقل إليه، مع اختلاف وضعه في الفريق، ولا داعي للحديث عن فارق السن. المعتز بالله إينو قادم من نادي هو أفضل لاعب في خط وسطه، ولكنه ذهب إلى غابة وحوش في نفس الخط (شوقي – حسن – عاشور – بوجلبان). ولكن قدوم إينو كان لتوالي العروض (الخفية) على محمد شوقي (زي ما محمد صديق انتقل للأهلي لوجود عرض على وائل جمعة من بلاك بيرن)؛ إضافة إلى وجود عروض لحسن مصطفى من الخليج وتركيا، ووجود مشاكل في التجديد. بالتالي كان فيه داعي فني لوجود إينو وللتمهيد بالدفع به قبل رحيل متوقع لأحد لاعبي الارتكاز المهمين. وحاليا إينو يشارك على هذا الأساس. إذن هناك داعي فني لإينو، أما توفيقه أو عدم توفيقه فأعتقد الظروف مهيأة لظهوره مع الفريق حاليا، لغياب شوقي المتوقع، والتدريج الموجود في الدفع بيه يوحي بإنه عرف يفهم دماغ جوزيه. على الجانب الآخر شريف أشرف شايف إنه يستحق اللعب في الفريق الأول، وهو يستحق لأنه الكلام عليه في قطاع "الناشئين" كله ايجابي، وهو شايف إنه "لو اتحط في منافسة مع حد، يقدر ينجح بسهولة، وده اللي ما لقاهوش في الأهلي" (ده كلامه على دريم). ولكن هجوم فيه لاعبين من مختلف الأعمار والمراحل السنية، ومنهم العائد من احتراف خارجي والمحترف داخليا وابن النادي، ومهاجم كبير ومهاجم صغير، هل هيسمح هؤلاء بعبور ناشيء صغير؟؟ هل شريف نفسه هينجح في اثبات نفسه مع الفريق الأول؟ ظروف الاحتراف لشوقي مهدت الظهور لإينو، ولكن مجلس الزمالك لم يفتح الباب لزكي إلى البريميير ليج، ولو كان حصل، كانت زادت جدا فرص شريف. أعتقد فرصة شريف الموسم الحالي ممكن تكون صعبة في اللحاق بالفريق الأول، إلا لو كرول اقتنع بامكاناته، أو "سانده وسنده مجلس الإدارة". شريف مهاجم متميز وكان يقال عليه "خليفة متعب"، هنشوف ناشيء الأهلي السابق هينجح في ازاحة لاعبي الزمالك، وهل رغبة الانتقام هتساعده على الظهور وتدفعه لاظهار مهاراته؟ ولا سرعة انقضاء مشكلته وعدم استمرارها فترة طويلة هيخليه ينسى اللي حصل، ورغبته الانتقامية هتقل بفعل الزمن والنسيان؟! هل ممكن يحترف عبد الحليم علي ويمهد لظهور شريف؟ ولا هو كان جاي لمهمة معينة، وانقضت وحقق المطلوب منه؟! كل شيء جايز، وان بدأت تجربة إينو سابقة على تجربة شريف، وفي الحالتين علينا انتظار النتيجة.

جايز الوضع المختل السبب فيه كلا الناديين، وجايز هما أصلا نتاج وضع رياضي متخلف، في بلد لا تعرف النجاح الكروي على مستوى قمة الهرم (اتحاد الكرة) أو قاعدته (اللاعبين). ولكن الوضع يسمح بوجود استفادة في القمة والقاعدة وما بينهما، مع وجود طرف مهلل، لا يقوى على مقاومة انتماءه، ويتحدث تبعاً للون الفانلة، ويكتب كلاما هو نفسه غير مقتنع به، أو كلامه يتغير على حسب الكيف. ولكن حكاية اللاعبين المذكورين تنذر بتحول ساحة القتال وانتقالها من ملعب الفريق الأول، إلى ملاعب الناشئين.


ما احنا أصلنا ناقصين، ما دمنا في مقاعد المتفرجين المصفقين

Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: