9:12 AM | Author: Al-Firjany
قبل ما تسوبيل يمشي ويسيب مصر، قال كلمة حكمة في حديث لأخبار الرياضة: "الفرق بينكم وبين أوروبا تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة". في مصر، طالما ظل تغليب الانتماءات على أمور من البديهيات، يبقى تطبيق أي عقوبة من رابع المستحيلات. مع الاسف مشكلة عمرو زكي مش مجرد لاعب شتم أو تفوه بكلمتين في لحظة انفعال على قرار حكم، مع تركيز مخرج على حركة الشفاه، ولكن تعامل اطراف أخرى مع المشكلة إضافة إلى مشاكل أخرى – قبل وبعد المشكلة الأساسية - يبين غياب أساسات وأساسيات كثيرة جدا في التعامل مع كرة القدم بشكل عام، أو مع الإدارات المرتبطة باللعبة بشكل أخص.

أولى الغرائب كان في إعتراض البعض على تركيز المخرج على لقطة عمرو. في حين التقاط الانفعالات موجود وبنحبه في الملاعب الأوروبية أو كأس العالم بتركيز المخرجين على انفعالات اللاعبين والمدربين في حالات الفرح والحزن. ولكن عند عمرو يبقى المخرج مترصد ومتصيد وما يصحش وكخة. لكن الخطأ الأكبر كان من أطراف كثيرة جدا التقطت الخيط الرديء ولعبت بيه بشكل أكثر رداءة. مبدئياً الرفض لمشاهدة حركة الشفاه يمكن يبين عدم مقدرة الشعب المصري بصفة عامة على رؤية نفسه في المرآة. المصارحة مع النفس غائبة .. تماماً كما أن القدرة على رؤية نفسي في موقع الخطأ، بل وعدم القدرة على مواجهة الخطأ غير موجودة بالمرة. الخطأ موجود، والتعامل الخاطيء موجود، ولكن لا عقوبات على الخطأ، حتى في حالة ثباته وإثباته. ويظل الكل على سباته

خطأ زكي سبقه عدة أخطاء، زي ما هييجي بعده أكيد أخطاء ويجوز أن الخطأ هنا ركز عليها وسلط عليها الأضواء واسترجعنا معاه شريط ذكريات الشتائم(!). (شوف لما تركيزنا على فعل خارج يخلينا نركز على أفعال خارجة أخرى، لتبرير الفعل الحالي!). الغريب إن الدفاع عن عمرو لم يكن بالدفاع عن الفعلة نفسها، لأنه الفعلة نفسها لا تحتاج إلى دفاع بالأساس، ولكن في قبح الدفاع في ذاته ووصوله إلى مرحلة من السفالة والدنو بتركيزه على طريقة "طب ما فيه لاعيبة بتعمل". (كان ممكن الدفاع يبقى أوقع لو قالوا "طيب ما احنا بنعمل كدة!!"، علشان نفهم سر الدفاع المستميت). ولكن لأن الطابق مستور، واحنا عاوزينه مستور ومطمور، يبقى لابد من الدفاع، بل ولصقها بالآخرين.
هنا تظهر أولى الأخطاء في غياب التطبيق على الكافة، أو العقوبات الرادعة أو الحكام الأقوياء أو الاتحاد الشجاع. أصبح تكرار حالات السب والشتم في الماضي (وربما في المستقبل) هو المبرر لفعلة في الحاضر. بل الدفاع الحالي عن عمرو يعطي تبريراً وجيهاً جداً لأي لاعب يريد السباب والتعبير عن غضبه "بالطريقة اللي تعجبه". وجود الفعلة والتبرير الحالي والدفاع المقيت عن السب يفسح المجال بشدة لظهور المصطلح المصري الأصيل "اشمعنى!". بل والمستفز هو تركز المدافعين - في مرحلة متطورة من الدفاع - على شفاه لاعبين آخرين - ومنهم الأجانب – للتدليل على وجود السباب في الملاعب مباحاً ومتاحاً. كله بيشتم، وعمرو كمان!! مش سخان أونو بالزيت، والتانيين كمان!! وامسك الزيت وولع

شوف لما الانتماء والدفاع عن الخطأ يوصلك للتركيز على وجود قلة أدب مماثلة في الملاعب ... للدفاع عن فعل هو ذروة قلة الأدب.
شوف لما تلاقي واحد قاعد قدام التليفيزيون .. مستني ومنتظر ومتلهف لحركة شفايف فيها سب، ليضمها إلى عريضة الدفاع!!!! ء
شوف لما الدفاع عن فعل قميء يوصل إلى فتح ملف الشتم في مصر، والتركيز على السابق واللاحق واستدعاء كل من سبوا والسباب في الملاعب المحلية والأوروبية!! ء

واضح إن الانتماء صار هو الأقوى في مصر، وصار المغيب الأول للوعي وغياب احترام الذات، واحترام الآخرين. صحفيين (...) وحتى أعضاء منتديات يتكلموا كما لو كان الأمر عادي جداً وبتفاهة لا تطيق معها الاستماع أو حتى النظر إليهم. طالما اللي قدامك فقد احترامه لنفسه، يبقى لا داعي ليك إنك تحترمه.

كان الغياب الأول لمباديء الإدارة عمن يديرون شؤون اللعبة في مصر وهي "التطبيق على الجميع". بل كان المبدأ الغالب واللي احنا عارفينه هو "التطبيق ع الكيف". مجلس الإدارة لا يعلم كيف يطبق العقوبة، وإن طبقها يعدلها، وإن عدلها وأقرها فهناك سوابق تؤكد أنه لم يطبقها من الأصل. مع الأسف غوغائية التعامل تمتد إلى الجماهير بلا وعي، وتغيب الأسباب الحقيقية للتعامل مع ملف زكي في أروقة اتحاد الكرة. فالمصالح هي القاعدة الموجودة لدى الاتحاد الكروي في تطبيق أو عدم تطبيق أي قاعدة من أي نوع. وجود المصالح في السابق منع الأخذ والتعاطي مع الاعادة التليفيزيونية في واقعة ابراهيم سعيد "طالما الحكم لم يذكرها في تقريره". ووجود المصالح منع انزال العقوبة على عمرو زكي حتى مع ذكر السب للحكم الأسباني في تقريره لمباراة نهائي الكأس (كما ذكر د. علاء صادق). ليه؟ لأن المصالح موجودة، بالتالي ممنوع أي حد يمس اللاعب طالما العلاقة سمن على عسل مع المجلس المتحكم في اللاعب. أما دلوقت فلا وجود لمصالح، يبقى نطبق القانون! لاحظ تبادلية العلاقة بين تقرير الحكم والمصالح، وكأن التقرير أداة تظهر في غياب المصالح ، وتختفي في وجودها. مش عارف ليه حاسس كأن شوبير أو مجلس الاتحاد عامة كما لو كان لقى لَقطة لُقطة، لتصفية حساب ما، أو لوجود خطأ ما في المصالح، أو للضغط لصالح بيزنس خفي. (ولاحظ وجود أحمد شوبير وحده في المواجهة حتى الآن). رد الفعل الفوري من الزمالك ممثلاً في ممدوح عباس (في أسبانيا) جايز يكون رد على اتخاذ شوبير لعمرو زكي كأداة. تركز رد الفعل الأبيض عليه، يبين إن ممدوح عارف الفولة ويبدو إن الصفقة المطلوبة صعبة التمرير. بالتالي كانت الحرب على خناقة تافهة بخصوص لاعب، تخفي وراءها حرب أخرى دائرة من وراء الستار. وجود المصالح وترابطها بشكل رديء في كرة القدم (التي لم تعد ترفيهية) يمكن يتساوى مع نفس رداءة فعل عمرو زكي نفسه، إن لم يكن أقل. وهنا نقدر نلمس تحرك الجماهير غير الواعي في الاستاد ودفاعه عن السباب بسباب، بعد تمرير بيان ممدوح بمقاطعة أحمد شوبير، والسبب اكلاشيه وبيظهر وقت اللزوم : "محاربة الزمالك"!! (ولاحظ توقيت البيان قبل الماتش مباشرة، علشان المشاعر تبقى مؤججة وطازة، بعد أما البيان سواها، ولكن على نار حارقة). ء
في حالات الدفاع كان فيه فلاش باك للتذكير بحالة متعب، في اعتراضه على التغيير في مباراة أفريقية (خارج نطاق اتحاد الكرة المصري)، وربما خارج نطاق الكاف أيضاً، ولكنها داخل حدود النادي الأهلي وكان التطبيق السلس لمبدأ العقاب ولم يدخل اللاعب تمريناً رسمياً داخل النادي إلا بعد 10 أيام، مع دفع غرامة كبيرة (40 ألفاً). ولكن الواقعة نفسها دليل إدانة أكثر منها دليل براءة لعمرو (وللمدافعين).

وفي حين كانت واقعة عمرو داخل الملعب .. ومواجهة للكاميرا
كانت واقعة متعب خارج المستطيل الأخضر، وخلف الكاميرا (لم يستطع أي مصور التقاطها) ه
وفي حين لم يدافع أي أهلاوي عن واقعة متعب .. بل وكان الحديث والهمس والجدل عن "قسوة" العقوبة (مع عدم رفض مبدئها او توقيعها من الأصل)ه
دافع عن عمرو زكي أسطول من المحامين الأفذاذ .. وكان الشخط والنطر و"السباب" حول توقيع العقوبة في حد ذاته (!!)

التطبيق السلس كان من النادي الأهلي داخل جدرانه، ومن إدارته على أبنائه. ولنجاح التطبيق الإداري (والأدبي)، لم تظهر احتجاجات كما كان الحال عند الفشل الإداري في تطبيق عقوبة ما خارج نطاق الأهلي. لم يستطع طرفان التوصل إلى صيغة تتيح توقيع عقوبة على لاعب أخطأ، فيما كان توقيع العقوبة موجوداً وحاضراً في واقعة أخرى.

رفع شعار المباديء والأخلاق كان مفاجئاً بالنسبة لي، من ناحيتين: من قائلها ثم توجيهها إلى جمهور معين! شوبير رفع مصحف عثمان في وجه الآخرين، ولكن لو كان المصحف مرفوع من قبل دوماً، كانت الأمور مشيت. في صراع أحمد شوبير – الزمالك (عباس)، كل واحد استخدم لغته وأدواته، وكانت المباديء والأخلاق في يد شوبير ووجود لائحة طرية تستعمل عند اللزوم، وكان الجمهور في خدمة عباس. الموضوع كان بالأساس قيمة أخلاقية نحاول اثباتها، ولكن لم تثبت، لأننا فشلنا في قضايا سابقة، أو لم يكن هناك تطبيق من الأصل. وفجأة حاولنا التطبيق ودخلت في النص لعبة المصالح والتعصب والانتماء. حتى القيم والمباديء صارت مطوعة لخدمة المصالح. ولكن لأن التطبيق مشوه، فلا يمكن "نمشي على سطر ونسيب سطر"، فكان الصدام.

دفاع جمهور الزمالك عن فعلة عمرو غريب، ولكنه غير مستغرب بالنظر إلى كون الجمهور ينظر إلى العطاء في الملعب ولا ينظر كثيراً (ولا داعي لقول إنه لا ينظر أساساً) إلى الجانب الأخلاقي. جمهور الزمالك أو النادي في العموم ينظر إلى اللاعب نظرة فنية بحتة، دون النظر إلى أخلاقه. الخطأ في التعامل إن الكلام موجه ضد لاعب سجل هدف، ولكنه شتم. الطبيعي وجود كلام على الفعل بوصفه قبيح، ولكن الجمهور مستغرب، لأنه تركيزه أكثر على هدف التعادل، ثم الفوز. لأنه الجمهور يهمه الفوز، حتى لو الفريق كله شتم!! ولأن البعد الأخلاقي غير موجود بالمرة (اللي مقتنع إن عمرو غلط (وهم قلة)، يجيب فلافيو والحضري في جملة غير مفيدة، حتى لو لم يثبت شيء على اللاعبين!!). ء

الجانب الثاني كانت في غياب الدفاع بالمنطق – أي منطق – في عز الكلام، وكنا نسمع أي كلام والسلام. جمهور ولا يفهم برتغالي، ويتكلم عن ويترجم ويشرح كلام فلافيو، وانفعالاته بعد الأخطاء المحتسبة ضده (ونترك قليلاً حكاية اضطهاد فلافيو من الحكام). جمهور يترك الفعل الأساسي (من عمرو زكي) لينشغل ويشغلنا معه ضد أحمد شوبير (يلاحظ وجود هذا الفكر الأبيض المتمثل في ترك الأساس، للمرور إلى الفرعيات، لنسيان الفعل الأساسي). بقدرة قادر تركنا الموسم الحالي وعدنا إلى الوراء لموسم سابق لاعادة حركة شفاه لعصام الحضري، وبقدرة قادر تحول عمرو زكي إلى
· بيشتم نفسه
· بيشتم الحظ
· ما بيشتمش .. وإيه يعني الكلمة أساسا؟!!!! ء

الانتماء محا العقل، والدفاع بأي كلام والهذيان بقى الغالب. فلافيو صار المتهم، بعد أن كان عمرو. وفلاش باك يتعمل، لاثبات أن الخارج عن الآداب العامة يجب أن يمر مرور الكرام (أو غير الكرام)، بل ونضرب له تعظيم سلام، طالما مر من قبله! ولا عارفين نعاقب، ولا عارفين نطبق أخلاق، حتى ولا عارفين نلعب كورة! على رأي د. صادق، نحاول نطبق الأخلاق، وأهو نكون نجحنا في حاجة واحدة.

كلمة أخيرة
من عجائب الأقدار في الكرة المصرية، إنه لما يقع نادي أو لاعب في نادي في خطأ، تدخل لعبة المصالح: جمهور المنافس يعيب في الفعلة واللاعب، وجمهور اللاعب يدافعون عنه. ومع الأسف ده الحاصل حالياً. ولكن العجيب هو تكرر الحركة أو الفعلة من المنافس وتبدل الأدوار وتبادلها ما بين الجماهير، ليصبح المهاجم مدافعاً، والمدافع مهاجماً. ومع حالة عمرو زكي الحالية، وفي ظل أخلاق منحدرة لبعض لاعبي الكرة، كل الأمور واردة جدا.
بعض من جمهور الأهلي يطلب ابراهيم سعيد لأنه الأمل في تعديل حال دفاع الأهلي المايل. وابراهيم سعيد حالياً يقود حملة تسويقية عالية، والسلعة هي ذاته ومهاراته. يمكن يكون الفتى العائد (أو الهارب- الراغب في العودة) لاعب مقاتل فنياً، ولاعب ممتاز في مركزه + مراكز أخرى؛ ولكن لو رجع إلى الأهلي على الحالة الحالية، فبلاش استغراب لو لقيناه يعمل حركة زي عمرو زكي .. أو أعنف. وساعتها لا تلوموا إلا أنفسكم. وساعتها جمهور الزمالك هيلاقي سبب أوجه لضمه إلى عريضة الدفاع ضد جمهور الأهلي، لو لقوا جمهور أهلي ساعتها (لأن حاجات كتيرة هتكون اتغيرت)ء
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: