1:33 AM | Author: Al-Firjany



على مدار العام الأخير، أظهرت أزمات انتقال بعض لاعبي الاسماعيلي إلى الأهلي عقلية إدارية ساذجة لدى إدارة "الدراويش" في مواجهة احترافية إدارة حامل لقب الدوري. الأحاديث عن الخيانة أو الأسئلة الساذجة عن جلوس اللاعبين احتياطي على دكة الأهلي كانت تنم عن عقليات هوائية، تطير خارج مدار الزمن .. عقليات لا تزال تتحدث معك بلغة قديمة لم تعد متداولة هذه الأيام ، ممكن تراها منقوشة على جدران المتحف. لفظها الزمن ولفظ متحدثيها معها. فوجئت في مباراة الاسماعيلي والاهلي انتقال نفس العقلية الادارية إلى الفنية .. وإن ظل الاسماعيلي على أسلوب لعبه المعتاد مع بعض التغييرات. على قدر ما حملت مباراة الاسماعيلي والأهلي الكثير من اللمحات الفنية والمهارية (المعتادة) من جانب الاسماعيلي ، على قدر ما استمرت على نهج وخط يسير عليه الاسماعيلي في بعض أو أغلب مبارياته: لعب كثير، وتسجيل قليل، وفي بعض الاحيان يقابله الخصم بشعار: ليه تلعب أكتر، لما ممكن تكسب بأقل. وتتراوح مكاسب الخارجين من الاسماعيلية بنقطة وأحيانا بالثلاثة، وتروح ناس وتيجي ناس، وآدينا في نوفمبر .. روح يا نوفمبر، و"الدراويش" في نفس الحلقة: الدوران .. ثم الدوران.

غيابات الأهلي أثرت عليه أكثر من تأثير غيابات الاسماعيلي، مع وضع عامل الاجهاد ووقوع المباراة ما بين مباراتي نهائي في الاعتبار. عانى الاهلي غيابات في أماكن تفوق الاسماعيلي؛ منها الطرفين الأيمن والأيسر وعمق الدفاع .. مع غياب محدود في خط الوسط. في حين عانى الاسماعيلي من غياب مؤثر نسبيا في عمق الدفاع (مع بعض القلاقل في حراسة المرمى وإن لم تبد مؤثرة). لم يؤثر كثيرا في ظل تراجع خط وسط الأهلي لمعاونة الطرفين الشابين ومعاونة المساكين في مواجهة هجوم الاسماعيلي السريع (وأحيانا المتسرع). جوزيه زي ما يكون يتفنن في "زنق" رامي وشديد قناوي .. إن لم ينزل بهم أمام النجم، دفعهم أمام حلقة أضيق. الاهلي عانى بعض الشيء أمام فريق يجيد نقل الكرة السريعة مثل الفريق الساحلي مما يجعل الاسماعيلي بروفة جيدة وفريق تجارب ناجح قبل لقاء النهائي الأهم.

الأهلي لا يخيب الظن في لقاءات الدوري التي تسبق مباريات قارية حاسمة .. من حيث الأداء المتوسط والتعادل أو الفوز الشاق ( تابع مباريات الدوري التي تسبق مباريات دور الـ8 أو ما قبل النهائي تجد نفس الأسلوب تقريبا). حتى لو طالب جوزيه اللاعبين بالتفكير في كل مباراة على حدة، فالتفكير الأهم منحصر في 9 نوفمبر (وهذا ما لا يدركه أحد حتى من تطاول للمنافسة). وربما كانت هذه أولى مشكلات الأهلي في مواجهة فريق يعتبر مباراته مع "الأحمر" بطولة، بل نهائي كأس عالم، وثأرية، وانتقام بلا غرام، ويا قاتل يا مقتول ، وأم المباريات، وعاصفة الصحراء ... في حين هي بالنسبة للأهلي مجرد مباراة عادية، أوقعها حظه وحظها في رحى بطولة أهم .. فأشاح بوجهه عنها، تاركا فتاتها إلى من يشتهيه.

شيء غريب لما تقابل فريق في مباراة بالنسبة لك عادية ... في حين هي نهائي بالنسبة لخصمك. ربما كان هذا سببا في حدوث بعض الانهيار النسبي للـ11 درويش بعد الدوران في حلقة الأهلي، كما يحدث للفرق الكبيرة بعد نهائي البطولات عامة. ولكن الأغرب كمان مع الاسماعيلي هو إنه يعامل مباريات الدوري الاخرى معاملة مباريات الاستعداد، بمعنى كل النتائج متاحة (أكسب أخسر أتعادل: مش مشكلة) .. وكله يهون في سبيل الفوز بالليلة الكبيرة. الاسماعيلي لا يدري أنه بهذا المنطق يضع نفسه في منزلة الفرق الصغيرة التي تتألق امام الأهلي، وتكاد تتلاشى في باقي المباريات!! كل فريق ينام على الجنب اللي يريحه

اسماعيل حفني لم يبتعد عن استعمال تكتيك مدربين مصريين في مواجهة الاهلي (في ظروف معينة). تكتيك بدأه محسن صالح وسار عليه المنياوي، وبعده على الدرب حفني. عمر جمال لاعب مميز وموهوب ومهاري أراد حفني الاستفادة منه على طرفي الاهلي المستجدين - عادل وشديد – فلم يفلح معه إلا بهدف يتيم بعرضية واحدة. أداء جمال لم يتجاوز حدود الامتاع "بالمفهوم المصري"، ولا عجب فالاداء الجميل واللعب البديع كان مهما، ولكن مع وصول الجمال إلى الامتياز لم يحدث الفوز. عمر راوغ ومرر وصنع وهدد .. ولكن المحصلة؟ = هدف لحمص والاسماعيلي استطاع التعادل. نقدر نقول إن دي كرة الاسماعيلي بصفة عامة، من حيث وجود "جمال" كروي بعيد عن الصندوق، وأحيانا داخله، ولكن القدرة على التهديف أقل.

رفع أعلام النجم الساحلي أتاح لي عمل ربط بين مباراتي سوسة والاسماعيلية من حيث تكتيك جوزيه الفني، حتى وإن بدا للقاريء الأمر غريبا ومستفزا. الأهلي واجه فريقين سراع وهو مجهد. كان تكتيك جوزيه قائم على محاولة الدفاع لكسر حدة السرعات وهو شايف فريقه مجهد وعارف إنه عقل اللاعبين (ويمكن عقله) مشغول بماتش القاهرة. احنا في إيه ولا إيه؟ لو نرجع لورا شوية، نلاقي قدرة النجم على الفوز وهو أفضل نسبيا من الأهلي (نفس حال الاسماعيلي) ولكن في المباراتين نجح الأهلي بالخروج بالنتيجة التي يريدها، وربما بلا خسائر. أسلوب لعب جوزيه والأهلي الواقعي يضع المنافس في خانة معينة تشعر معها وكأنه مستحيل على الأهلي إنه يخسر (وإن كانت مباراة بتروجيت مرشحة لكسر القاعدة، لغياب الهمجية في جماهيره أو إدارته، كما أن البترو نجح في الحفاظ على تقدمه في الاسماعيلية عكس الأهلي) أو إن الأهلي سيعافر بجدية من أجل عدم الخسارة. اللاعبين والمدرب اعتادوا على وضع المنافس والمباراة في اطار معين لا تتجاوزه .. ولا يتجاوزه المنافس، في حين ربما يتجاوزه الأهلي. (ممكن أكسب النجم في تونس، ولو لم أفز، لا أُهزَم). وهو نفس ما انطبق على المباراة الماضية. فالاهلي كما يقول أ. المستكاوي فريق " من المجتهدين" (ممكن تشيل الــ ت لو تحب) خرج أمام فريقين أسرع منه بنتيجة ترضيه (في الحالتين خارج أرضه) وبنفس التكتيك تقريبا، بالاعتماد على مثلث هجومي مقلق أمام فريق مندفع للهجوم. ولاحظ بعد مباراة النجم حالة الغضب من ضياع الفوز في التوانسة، وفي حالة الاسماعيلي، مع تغييب فرص الأهلي القليلة في الحالة الثانية (لاحظت وجود تغطية أكبر لفرص الدراويش في المباراة مع تغييب لأهم فرص الأهلي). أسلوب لعب الأهلي يمنع الفريق الآخر حتى مع سرعته من الحصول على فرص أكثر تهديفية على المباراة خصوصا مع وجود الحضري. حالة فضل وكريم تبين النقطة دي تحديدا.

قلت فوق إني انتظرت تسجيل كريم أو مستوى عالي منه، ولكني لم أجد إلا مستوى يستأسد به إلا على الدفاعات المفتوحة كالزمالك في بداية الدوري .. أو المريخ السوداني المندفع كالخرطوم. في الحالة الأولى سجل وفي المباراة الثانية أبدع وكاد. أمام الأهلي بدفاع نص سوا وبشبه اجهاد لم يستطع كريم التسجيل إلا متسللا، أو بتسديدة .. وشكرا. ربما كان يجب على كريم أن يفهم فيما بعد أن تسجيل أهداف في لقاءات أخرى كوم، والتسجيل في لقاءات الأهلي كوم تاني، أو ربما كان عليه أن يفهم إشارات جمهور الاسماعيلي ونفخه، أو أن يعي معنى اللقاء الحربي للأهلي في الاسماعيلية ويزيد من تهديفه، أو ربما كان يجب على الجمهور نفسه زيادة الكورس حبتين كي يهضم مصطفى كريم الدواء ويستعد للقاء كما ينبغي .. نشوفك إن شاء الله استشارة في ماتش الدور التاني يا درش.



إعجاب وتقدير جمهور الزمالك والاسماعيلي "بأداء" لاعبي الأخير يذكرني بحال الزمالك في مبارياته الأخيرة مع الأهلي على مدى سنتين. كانت الفرحة جميلة من الخروج بهزيمة أقل من هدف .. أو بلعب جميل .. مراوغة هنا .. مهارة هناك .. كرة في العارضة .. في الحائط، في الشبكة (من برة). كانت الفرحة موجودة .. والبسمة معهودة. استمر الاعجاب بمهارات الدراويش أمام الاهلي من جانب جوز الجــ ـ ــماهير، حتى وإن كانت النتيجة غير مرضية. تقدر تقول إنها تسلية وتسرية عن نفسك بأي حاجة من المباراة من أجل الاحساس بالمكسب، حتى وإن كانت النتيجة النهائية غير كدة. أسلوب معايشة ومحاولة للفوز بأي بطولة . . حتى لو كانت في خيالك بس. ولاحظ في نفس الإطار التركيز على المهارات أو الجانب الفني مع اهمال حالات سباب جمهور الدراويش (وهو ما سيتم تناوله لاحقا بإذن الله)، وهو ما يعيدني إلى نقطة التركيز الفني والمهاري من جانب الجمهورين مع إهمال الجانب الأخلاقي بالكامل.



ه** طريقة لعب الاسماعيلي وتلقيب فريقهم بالدراويش أمر استرعى الانتباه بالنسبة لي. أسلوب حياة الدراويش من حيث وجود الدوران واللف والتطبيل والأبخرة والكلام والأدعية والحلقات، كلها أعمال كلامية أو صوتية .. لا يصدر عنها فعل حقيقي. ممكن أقعد أعمل حاجات كتير لكن المحصلة صفر. محصلة الدراويش لا تكاد تبرح حلقة الذكر التي يدوروا داخلها. لو سحبنا المثل على دراويش الملعب تجد حومان حول المرمى وفرص وكرة جميلة و"جمال" في الملعب، ولكن المحصلة النهائية مش دايما فوز (ممكن تعادل وممكن هزيمة) وتجر معاها خسارة دوري (لو اعتبرنا الاسماعيلي منافس من أساسه يملك مقومات المنافسة). وجود تسمية "دراويش" كانت بسبب وجود أكثر من لاعب يحمل الاسم درويش في الملعب، فكان اللقب. نقدر نحاول نطور المفهوم من خلال أسلوب لعب، لكن يبدو إن المبتهجين بالإسم لا يعلمون بتطوره. مش بس الاسم اللي اتطور، كرة القدم نفسها اتطورت، حتى بعض فرق البرازيل اتطورت، ولهذا مقال آخر، وزي ما الأهلي اتسلى قبل ماتش النهائي، مفيش مانع نتسلى بسيرة الاسماعيلي في المباراة.


Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: