9:58 PM | Author: Al-Firjany


لما تفكر في مسألة اجهاد لاعبي الأهلي، تنط في بالك بعض المقاييس التقليدية منها تعدد مشاركات النادي الأهلي أو للمنتخب القائم على النادي Ahly-based team. النقاد في العموم يتحدثون على الفريق ولاعبيه على أنهم قطار سريع يحطم من يقف في طريقه. التشبيه على بساطته وتقليديته، ممكن يرتبط بعامل الاجهاد، على نحو غريب جدا. وغير التشبيه وجود الذهب كعنصر اجهاد وجالب للمتاعب في حين إنه المفروض يكون العكس.

كثرة عدد المشاركات الأفريقية لأي نادي "حامل لقب" بطولة الدوري مسألة المفروض نفكر فيها بشكل أعمق. بصفة عامة عنصر الاجهاد يرتبط بأي نادي فائز بأي بطولة، ومعها يهبط الفريق في فترة ما بعد البطولة. مراجعة بسيطة على مشاركة الأهلي القارية فعلا تشعرك إن أمر الاجهاد شيء لابد منه ويفوق مجرد كلمة من خمس حروف! الصعود المتتالي على المنصة في بطولة واحدة في حد ذاته اجهاد .. ومنصة تجر منصة آدي كمان اجهاد ... حالة الصعود بما فيه من حركة بدنية من خلال الارتفاع لأعلى ممكن يجرنا للكلام على مشقة وتعب الوصول إلى القمة، والغريب هنا هي إن تعبك للوصول إلى القمة، تفاجأ بوجود قمم أخرى يجب عليك الوصول إليها. اجهاد أكبر من اننا نحصره في ارهاق عضلي أو بدني. ه

القطار حين يتجاوز السرعة المقررة، ممكن يتعرض لعطل .. أو يصيبه العطب. لا يجوز للقطر أن يعمل على أكثر من قضيب وإلا تحطم. لا يمكن للقطر أن يسير بأقصى ما يستطيع مسافات بعيدة، وإلا انتهى عمره الافتراضي! تشبيه اللاعبين والفريق ككل بالقطر يوحي بتعاملنا معهم بما يشبه الآلة. نطلب من القطار السرعة من أجل الوصول إلى المحطة النهائية، ولا ننظر إلى قدرة القطار، هل سيتحمل إلى النهاية أم لا؟ هنا نلاقي النظرة إلى اللاعبين كالماكينات التي لا تهدأ وغير مطلوب منها الهدوء، أو التوقف حتى لتبريد الموتور. خروج من محطة، الدخول على محطة أخرى بلا راحة. كان التشبيه مناسبا للفريق وقت الفوز، وأراه مناسبا وقت الهزيمة. ه

كثرة صعودك إلى المنصة كانت تعني أن عين مدرب المنتخب هي كمان عليك .. لو خلصت من عين النادي الأوروبي أو النادي الخليجي، مش هتخلص من عينه. الأهلي شارك في بطولة واحدة قارية للمنتخبات في أثناء رحلته الثلاثية مع "بطولة أبطال الدوري" ؛ وعلى وشك المشاركة في الثانية (ولا داعي لذكر البطولة العربية)، وما بين المشاركتين شارك في نسختين من كأس العالم للأندية، غير البطولات المحلية. المشاركات القارية والعالمية لوحدها حوالي 7 (سبع مشاركات فقط لا غير). الأهلي كان يخرج من بطولة حاملا لقبها، أو منافسا عليها، ليفاجأ بدخوله بطولة أخرى مطالب بالفوز بها؛ حتى في فترة الراحة في الموسم الماضي، استراح الأهلي بعد أن حصد الدوري، وعاد بعد الراحة ليحصد الكأس، وفي أثناء بطولة الكأس كان يلعب في دور ال8 لبطولة أفريقيا، وبعدها مباراة السوبر. بطولة تجر وراها بطولة ولا داعي لكر أرقام 2005 القياسية والتي استمرت في 2006! خلطة بطولات وأرقام ضخمة وملعبكة. النادي الأهلي على قدر ما أظهر براعة فيها، على قدر ما كانت هناك بعض الاخطاء، منها ما كان قدرا، ومنها ما كان قذرا، بما يجعل النموذج الأحمر صعب أن يتكرر (خصوصا لو تذكرنا معجزة رادس). لا يمكن نادي يشارك في كل تلك البطولات، ولا يضج بالشكوى من الاجهاد. حتى لو توقف الأمر عند الاجهاد البدني، الاجهاد الذهني قوي جدا بمجرد دخولك في أجواء بطولة، وحتى بعد خروجك منها. رايح يابان .. جاي من يابان .. بطولة أفريقية، بطولة محلية، سوبر أفريقي أو محلي. مجرد التفكير في البطولة أمر يتطلب اعداد بدني ونفسي جيد جدا، ولا يمكن تركه للاعب شاب يسلك فيه بمعرفته خصوصا مع اهمال الطب النفسي في مصر.

في حال الاجهاد الذهني بعض الناس تنظر إلى حال اللاعبين وتتجاهل حال المدرب والجهاز الفني. الحالة الخاصة هنا هي حسام البدري في أعباء عمله خصوصا بعد رحيل ثابت البطل (رحمه الله بإذنه). شوف دلالة التاريخ ببدء أعباء البدري بالعمل كمدرب ومدير كرة في نهاية أول سنة من الثلاثية. الجهاز ككل وصل إلى مرحلة عالية جدا من الاجهاد، لدرجة إن جوزيه في رحلته إلى البرتغال (في نهاية الدوري الموسم الماضي) قال إنه لم يشاهد أي مباراة للأهلي لرغبته في الحصول على أكبر قدر من الراحة الذهنية. الفريق ككل وصل إلى مرحلة قاسية جدا من الاجهاد (بدني، ذهني، نفسي) ... بإدارته بجهازه بلاعبيه، ومش بعيد الجهاز الطبي يكون ناله من الاجهاد جانب بكثرة الاصابات في الفريق.

على قدر ما تحمل منصات التتويج بريق أخاذ .. وذهب لامع، على قدر ما تحمل معها أعباء ومشاكل أظهرتها رحلة الأهلي. كل بطولة تدخلها تعيش معها أجواء التنافس والصراع ورحلات الذهاب والعودة (خصوصا في أدغال مرهقة، وأحيانا مرعبة) وصراع النقطة والنقطتين .. وحال المنافسين وحسابات اول المجموعة وثاني المجموعة، ومشاكل الاستاد، واستدعاءات المنتخب، والترتيب مع المنتخب (المصري أو الانجولي) واتحاد الكرة وأحيانا وزارة الدفاع والمنتخب العسكري. ظهرت على القمة فسارعت شتى منتخبات بلدك للحصول على لاعبيك. حقها وقدرك.
ه

مجرد وجود حلم الذهب يعتبر حمل في حد ذاته. الاسم الحركي للنادي الأهلي هو إنه "نادي بطولات"، والمركز الأول هو المركز المستهدف في أي بطولة. الذهب له بريق خاص؛ ولو إن البريق ينطفي بمجرد ارتداء الميدالية. الغريب في حالة الأهلي بالذات هو إن الذهب كان يضيف من الاجهاد على اللاعبين، ويزيد من المتاعب، كانت متاعب لذيذة في البداية، ثم تحولت إلى مؤلمة كلما زادت حصيلة الذهب. كان الذهب في الدوري يجر وراه مشاركة في أفريقيا، والذهب في أفريقيا يعني الذهاب إلى اليابان. الدورة تكررت مرتين وحاول الأهلي في الثالثة، ولكنه لم يستطع الوصول إلى المنصة هذه المرة. نقدر نقول إن الميدالية الذهبية أثقلت من أعباء اللاعبين بشدة. في النسخة الثانية كانت الضغوط النفسية على اللاعبين أشد، بالفوز خارج الأرض وبعيدا عن الجمهور بهدف اعجازي، بوجود روح عبد الوهاب كمحفز ضاغط بشدة على اللاعبين، ثم تكررت الضغوط بالمطالبة بمحو آثار رحلة اليابان الأولى. لو ترجع بشريط الذكريات للوراء تلاقي جوزيه يطالب اللاعبين بنسيان الفوز بأي بطولة والتركيز فيما هو قادم. على قدر ما كان التصريح تقليدي وأكلاشيه، لكنه فعلا حصل، ولم يدر جوزيه أنه يزيد من آلام لاعبي فريقه.

كانت الأحلام كبيرة وعريضة؛ ومختلفة من اللاعب عن الجمهور. الجمهور يريد هاتريك البطولات وتحقيق أكبر رقم قياسي قاري، واستمرار تعقيد عقدة فرق تونس. واللاعب يريد الفوز، وربما يريد الاحتراف أيضا. الحلم كبير لدى الجمهور، والحلم دوبل لدى اللاعب. الحمل على الجمهور ضئيل بعض الشيء، والحمل كبير على اللاعب، لأنه بالنسبة لي الطرف الأضعف (بدنيا وذهنيا). حلمك لم ينفذ، لأنه التنفيذ لم يكن بإيدك. رميت حملك عليهم وانت عارف إنهم مجهدين وتعبانين، لكن قلت يمكن القطر يكمل لحد آخر محطة. لكن الاجهاد كان قد استبد باللاعبين، تماما كما استبد بأرضية الاستاد. فلم يحتمل اللاعبون الحلم الكبير، ولم تحتمله أرضية الاستاد المنهكة.غريب إن نجيلة استاد القاهرة ترفض الاحتفال بالثلاثية بعد أن عاندها القدر في الاحتفال بالكأس في النسختين السابقتين. لاعبون مجهدون لم يستطيعوا الحفاظ على الكأس، لم نطلب من النجيلة تنفيذ ما عجز عنه البشر؟ طلباتنا كتير، في زمن كله يدلع نفسه!
ه
Image Hosted by ImageShack.us


ه* الذهب له سحره، له جماله .. وله بريق يزغلل .. ولكن أحيانا ما يكون مورد هلاك. زمان كنا بنسمع حكايات جدتي وجدتك عن الطماع وأمانيه في الحصول على الذهب كله لوحده، لكن القصة كانت تنتهي بفشل الشرير أو هلاكه في سبيل الذهب. ولكن الاهلي لم يكن شريرا وإلا كانت كل الأندية الأفريقية من الأشرار، والطمع البشري في الذهب موجود وحاصل، حتى في ظل أجواء البطولة العربية الحالية. اسمحوا لي أستعير تطابق عجيب مع الحديث الشريف "لو كان لابن آدم واديان من ذهب، لابتغى لهما ثالثا". الأهلي كانت له بطولتان من ذهب، وابتغى لهما الثالثة، ولكنه لم يدركها، تماما كما حاول سابقيه في نفس البطولة ولم يدركوها. ممكن الطمع يستبد باحد الأندية في المستقبل ويستطيع التثليث، وقد يستمر المستحيل ولا يتمكن أي نادي أفريقي من الفوز الثلاثي. على كل تستمر المحاولات والمغامرات الذهبية، حتى وإن فشلت في أحدها، ولكنك نلت شرف المحاولة مع شرف التتويج.

ملحوظة

صورة الفريق المجهد الروعة، منقولة من هذا الموقعAnimation Blogspot
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

1 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On November 29, 2007 at 12:15 AM , محمد عثمان said...

تحليل كويس

وانا مش ها اعمل زيك واقول كلام (زبالة) زي ما قلت انت على مقال انا كنت نقلته من موقع الاسماعيلي

فيه مثل ممكن يبقى مناسب كتعليق على موضوع الاجهاد ده ...(الطمع يقل ما جمع)...وبعدين الأهلي السنة دي مستواه مكانش يأهله للبطولة...ارجع للماتشات اللي لعبها خلال مشواره

تحياتي

محمد عثمان