11:52 PM | Author: Al-Firjany



بعض الضغوط يتسبب فيها الخصم .. وحبة منها ممكن تكون السبب فيه. وما بين ضغوط الخصم وضغوطك، يحدث رد الفعل العكسي قد يفقدك بطولتك (حياتك). الجولات ما بيننا وبين شمال أفريقيا كثيرة .. وكما تحوي الدروس لهم، ممكن تعلمنا نحن معهم. وكما أن الحياة المعلم الأكبر، بسكرها وعلقمها، يحاول ملعب الكرة (حتى ولو كان مشوه وصغير) أن يلعب دور المعلم. وفي العالم التالت كرة القدم هي الحياة نفسها، ويمكن لهذا السبب يتعاظم حجم الدرس وشدته .. وأحيانا قسوته.

الأهلي بدأ مباراة النهاية بنفس التشكيل المعتاد - تشكيل البطولات السابقة – وإن ضل التشكيل الطريق إلى البطولة هذه المرة. كان الطمع والمغامرة في إنه يكمل معاه المشوار حتى المنصة، ولكن فوجيء مانويل بوقوع واحد من الـ11، ولم يستطع الباقي تعويض غيابه. زي ما يكون جوزيه أجبر على التخلي على روح الواقعية اللي غلفت أداءه في مبارياته في دور الـ8 ومباراة سوسة في تونس، وعاد رغما عنه إلى المغامرة. جايز لأنه لم يكن أمامه إلا الهجوم ... حن لسلاحه القديم (والله زمان يا سلاحي). لكن الواقعية كعادتها في لقاءات النهائيات ذهبت إلى من يطبقها بالحذافير.

جوزيه لم يكن امامه إلا اللجوء للهجوم. تشعر إنه جوزيه زنق نفسه بالبحث عن التعادل في تونس، وانتظار فوز لم يأت في القاهرة. لم يساعد جوزيه فريقه ولا أقدامه الهوائية، ولا عقله المشحون بالميداليات والكأس واليابان، ولا ذهنه المشغول بالاحتراف على التطبيق الحَِرفي للخطة. ممكن تحط خطة ما تخرش المية على الورق .. ولكن لاعبيك رجلهم تخر من كتر التعب. من الجمل التي لا أنساها للشيخ طه اسماعيل حول هزيمة الأهلي أمام أحد الفرق (مش مستنضف أقول اسمه) لما قال: "الاستجابات الحركية والعضلية للاعبي الأهلي بطيئة". بطء في الاستلام .. بطء في التحرك .. بطء في التسليم .. بطء في التسديد. عضلات منهكة مستهلكة لا تقوى على الجري. إن قدرت تهاجم .. صعب ترتد لتدافع .. والأصعب أن تعيد الكرة بالهجوم. تكاد تسمع ملاحظات جوزيه وتعليماته: "لابد من الفوز .. ولكن حذار من الهجمات المرتدة"!! لاحظ تكرار رحلات الذهاب والعودة للاعبي الوسط والطرفين من دفاع الأهلي إلى دفاع النجم وبالعكس. وحين يستبد التعب بلاعبي الأهلي .. يبدأ النجم يضرب ضربته (تكرار التسجيل في ق45 .. والوقت الضائع من الشوط الثاني عند وصول التعب إلى أقاصيه مع لاعبي الأهلي خصوصا مع النقص العددي). في نهاية الشوط الأول يسجل هدفا واحدا، وفي نهاية الثاني (والأهلي ناقص لاعب) يضاعف التسجيل الدوبل. توقيت التسجيل تحديدا في نهايات الشوطين ينفي صبغة الصدفة ويوحي ببعض الترصد والتصيد لأخطاء الخصم. على ما يبدو إن التكتيك الشمال الأفريقي قد عاد للظهور من جديد.

غلب على تشكيل (وأداء) الأهلي البــطء بصفة عامة. البطء هنا له أسباب كتير منها غياب بركات ومحاباة التشكيل - رغما عنه - للاعب البطيء (يمكن الاستثناء الوحيد جلبرتو)، والسبب التالت الاندفاع الدفاعي للنجم وتقليل المساحات أمام مثلث الهجوم تريكة وفلافيو ومتعب والقادمين من الوسط، إلى جانب اعطاء الدفاع فرصة للتغطية على عرضيات جلبرتو القاتلة .. لدرجة إن جلبرتو أحيانا ما كان يجد 3 لاعبين في المواجهة على الخط! حتى أسرع لاعبي الأهلي أُجبر على اللعب البطيء. استمر الاسلوب الدفاعي غالب على طبع الشاطر مما أعطى الملعب شكل خط مائل بشدة؛ رأسه عند جلبرتو ويميل باتجاه اليمين. أحمد السيد كان يميل للتغطية على تقدم جلبرتو المستمر، فيما كان شادي يميل لتغطية الشاطر - إن تقدم أصلا – مع تناوب من جانب لاعبي الارتكاز عاشور وبوجا. تكتيك معروف من جوزيه. مع التأمين الدفاعي الجيد والتغطية المستمرة على الظهيرين كان فيه متسع للتسجيل أمام الهجوم ولاحت فرص لمتعب وتريكة ولكن لم تستغل .. وهنا أول مكمن للخطورة مع فرق الشمال الأفريقي خصوصا لو كانت المباراة على ملعبك.

كان طبيعي مع انكماش النجم الدفاعي وجود بعض الفرص للأهلي .. ولكن نهاية الهجمة في مباراة نهائي كانت في منتهى السوء حتى لو كانت في العارضة .. ومعها ساءت نهاية المباراة. في مباراة نهائي بطولة لا يصح ولا يجوز ضياع الفرص .. الأهلي استغل ضياع فرص النجم في لقاء الذهاب وخرج متعادلا، ولم يترك النجم فرصة الحسرة على الأهداف الضائعة .. ده نهائي كأس مش لعبة. الفرق التونسية كانت تجيد هذا الأسلوب بامتياز في أوقات ما يسمى بعقدة الشمال الأفريقي، تسيبك تهاجم على كيف كيفك .. وفي العارضة وانفرادات لما تشبع .. وهب تلدغ اللدغة التمام .. ويا إما تعادل يا إما فوز وانت ونصيبك. لاحظ في معظم المباريات الحمراء مع أندية الشمال أن الاهلي كان الباديء بالتسجيل .. وده لوحده محتاج موضوع عن أهمية الهدف خصوصا مع الفرق من النوعية اللزجة دي. تحليلي الشخصي وتجربتي مع تلك الفرق يعطيني استنتاج بمدى الأهمية القصوى للبدء بالتسجيل في نهائي الشامب الأفريقي أو في لقاءاتنا معهم (كر شريط الذكريات معاهم مع نفسك .. ولو عندك نتيجة تانية قل لي).

كانت المتاعب ضد الأهلي في هذا اللقاء كثيرة .. أولها تفاوت السرعات سيدي الرئيس. النجم استفاد بشدة من نجمه الشرميطي في سرعته (واستفزازه) في حين بحث الأهلي عن أبو تريكة فوجده محاصر .. وبحث عن بركات فوجده خارج أسوار الملعب. عنصر السرعة كان مهم جدا في اعطاء ميزة نسبية للنجم أعطته هدف السبق وحالة طرد .. وفوز ثلاثي .. في حين لم يستطع الأهلي المنهك أكثر من التسجيل بهدف من كرة ثابتة. فارق السرعات والأرضية "غير الرياضية" ساعدت النجم على حساب الأهلي. عجيب إنك تختار ملعب وتقاتل من أجل اللعب عليه .. لتفاجأ بالملعب يلعب ضدك مع سبق الاصرار والتزحلق. كأن الأهلي يحاول اختيار مكان مناسب للقتال، والاستاد سلاحه، ليفاجأ بالسلاح فاسد وبدل ما توجهه نحو الخصم، تجده يوجه الضربات ثلاثية لك، ويهزمك بالقاضية. في الملعب حسينا جميعا بانهاك لاعبي الأهلي وعذرناهم .. ويجوز النجيلة حاولت بلسان الحال أن تخبر عن الاجهاد الذي حل بها. ربما لم نرحمها .. فلم ترحمنا.

اندفاع الأهلي للهجوم في الشوط الثاني كان ممكن يسفر عن تسجيل هدف التقدم .. لكن سوء التوفيق طالما ظهر في الشوط الأول، لا تنتظر منه الرحيل في الثاني. في مباريات النهائي ظهور الكارت الأحمر يختلف كثيرا عن ظهوره في المباريات العادية. في مباراة الذهاب لم يستفد الاهلي من ظهوره، واكتفى بالتعادل رغم قدرته على التسجيل أو حتى التهديد، واستفاد النجم بقسوة من خروج النحاس. كأن الاهلي فقد ضلع على حلبة ملاكمة .. ومنافسه نازل على الضلع لا يرحم. نقطة ضعف وظهرت .. وجزء عزيز من "دفاع" الأهلي وانكشف (لاحظ دلالة المركز). استغل بركات سرعته في لقاء الذهاب ولبس النجم طرد .. وردها الشرميطي للأهلي في القاهرة (شوف السرعة لما تبقى ميزة نسبية تتحول إلى مطلقة، وقدرة كل فريق على استغلالها بشكل يقربك جدا من الكأس. تشعر إنه سباق ماراثون .. والبقاء والفوز للأسرع).


حاول جوزيه لملمة الفريق بعد الخروج الاضطراري لأحد أفراده .. ولكنه كان يضغط أكثر على فريق لم يحتمل الضغط مكتملا .. فزادت الضغوط أكثر وهو ناقص! جوزيه مد يده بالمساعدة باثنين من اللاعبين السراع (حسن مصطفى وصديق) وازدادت الحاجة إليهم لتعويض النقص العددي. التكتيك ممتاز والتغييرات ذكية جدا بالمناسبة .. ولكن السرعة مع لاعب مركون تصبح كمن يحاول تشغيل سيارة BMW بعد ركنها كام سنة!! سرعات صديق لم تسعف الأهلي في العرضيات .. فيما لم يساعد أبو علي الفريق دفاعيا وفشل هجوميا. رأى جوزيه النجم يستغل عنصر السرعة بشكل عالي، فحاول نظريا التعويض بأسرع لاعبين لديه على الدكة. ولكن عمليا الرهان خسر، والعربية عطلت تماما! الضغوط كانت متعددة وقوية جدا على الأهلي، بمحاولة الهجوم المضاعف على فريق متكتل في ظل نقص داخلي وفي ظل نتيجة لصالح الخصم، ومنع المرتدات فكان على لاعبي الأهلي بذل مجهود دفاعي ضعف المضاعف، ثم القيام بالهجوم العكسي .. وكل حالة من الحالات تتطلب مجهود بدني وذهني عالي مستحيل تحقيقه في فريق بالكاد يحرك قدميه. (أحمد صديق بالذات محتاج قعدة .. وهأستنى لما تروق شوية .. وطالما الأهلي خرج؛ ممكن نقعد نحكي شوية مع بعض).

ه** من حوالي 7 سنوات أو أكثر .. واجه المصري البورسعيدي فريق الأفريقي "التونسي" في دور قبل النهائي في بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكئوس. تعادل المصري في لقاء الذهاب سلبيا، بعد مباراة دفاعية من الطراز الأول واستبسال دفاعي هائل من المصري. وتعرض الفريق التونسي لوابل من الهجوم من جماهيره وصلت إلى حد المطالبة برأس الرئيس (رئيس الافريقي، مش حد تاني :-)). طبعا باقي القصة معروفة ويذكرها من عاصرها من حيث الاطمئنان النسبي إلى فوز المصري وصعوده إلى المباراة النهائية (ألف مبروك). رئيس الأفريقي حضر على رأس البعثة إلى بورسعيد – ربما هربا من الانتقادات في تونس وبثا للحماس في نفوس لاعبيه – وصرح بعد نزوله من الطائرة "سيفوز فريقي الأفريقي .. لأن المصري سيهاجم من أجل الفوز وستنفتح دفاعاته". لم يلتفت أحد إلى التصريح قبل المباراة .. وإن تأملته التحليلات بعد المباراة (بالمناسبة كل التحليلات صح بعد المباراة)، ووجدوه واقعا في المباراة وانهزم المصري بأربعة. أذكر من ظروف المباراة غياب محمود أبو الدهب قلب دفاع المصري (بصراحة مش متذكر السبب، اصابة أو ايقاف). هونت التحليلات من تأثير غياب أبو الدهب عن المصري على اعتبار قدرته على تعويض النقص في بورسعيد .. ولكن انفتح دفاع المصري من بداية المباراة بغياب أبرز لاعبيه، وكانت الفتحة والثغرة تزيد باستقبال مرماه للمزيد.

بعيدا عن خيوط التشابه الأولية بين مباراة بورسعيد ومباراة القاهرة (لاحظ الاتنين في مصر)، تلاقي تكرار استخدام السلاح الشمال الأفريقي القديم من استغلال تقدم المنافس على أرضه، وتحويله ضده. كانت قوة الأهلي (وجايز المصري معاه ومن قبله) في التحام خطوطه بعودته إلى الدفاع. التكتيك الدفاعي عامة يعطيك مساحة أقل للتحرك (نصف ملعبك فقط) + إنه يجعل خطوط الفريق مترابطة أكثر بوجودها قريبة من بعضها، الهجوم عند بداية نصف الملعب في حين خط الوسط يميل إلى مساعدة الدفاع. باختصار الفريق يتحرك دفاعيا في مستطيل أصغر. ولكن عند انتقالك إلى الهجوم .. يتحول تحرك الفريق بطول الملعب وعرضه .. كله. الـ11 لاعب هنا عليهم ملء مساحة أكبر للتسجيل. في لقاء الذهاب نجحت في التعادل السلبي ومنعت التسجيل في شباكك .. الشق الثاني من الخطة هو التسجيل في شباك الخصم. لم ينجح المصري في التسجيل أبدا في لقاء بورسعيد، في حين نجح الأهلي نسبيا في التسجيل. تحس إن الفريقين نصبوا فخ لنفسهم بالتعادل السلبي في "تونس". كان التعادل خادع نسبيا، وبدلا من تصدير القلق للمنافس، وضعت الضغط عليك بضرورة المكسب. العجيب إنه في المباراتين عانى الفريق القاهري .. والمصري من غياب الليبرو لأسباب مختلفة، وفي الحالتين تسبب الثنائي في انهيار الدفاع وخروج كلا الفريقين
لو فاتك ماتش الأفريقي وأهدافه .. ممكن تتفرج على أهداف النجم. الهجمات المرتدة في الحالات دي بتنفع فرق تونس والشمال الافريقي جدا (وإن كانت هناك بعض الاستثناءات منها مباراة الرجاء والزمالك أو حتى لقاء الأهلي والترجي (مباراة سيد عبد الحفيظ)). الأهلي حاول تصدير الضغط على النجم ورفعه عن كاهله، ففوجيء بالضغط جاي له على الباب. يمكن لأنه "ناقص" ضغوط


المباراة في المجمل تعتبر حلقة من سلسلة صراع ما بين فرق شمال أفريقيا. كسبنا جولة على ملعبهم .. وكسبوا جولة على ملعبنا. هم تعلموا درسنا .. ويجب أن نتعلم درسهم؛ وتلك الأيام نداولها بين الناس. تصريحات لاعبي الصفاقصي بعد مباراة المريخ السوداني (نهائي الكونفيدرالية في الخرطوم) توحي أن درس رادس لايزال عالقا في أذهانهم .. واستفادوا منه بشكل إيجابي منحهم بطولة في اليد ... والثانية على الشجرة. تصريحات جماهير تونس قبل المباراة تعطيك لمحة أن تجربة رادس المريرة (لهم) حولتها إلى طاقة إيجابية لجلب بطولة. يجب أن نعي درس القاهرة جيدا، لاستعادتها منهم. ثقافة الفوز خارج الملعب لابد أن تكون الواقع المطبق لدى الأهلي، وليست مجرد تصريحات للاستهلاك يا مستر مانويل
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

1 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On November 12, 2007 at 11:24 AM , Anonymous said...

ازيك

تحليل معقول ولكن مش الأفضل

وياريت تخف شوية على الاسماعيلي (وتستنضف) تكتب اسمه

عدم تشجيع الأهلي مش معناه انتقاص في وطنية حد

الأهلي مش مصر

وكمان انا مشفتش علم واحد لمصر في المدرجات يعني

انا باحب اقرا لك
وطبعاً انت حر في رأيك

بس لو الاسماعيلي بالتفاهة اللي انت شايفها
فياريت متتكلمش عنه على الأقل

وهارد لك وتتعوض في أعوام جاية

تحياتي

محمد عثمان