11:16 PM | Author: Al-Firjany
على ما يبدو إننا تخطينا بنجاح مرحلة الفرحة إلى مرحلة النكد بسرعة تكاد تحسدنا عليها فرق البطولة الافريقية. عُرف عنا في البطولة سرعة الهجمة المرتدة والتحول من الدفاع إلى الهجوم والعكس، إلا أننا نثبت مهارة أفضل في سرعة الدفاع عن الانجاز، لنبدأ في هجومنا علينا. والله المصريين دول ليهم العجب :)) .. وليهم حاجات تانية، بس مش وقتها. نحاول أحسن نتجه للتحليل الفني، وبدل ما حسن شحاتة شغال توزيع اتهامات على الخصوم والاتحاد .. وكل اللي شافه ولا صلى على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ممكن نشتغل في التحليل حول دور حسن مع المنتخب وتحليل أداء المنتخب في البطولة الأهم في 2008 على إيده وتحت قيادته، مع فلاش باك إلى عصور الجوهري ومحسن صالح، ونشوف عصر حسن شحاتة الأول




في بطولة 2002، وبعد خروج منتخب مصر على إيد الكاميرون بهدف سكة من باتريك مبوما، طلع الجوهري ومعاه (أو بعده) المدرب محمد أبو العز وقالوا: "هي دي إمكانياتنا". على ما يبدو إن الجوهري كان يتمنى أن يفعل مع الكاميرون ما فعله قبل 4 سنوات مع الكوت ديفوار. ولكن الكاميرون فهمت اللعبة، وعرفت تلعب. لكن الغريب كان في تركيز الجوهري وجهازه في عريضة دفاعه أمام جمهور النقاد الثائر على "دي امكاناتنا" .. ولا يمكن مجاراة الكاميرون في الهجوم (أو السرعة أو الارتداد أو اللياقة، إلخ)، والأغرب كان في تركيز رد الدفاع على إننا بلد 60 مليون (وقتها) وازاي تبقى دي امكانتنا واحنا عندنا ما هو أفضل، إلخ. لكن كالعادة لم يشرح النقاد الرياضيين كيف يمكن لنا مجاراة الكاميرون أو ما ساواها من الفرق الأفريقية ومن ثم التغلب عليهم؟ حاولنا مع المدرب الأوروبي (جيلي وتارديللي) وفشلنا .. وحاولنا مع نسخة معدلة من المصري (محسن صالح) . . ونفس المصير. لكن كيف نجح شحاتة في التعليم على الأسود رايح جاي؟

محسن صالح كان مرحلة انتقالية مهمة فيـما بين الجوهري وحسن شحاتة – كمدرب وطني وقعد فترة طويلة (أطول من المدربين الأجانب). الجوهري في بناءه الخططي للمنتخب المصري مع الفرق الكبيرة كان يعتمد على التأمين الدفاعي في المقام الاول، مع اهمال متعمد للشق الهجومي، أو تركه حسب تساهيل الماتش . صالح حاول يطور المفاهيم الهجومية بعض الشيء للمنتخب، ولكن محاولته لم تأت ببعض الثمار واستمر في حالة التأمين الدفاعي، ولكن نقلت اللاعبين ومعاهم المنتخب نوعا إلى ما أبعد من الدفاع. في بطولة كأس الأمم الأخيرة وقبل الأخيرة انتقل المنتخب جيدا إلى منطقة هجوم الخصوم مع حسن شحاتة، مدفوعا في الأولى بقوة الأرض وحماس الجمهور، وانتقل بدوره إلى المدرب واللاعبين ومعها انتقلنا إلى الخطوط الأمامية. المدربين الأجانب لم يستمروا فترة طويلة، لأن خلقهم ضيق أكتر من المصري وربما لم يدفعهم المناخ الحاسد والناقم على مرتبهم أن يستمروا في المحروسة. نقدر نقول إن الأول ركز على النقطة الدفاعية وما حول الـ18، في حين نقلنا الثاني إلى منتصف ملعب الخصوم على استحياء، ثم انتقلنا مع الثالث إلى منطقة جزاء الخصوم. وهكذا كل مدرب يأتي ويضيف .. وتلك ميزة مهمة للتغيير، بدلا من البقاء في دائرة واحدة .. مع مدرب واحد، في عصر متجمد.

المقارنة هنا ليست بين عهدين .. ولا ثلاث، لأن كل مدرب وله طريقة، وكل وقت وله تشكيلة.. وكاميرون 2002 غير كاميرون 2008 . لا يصح المقارنة بأي حال من الاحوال بين مدربين، أو بين مباراتين في زمنين مختلفين، لاختلاف كل شيء عن كل شيء. ولكن كلامي بالأحرى عن بعض من الظروف التي هيأت وتهيأت أمام أبو كريم للعب بأسلوب هجومي. محسن صالح حاول جدا الانتقال باللاعبين إلى المرحلة الهجومية، بعد أداءه الهجومي العالي مع الاسماعيلي، ولكن لم ينجح، رغم وجود قماشة جيدة من حيث زيادة أعداد المحترفين أوروبيا (نظريا) وقراءة الانتقادات ضد الجوهري على طريقته الدفاعية البحتة، بالتالي محاولة التطوير والخروج من عباءة الدفاع الصريح (بعد خماسية فرنسا أدخل صالح الجوهري في عريضة الدفاع متهما الطرق الدفاعية في المنتخب بأنها السبب). يمكن لم تكن الأمور في صالح شحاتة لو تولى الدفة مثلاً بعد الجوهري (ومعاه انتقال مفاجيء من الدفاع الصريح، إلى التلميح بالهجوم)
ه





أسلوب لعب حسن شحاتة

الكلام كتير على شحاته إنه أوجد للمنتخب دور هجومي؛ وتكررت جملة "التواجد الهجومي" أمام فرق بقوة الكوت ديفوار والكاميرون ومع أحصنة سوداء (زي أنجولا، وكانت السودان مرشحة لدور الحصان، ولكن اتبرى منها الحصان)، ويتكرر الكلام حتى وإن كنا أعلى أمام الفرق الكبرى، ونتضاءل أمام الصغرى (ودي نقطة هأتكلم فيها بعدين). نقلت عن أحمد عز في تحليل مباراة الكاميرون رؤيته لطريقة شحاتة على إنه يحاول فتح أطراف الملعب. يمكن يكون الكلام صحيح، والنتيجة إن الفريق المنافس ينفتح أمامه الملعب بالعرض ويسمح له بالتفوق على مصر بدنيا ولياقيا (لوجود القوة والسرعة في كل المنتخبات اللي لاعبناها تقريبا) ولكن الفتح حصل معاه غلق للمساحات أمام الخصم. ازاي؟

كلنا رأينا أسلوب الضغط المتبع من المنتخب المصري، وحماس وقتال اللاعبين مع المنتخب، على الخصم بشكل عام وعلى حامل الكرة. كيف ساعد الحماس والسرعة في الانقضاض على المكسب؟ اعتمد حسن شحاتة في بعض المباريات على ثنائي ارتكاز خطير جدا، قادرين على سد أي عجز هجومي أو دفاعي، بوجود الرهيب حسني، أو المتحرك شوقي. تشعر إن التكامل على أشده بين الثنائي في ناحية التواجد الهجومي او العكس. حسام غالي كان قال مرة على محمد شوقي (على ما أذكر في بطولة كأس العالم للشباب بالارجنتين) إنه لاعب يريح أي زميل يلعب بجواره. كلنا شفنا حسني ودوره الهجومي مع المنتخب وتقدمه وتسببه في بعض ركلات الجزاء (وممكن تسميها ركلات ترجيح النتيجة .. وترجيح كفة مصر)، مع وجود شوقي في العمق مترصد ومتحفز لأي هجمة للخصم على المرمى المصري. كلنا تابعنا وجود حسني الهجومي لأنه الظاهر، ولم نلحظ التمركز الخفي لشوقي في الدفاع، (وهو نفس الدور اللي قام به حسن في فرصة حسني في العارضة في مباراة النهائي). وجود حالة التكامل الفريد في خط الوسط أعطى أفضلية مطلقة للمنتخب المصري على بعض منافسيه. والأكثر إثارة كان في تمركز هاني سعيد خلف ثنائي الوسط في بعض الاحيان في حالات هجوم المنتخب المصري. كان ممكن أقول إنه ذكاء من سعيد، مع تلميح من المدرب، ولكن تكرار التمركز الجيد يوحي إنه تلميح وتوجيه من المدرب أكثر منها ذكاء لاعب. [بالمناسبة ده كان نفس أسلوب ابراهيم سعيد فيما مضى في بعض لحظات توهجه وساعد بشدة على ظهوره اللافت، ولكن يستحيل دوام الحال مع أبو خليل]. ممكن نقول إن هاني سعيد ليبرو متأخر للاعبي الوسط، ومتقدم عن لاعبي الارتكاز، وهي طريقة مستخدمة أحيانا في 3-5-2، تحولها إلى 2-1 في الدفاع (جمعة وشادي وأمامهم هاني) و1-2 في خط الوسط بوجود شوقي – حسني في الهجوم وتقدم نسبي من سعيد خلفهم. ده كان أسلوب جيد ونفع في انجاح خطة لعب تُهاجَم من الجميع على أنها بالية، ويبقى اللعب في ساحة الملعب أهم من اللعب على الورق.

كلنا شبه متفقين على وجود تفوق فردي من بعض المنتخبات على منتخب مصر. مثلا لاعبي المنتخب الايفواري أو الكاميروني أو حتى بعض أفراد منتخب أنجولا كانوا أعلى فنيا من المنتخب المصري، ولكن لأن اللعبة جماعية، استعان لاعبو المنتخب ببعضهم لإكمال بعض أوجه النقص فيهم كأفراد، ومد لهم حسن شحاتة يد المساعدة في بعض المواقف. المثال الصارخ هنا كان في مساعدة بنيان عمرو زكي لحماس وذكاء سيد معوض في مواجهة المرعب كيتا، إلى جانب وجود متعب وميله النسبي باتجاه فتحي ضد بوكا (الوجود الخطير لبوكا تقريبا انحصر في العرضيات من كرات ثابتة ودمتم)، إلى جانب رجوع حسني مع خط الدفاع لمواجهة قوة دنداني ودروجبا أو مساندة معوض أو ضد انطلاقات إيبالي (الكاميرون) أو ضد انطلاق فلافيو أو مانوتشو (لو نزل في الوسط للاستلام) أو جلبرتو. حالات الضغط الثنائي أو الثلاثي في المنتخب ساعدت كثيرا في الحد من خطورة أفراد المنتخب الايفواري، وساعد على ده تألق غير عادي من الحضري لو أفلت لاعبي أي منتخب (وبالذات الايفواري والكاميروني) من المتاريس الاسمنتية أمامه. نفس الأمر تكرر أمام أنجولا واستعملناه على الخطير جدا مانوتشو، ومعاه فلافيو بوجود شادي رقيب، وتناوبه مع هاني على اللاعب، أو دخول جمعة لمواجهة القادم من الخلف في حالة الافلات من ثنائي اارتكاز المصري الوسط. يمكن يبان الأسلوب تقليدي بعض الشيء، لكن اللي تصعد بيه، العب بيه. جايز أسلوب اللعب المصري اللزج على منتخب الكوت وغيره يفسر لنا كثرة تعدد الأخطاء حول نقطة الجزاء. في كرة اليد، كثرة الفاولات المحتسبة لصالح الفريق المهاجم دليل ضعف وعدم إجادة التسجيل، ومهم جدا تسجيل الهجمة من خصمك وإلا ستنقلب عليه بمرتدة و99% هدف، إلى جانب أن المنتخب الذي يفشل في احراز هدف وتتعدد الاخطاء لصالحه يحتسب عليه لعب سلبي وخطأ لصالح الخصم. بالمثل، لم يستفد المنتخب الايفواري بتعدد منصات الأخطاء لصالحه.

الانتقال من الشق الدفاعي إلى الهجومي في منتخب مصر كان في بعض الاحيان يتم عن طريق الضربات الثابتة أو تحرك ضئيل من حسني إلى الأمام، ويزيد التحرك كلما ظهر ضعف الخصم أكثر. استمرت ركلات الجزاء لصالح المنتخب المصري على مدار البطولة (فيما عدا آخر مباراتين) وساعدت المنتخب على فتح الخصم لبعض خطوطه وبالتالي نجح المنتخب في التسجيل في الاشواط الأولى. لكن حتى مع التأخر للثاني في مباراة النهائي (الاستثناء الوحيد) لم ينجح الكاميرون في أخذ مبادرة التسجيل. تشعر إن المنتخب المصري لا يعطي للآخر فرصة للانقضاض أو الظفر بالمباراة. لازم احنا نسجل الأول، ونترك رد الفعل للمنافس إن استطاع (حالة التعادل الوحيدة كانت أمام زامبيا، وكان في المباراة تنفيذ لسلوك اللاعب المصري بالهبوط في المستوى لهبوط مستوى الخصم). الاستخدام الفائق للضربات الثابتة علامة مهمة أحيانا ما تستغلها الفرق الأقل قوة أمام الفرق العتية، وهي تعتبر سلاح مهم في مباريات الفرق الواقعية أمام خصوم أقوياء أو مهاريين (فوز ميلان أو اليونان أمثلة مهمة جدا لازم نذكرها). كان المنتخب المصري يعتمد على توزيع هجومي جيد في الكرات الثابتة (الضربات الركنية) أتاحت لنا تسجيلا ثنائيا أمام الكوت، وفي كرة ثابتة أتاحت لنا هدف السبق أمام أنجولا.





اعتمد شحاتة على طرفي الملعب لم يتغيرا طوال البطولة إلا نادرا. معوض وفتحي كان دورهم الدفاعي والهجومي بالتناوب، مع وجود مساندة من زكي للأول، ومتعب للثاني، وانضمام فتحي وحسن للمساعدة لو الأمور أزمت. لغياب مهارة المراوغة عن الثنائي كانوا يعوضوها بالسند على تريكة أو زيدان، وهم يحلوا الموقف بمعرفتهم. كان التناوب جيد جدا ويرجعنا لنقطة اللياقة والحماس للاعبي المنتخب. حاول شحاتة إيجاد أدوار متعددة لكل لاعب، سواءا دفاعا وهجوما، ورغم انها أدوار منهكة + إنهاك الجري والجذب مع الأفيال والأسود والظبيان، إلا ان المنتخب عرف يصد، ويرد ويردع، وتغلب اللاعبون على فارق السرعة بوجود فارق الحماس.




دور شحاتة النفسي مع المنتخب جايز أعمق وأوضح من الفني، مع رؤيتنا لقتال زيدان ضد سونج، أو قتال حسن في الوسط، أو توهج حسني وهاني أو باقي اللاعبين. الدور يظهره تصريح لوائل جمعة لما قال إنه لاحظ توتر دروجبا من التصاقه به (لازق فيه أكتر من هدومه)، فوائل زودها لاخراجه عن شعوره. ضغط بدني نتج عنه عصبية وضغط نفسي على اللاعبين ساعدنا بشدة على الفوز، ودي معارك ثنائية في الملعب تسهم في تفوق نسبي على لاعبين بحجم وأهمية دروجبا، ويمكن تفسر لنا انزواء ايتو عن الظهور في مباريات مصر تحديدا. حسن شحاتة استفاد بوجود حوالي 7 أو 8 لاعبين في مستوى متميز جدا، وخلفهم حارس اسطوري وساعدهم بوضعهم في الاماكن المناسبة، وهي ميزة لم نجدها في منتخبات قوية وظفت لاعبين مميزين في غير أماكنهم فظهروا ضعفاء. إلى جانب المميزين من المنتخب المصري ظهر الباقي في حالة كفاح مستمر، ورغم إني كنت قلق من معوض لكنه حاول بشدة أمام لاعبين عتاولة في الجانب الأيمن، ومد له شحاتة يد المساعدة بلاعبي الارتكاز أو احد لاعبي الهجوم، فكان له الظهور الجيد، وإن انحصرت ايجابيته الهجومية في هدف زامبيا مع كرات ضئيلة أخرى. صعب تلاقي في منتخب واحد كل اللاعبين متألقين وممتازين و10/10 ولكن مع وجود حالة الاستنفار المصري والضغط البدني والعصبي على الخصم، أمال المنتخب المصري ميزان اللعب لصالحه بشدة. وهو ما يميز دور المدرب الوطني وله تفصيل بإذن الله في الجزء الثاني من المقال.
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: