7:34 AM | Author: Al-Firjany


خطوة إلى الأمام .. خطوتان إلى الخلف؛ هكذا كان حاله وقت السفر إلى البطولة. اللعنات في كل مكان .. وصيحات الاستهجان هي أفضل أشعار المدح. وما بين أقلام النقاد وسنون الحساد، وألسنة الجماهير وحتى نظرات المنافسين، وصلت الحالة المعنوية إلى أعمق من الحضيض. كان الذهب حلما للفريق، وسخرية النقاد والجماهير، وكابوسا للمدرب. لم يكن يتوقع له أبعد من الدور الأول، وكتر خير الدنيا لو وصل للثاني. ولم يكن مطالبا بالفضة، ويبقى بزيادة أوي لو لم يكن حصالة المجموعة. ولم يأمل أكثر المتفائلين إلا في الرضا والستر على المنتخب العتيد في القارة العجوز وعدم الخروج بفضيحة. فالحال لا يسر والمنتخب يعرج في التصفيات، وكل المطلوب هو المحافظة على الاجتماعيات والمنظر أمام المنتخبات الأخرى، حتى لما يخرج، يقولوا خرج بشرف.

نظر اللاعبون حولهم فلم يجدوا إلا عمارات من اليأس تنهار عليهم .. ونظر المدرب حوله فلم يجد إلا اتحاد متربص .. ولم يسمع إلا اتصالات مع مدربين آخرين ليأتوا خلفا له، وعلى كرسيه، ونظر الجهاز حوله، فتحسس كل منهم مقعده علها نظرة الوداع الأخيرة.


فلا حبيب تسر النفس طلعته *** ولا عدو يرى ما بي فيكتئب


جد في الأمور أمور، واللي خافوا منه .. ما جاش أحسن منه . تصدر الفريق المجموعة، وانتقلت ألمانيا إلى الدور التالي. ودارت القرعة مع الماكينات فواجهت فرق شابة وحديثة العهد بالبطولة في الادوار التالية ومنهم أصحاب الأرض، ولكن الماكينات العتيقة طحنت الجديدة؛ إلى أن وصلت إلى محطة النهاية واصطدمت بالبرازيل التي سحقت المغامرة الألمانية عام 2002 بثنائية. ولكن بقيت التجربة مليئة بالعبر وجديرة بالتأمل، وإن سبقتها تجارب آخرين، وتلتها أخبار ناس تانيين


قصة من بعض القصص التي يعرفها بعض من متابعي كرة القدم "العتاقي"، تماما كما تابعناها في حالة المنتخب المصري في البطولة الأفريقية الطازة. كثيرة هي حالات فشل من يتوقع الفشل، ونجاح من يستحيل عليه النجاح. ممكن نفتكر مغامرة الدانمرك في 1992 في الكأس الأوروبية، أو منتخب مصر قبل عقد من الزمن في بوركينا فاسو، وتركيا في نفس البطولة مع ألمانيا، حين وقع الفريق تحت مقصلة اتهامات من الاعلام المحلي نتيجة لكبر سن معظم أفراد الفريق. كل فريق يصعد إلى أي بطولة تدور معه عجلة الاعلام، وإما يكون الاعلام محبط او مثبط ودافع قوي لليأس، أو إنه يمهد الطريق نحو رفع المعنويات. ولكن في حالات النجاح أو فشل الاعلام، نقدر نقول إن الصحفيين - في كثير من البلدان - عياراتهم تخيب وجايز بسوء توقعهم يدفعوا بالقراء إلى عدم القراءة. لا أنكر عدم شعوري بالتفاؤل بأي نسبة تجاه منتخب مصر، حتى إني لم أندفع إلى تحليل أي من اللقاءات الودية للفريق، من كتر شعوري بالاحباط من المنتخب. لكن على ما يبدو إن المباريات الودية شيء، والبطولة شيء آخر، وإن الدرس اللي
المفروض اتعلمته في 98 رجعت تاني أتعلمه بعد عشر سنين. والظاهر إن التعليم الوزاري ليس الوحيد المجاني، ولكن دروس الحياة مجانية أكثر، ولكنها أعمق وأدل.
ه

فرق كبير بين الكلام والفعل . . المجرد والعيني .. بين سماء الأوهام، وأرض الواقع .. وفرق أكبر ما بين كلامي عن أشخاص آخرين، وانقلاب أفعالهم علي. لا أعرف نفسيتهم أو شعورهم أو رغبتهم أو احباطهم. بأتكلم عن احباط غيري، في حين غيري يسخر مني، وبأتكلم عن حال غيري، وحالي ممكن ينقلب إلى سخرية الآخرين. مسافات ما بين كلام الناس وكلام النقاد فصلت عنا وبيننا مع (أو ضد) المنتخب وأوصلتنا إلى مرحلة من اليأس لحال وعلى حال المنتخب .. وحالنا. لم نفسح مجالا للأمل، ربما حتى لا يزيد علينا الاحباط، ولم نعط مساحة للفرح، لأن نفسنا غامة علينا.


على قدر بعد مسافة المنتخب في رحلته الطويلة والشاقة إلى غانا، وعلى قدر بعد مصر عن المغتربين، على قدر ما حاول اللاعبون مد الجسور والبناء على الاطلال .. ومن أول ماتش. كلام المباريات مدهون بزبدة، وكلام النقاد بنفس الزبدة، لأنه الكلمات لا بتودي ولا بتجيب، ولكن الفعل هو القادر على التغيير. كنا نسمع الجعجعة من النقاد ومن نفسنا لبعضنا عن المنتخب، ولكن الطحن أمضى وأقوى في التأثير. الاحباط حصل في العصر العباسي قبل فتح عمورية، وأنذروا الخليفة المعتصم بشؤم الطالع وبالهزيمة إذا ما خرج، ولكن بعد الخروج والظفر، اتضح إن السيف أصدق انباءا من الكتب .. ومن اللي إيده في المية. ذهبت ألمانيا، وذهبت مصر، وذهب المعتصم، وفي كل الأحوال يعتبروا نالوا شرف المحاولة، قبل أن يكللوا بشرف الانتصار.


Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: