2:16 AM | Author: Al-Firjany



فوز المنتخب الوطني أوجد كلام مكرر ومعاد عن أهمية المدرب الوطني ودوره في الفوز، واستدعى معاه الحديث عن انجاز الجوهري. ده كلام نظري جميل، لكن ازاي كان دوره مهم؟! وإيه هي طبيعة الدور؟ في بعض أحيان تفوق المنافسين بدنيا ومهاريا، يأتي دور الحماس والقتال في الملعب وروح الفريق ليغطي على بعض أوجه القصور. تصريح شحاتة على دريم يوحي بمدى قدرة الضغوط على خلق نوع من التحدي لدى الجهاز، نقلها للاعبين من خلال التحفيز والدفع المستمر إلى تحقيق الافضل. كان الحماس لدى اللاعبين يدفعهم إلى الضغط على حامل الكرة والمتحرك بدون كرة في حالة الدفاع أو الاستبسال بمنع دخول الكرة خط المرمى بأي طريقة ولو استدعى الأمر الاصابة (صورة جمعة ودماء الحاجب، أو اصابات الحضري المتكررة، أو تحول حسني إلى مركز الليبرو ضد دروجبا). أما في الهجوم، نتج عن حماس اللاعبين بذلهم جهد مضاعف من أجل الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم وإيجاد مساندة ومعاونة مع متعب وزكي، خصوصا إن أسلوب اللعب المصري اعتمد على الانطلاقات؛ بما يعني جري ومجهود بدني فائق من لاعب اتهد حيله في الدفاع.

لو هأتكلم عن مقارنة – لا أحبها – ما بين المدرب الأجنبي والمدرب المصري، أقول إنه الأول كلامه فني بحت، في حين الثاني كلامه نفسي – فني. المدرب الأجنبي يريد المجد الشخصي، والرد على المنتقدين (أو الحاسدين لمرتبه) في حين الوطني يجمع ما بين الحماس للبلد وعلى البلد مع المجد الشخصي والفريق. أذكر مرة كتب الناقد الراحل ناصف سليم في الجمهورية عن مدير فني لمنتخب مصر في الكرة الطائرة في احد البطولات العالمية. وكما ذهب منتخب شحاتة إلى غانا، ذهب منتخب الطائرة إلى البطولة، مع التوقع المعتاد بالخروج من الدور الأول (!). الظاهر إنها عادة مصرية قديمة. كان ناصف سليم – الله يرحمه – رئيس البعثة بحكم رئاسته للاتحاد المصري (على ما أذكر)، وذكر دور المدرب في إلهاب حماس اللاعبين. اتكلم سليم عن المدرب وكلامه في أحد المحاضرات: إنتم بتدافعوا عن اسم مصر، و بكى وقال يا ريتني كنت لسة لاعب علشان أنزل وأدافع عن المنتخب أحسن منكم. بكى اللاعبون وقالوا "احنا هندافع عنها كأنك موجود وأكتر". وفعلا – والرواية على لسان ناصف سليم – المنتخب عمل مباريات قوية جدا، وفاز في مباريات لم يكن يتوقع له الفوز فيها، وتحدث الكابتن ناصف عن حماس اسطوري للاعبين في الملعب لدرجة أذهلت المتابعين للبطولة وتقدمت بمركز مصر في الطائرة إلى ما أبعد من الأخير بكثير (قياسا إلى مستوانا في اللعبة عالميا). كان الكابتن ناصف في مقاله يتحدث عن نفس المقارنة ما بين المحلي والخواجة، مفضلا الأول على الثاني لأسباب واضحة. ده ينقلني للحديث عن الطابع الوطني اللي بيغلف بعض تحركاتنا وآرائنا بصفة عامة، ويمكن السبب في كثير من حالات الفوز، واحتمال يكون السبب في نكبات أكثر.

أغلب ظني إن أسلوب حسن شحاتة في التحميس وزيادة دوافع اللاعبين نحو المجهود (الضغط على الخصم، الزيادة العددية في الملعب، الانتقال من الهجوم للدفاع والعكس بأسرع ما يمكن) اعتمد على الجانب الوطني، مع وجود شوقي غريب (والجهاز بصفة عامة) بنفس الحس الهجومي في خلفية المسرح الفني. كلام اللاعبين التقليدي اللي بنسمعه على حسن وعن دوره (المدرب الوطني أقدر على فهم نفسية اللاعب المصري، إلخ) يبين فارق في تعامل المدرب الوطني عن الاجنبي مع اللاعب ومع المنتخب عامة. لكن رد فعل الشعب المصري (في مصر وخارجها) يزيد من جانب الشخصية المصرية في الفوز، ويبين تعدد لأدوار الوطنية من أطراف كتيرة (مدرب، لاعبين، مسؤولين، جمهور)، خصوصا مع دخول أغنية وطنية دور المُلهِب في الملعب قبل كل مباراة (تشغيل أغنية "ما شربتش من نيلها" قبل كل ماتش). وده جانب نفسي مهم، يرفع من أسهم الفريق المنفذ أمام فرق تعتمد على مدرب أجنبي يجيد الحديث الفني، وده كلام ممكن ياكل مع اللاعيبة، وتساعد مدرب - من نفس جنسية اللاعبين - على تنفيذ التكتيك وأسلوب اللعب. بمعنى إن المدرب الوطني أحيانا ما يكون أقل فنيا من المدرب الأجنبي أمامه، زي ما الفريق نفسه يقل عن خصمه فنيا وفرديا، لكن الجانب القتالي والحماسي ممكن يعوض النقص عند الاثنين. ممكن نربط الكلام ده أكثر بحالة الجوهري ووجود الكاميرون تحديدا كعنصر مشترك (هزيمة للجوهري وتكرار حالات التعادل معه ومع محسن صالح، وفوز دوبل من شحاتة)
ه


تصريح الجوهري بعد الهزيمة يوحي بانهزامية شديدة، ودافع إلى وصول المعنويات المصرية إلى الحضيض: "هي دي امكاناتنا" .. بما يعني: "احنا كدة وعمرنا ما هنعرف نجاريهم ". لكن، شحاتة اتطور وطور، وقدر يلاعب الأسود بمنطق الصيادين. الأسد لا يستطيع أن يتقي رصاصة سريعة مصوبة نحو رأسه، وعلى هذا كانت الرصاصات الأربعة في المباراة الأولى، ثم انقلب بعض الحال في المباراة الثانية وإن تقلصت الأربعة إلى رصاصة واحدة، واستمر المفعول واحداً – الموت. وضع الفوز في إطار وطني أمر جيد، خصوصا مع التبعات الممتازة التي أوجدها الفوز باحتفالات الجالية المصرية في الكرة الأرضية. كان شعور موحد جدا، وإعطاء الأمل على قدرة المصريين على احداث التغيير، مع وجود قدر قليل من التفكير (لم نستطع فيما قبل الظفر بالاسود، تماما كما فعل أمنحتب، ولكن مع بشوية تفتيح مخ وفتح ملعب استطعنا التعليم على قفاها رايح جاي) ه


فيه عامل مشترك وغريب تكرر قبل عشر سنوات، وهو وجود نفس الشعور العام بالانهزامية فيما قبل ذهاب المنتخب إلى بطولة أفريقيا. كل مدرب سمع وعرف ووعي إنه رأسه التدريبية على كف عفريت في حالة الفشل المتوقع في البطولة (ومش بعيد كان بيفكر هو كمان في اللي جاي من بعده). حسن شحاتة قال في تصريحه على دريم إن الضغوط على المنتخب وعليه كانت حافز للأداء والفوز طوال البطولة، مع استمرار الحافز إلى النهاية، حتى بعد عودته إلى مصر والرد على الخصوم. ساعات كثرة الأسهم خلف ظهرك تدفعك إلى الهروب إلى الأمام. إما تشغل عقلك وتلعب وتكسب أو فالسهام في انتظار رأسك. الهزيمة في مباريات اليوم لم تعد مجرد خسارة خصم وحظ أوفر، "أو بالعربي هارد لك"، ولكن تخطتها بوجود الجهلاء في صفوف الجماهير وتحطيمهم رأس المدير الفني وتعليق باقي رؤوس الفريق على باب زويلة، أو نواح صحفيين في جرائد قومية تلبس الثوب الأصفر، أو كلام ناري لمسؤولين عن محاسبة المقصرين (وهم بالطبع ليسوا مسؤولين عن النتيجة)، أو صيحات عاتية تهدد بالويل والثبور للمدافع الذي تسبب في دخول هدف أو المهاجم الذي أضاع الهدف (عد كدة كام مدرب أطارت المقصلة رأسه من المونديال الأفريقي، واخواته من المونديالات الأخرى، أو لاعب وقع تحت مقصلة هجوم الصحفيين والجماهير). هكذا عار المهزوم، وهكذا السموم على أسنة السهوم، وانت وشطارتك في الإفلات. تعرض الجوهري وشحاتة إلى نفس السهام (وإن اختلفت الكمية حسب حجم الصحافة في عهد كل مدرب، وزادت في عهد شحاتة مع دخول بعض أعضاء اتحاد الكرة إلى الجهاز الاعلامي). كلام شحاتة عن وجود هذا الكم من الانتقاد والهجوم على المنتخب جايز هو من دفع المنتخب إلى الهجوم على المنافسين على أرض الملعب. الدافعية أمر مهم لفوز أي فريق، ومع المصريين أحيانا ما يكون الحماس واللعب على المشاعر الأمر الأهم. وفي وجود كل تلك الانتقادات، نفهم مدى تألق اللاعبين عامة والجهاز الفني بشكل خاص


ه* من ضمن الانجازات التي يتحدث عنها العسكريين فيما قبل حرب أكتوبر 73 هو قدرة الجيش المصري على تحويل الأسلحة الدفاعية من الاتحاد السوفييتي إلى سلاح هجومي سيما على أرض معركة وعرة. الروح القتالية عوضت بعض أوجه النقص لصالح العدو. جايز تذكري هذا هو نفس ذكرى الكثير من الصحفيين أو المصريين بصفة عامة لوقت انتصار عسكري عزيز مع انتصار رياضي عزيز (برضه :). الانسان عامة في أوقات فرحه يميل إلى تذكر حالات الانتصار سابقة لزيادة جرعة الفرح. نستلهم روح الانتصارات الكبرى في النكبات أوالانتصارات كي نؤمن بقدرتنا من جديد. تذكرت الجانب الدفاعي - الهجومي العسكري مع تذكري لحال المنتخب في إيد الجوهري، وتحويل شحاتة للأسلحة الدفاعية المصرية إلى أسلحة هجومية وقدرته على ردع الخصوم، خصوصا مع رؤيتي للملعب كساحة قتال وتكتيك كل مدرب على أرض الملعب كتقسيم عسكريين على أرض معركة. وجود نفس الحالة القتالية في مباريات الفريق المصري أمر جميل، والأجمل تحويلها إلى طاقة إيجابية (على المرمى)، وبنسبة عالية من التسجيل. حسن شحاتة لم يلعب بمهاجم واحد (حسام مثلا في حالة الجوهري) .. ولم يلعب بثلاثة في خط الوسط، فيما كان أداء حسني – شوقي (حسن) تماما كثلاثي هاف ديفيندرز، بوجود التناوب الجيد في الدفاع والهجوم. الشحن النفسي والمعنوي رفع من مستوى متوسطي الخبرة الدولية زي هاني سعيد وسيد معوض في مواجهة أحد أقوى مهاجمي العالم، وساعدهم شحاتة وزملائهم، وهم ساعدوا أنفسهم. يمكن يحسب للجهاز الفني ككل حدوث التكامل النفسي والمعنوي ما بين أفراده (شحاتة – شوقي وصدقي) والتكامل على أرض الملعب ما بين اللاعبين بتبادل الهجوم والدفاع فيما بين أفراده. البطولة تثبت صحة التطبيق الفعلي لمصطلح اللعبة الجماعية، وأن نجما وحدا قد لا يكفي (إيتو أو دروجبا أو مانوتشو)، وأن الإيد الواحدة كما لم تصفق مع ليبيريا (جورج وايا) .. لم تصفق مع الكاميرون أو الكوت، فيما كانت "عاصفة" التصفيق من جانب الفريق المصري ككل.
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: