10:47 AM | Author: Al-Firjany

ارتباط جمهور بلاعب كرة، وكثرة الأضواء حوله، وتحول الضوء إلى الحديث والهمس على اللاعب تهييء الظروف لظهور جنون العظمة وشعور قوي بالذات لدى اللاعب (صغير السن/قليل الخبرة). ومع وجود مظاهرات الحب للاعب وتسليط الضوء أكثر عليه يتحول اللاعب إلى نجم، والدفاع عنه يصبح من المقدسات، ويهدر دم من يحاول الاقتراب، تماما كما يحترق كل من يحاول الاقتراب من النجم في السماء. ولوجود الكثير من الأفكار المشوهة لدى الجمهور ولدى اللاعبين بشكل عام، يخطيء الجمهور في التعامل مع النجم بما يليق به، ومع صغر سن اللاعب - النجم، لا يجيد اللاعب تقدير ذاته أو معرفة حجمه الطبيعي. ولو أضفنا كل هذا إلى غياب آلية صناعة النجوم في مصر ووجود إعلام لا يعرف كيف يتعامل مع لاعبي الكرة من أساسه، يصبح وضع "نجم الكرة" حرجاً للغاية، ويصبح الوقوع في الخطأ محتمل جدا في كل مباراة .

في الملاعب المصرية، توجد أطياف كثيرة للاعبين وأنواع أكثر لنجوم الكرة. ومن ضمن الأنواع النوع الانفعالي كثير الأخطاء، وأحيانا غزير الانتاج. نوع مهارياً جيد جداً بل وممتاز، ولكنه بيضيع نفسه بسرعة الانفعال. تجربتي مع لاعبي النادي الأهلي وتحليلي ليهم يعطي نتيجة مفادها أن اللاعب الانفعالي لا يقوى على الاستمرار في فرق كبرى، ومصيره بيقع في شر أعماله. ولكن قبل الوقوع فهو اللاعب النجم وهو دوماً يجد المدافعين. ولأن الأخلاق مفهومها مشوه في مصر، ولأن تطبيقها نفسه بقى مسخ من غير ملامح، تتوه الحقيقة بين المهاجمين والمدافعين. فاللاعب (النجم) بطل وموهوب وصغير السن، ومؤثر، وفي نفس الوقت هو قليل الأدب وما عندوش أخلاق ولابد يندبح. باختصار كل التناقضات موجودة
الحكاية اتكررت مع كذا لاعب ... (ومرشحة للتكرار، طالما ظلت الأخلاق في الانحدار). من التوأم حسن وتسليم الراية ‘إلى ابراهيم سعيد، مع ظهورها بعض الشيء في مسيرة سمير كمونة، ثم عمرو زكي. كلهم لاعبين جيدين جدا مهارياً، عليهم الأضواء مبهرة، وحضور جماهيري قوي، إضافة إلى تركيز إعلامي عالي. ويجوز إن وجود كل العوامل تلك مجتمعة، مع نفسية غير سوية للاعب، يصبح معها الخروج عن القاعدة أمر متوقع ومحتمل، ولكنه صادم للجمهور

جمهور الأهلي جرب الوقوف بجوار ابراهيم وحسام في أزماتهم الأخلاقية مع المنتخب أو مع الفريق الأول (مثال أزمة مباراة المغرب وصباع ابراهيم باشا)، وجرب الوقوف بجوار أخوه في مشاكله مع الأهلي (تجديد وخلافه). ولكن اللاعب صدّر صدمة قوية بالذهاب إلى الغريم التقليدي. نفس الجمهور جرب الوقوف بجوار ابراهيم سعيد بعد مشكلة الهروب إلى بلجيكا، وجرب الوقوف بجوار ابراهيم في مشكلته ضد تسوبيل (وهو المسؤول عن تصعيده)، ثم رد ابراهيم على الجمهور باستمرار المشاكل وكبر حجمها - وحجمه - بمرور الوقت إلى أن انتهت حياته من الأهلي بمشكلة مع الراحل ثابت البطل- رحمه الله. سمير كمونة مشاكله مع الأهلي إطارها محدود نسبياً، ولكن الجمهور الأهلاوي وقف بجوار اللاعب بشدة بعد العودة المحطمة من ألمانيا (أول ماتش لعبه كمونة ومع أول لمسة الجمهور الأهلاوي صفق كنوع من التشجيع، لدرجة إن حمادة إمام المذيع علق على الواقعة وقال الجمهور المصري واعي جدا!)، ولكن كمونة رد الجميل في نفس الموسم بحركة إصبع أخرجته من الملاعب المصرية سنة كاملة، مع استمرار مشاكله التي بدأت على الدكة في ألمانيا. أخيرا عمرو زكي بمشكلته مع أمين الشرطة ومشكلته الحالية مع اتحاد الكرة (أو مشكلة ناديه) ووقوف الجمهور بجواره في الأزمتين (وإن تخلى الجمهور عنه في مشكلته مع شيكابالا، لأن نجومية الثاني أعلى من نجومية الأول). المشكلة مع شيكابالا تحديداً تعتبر مهمة جدا كمؤشر على علاقة الجمهور باللاعب – النجم .. أي نجم. (الغريب في حالات كل لاعب من المذكورين هو التشابه إلى حد التطابق في ميزة واحدة (أو ربما عيب واحد) من حيث المرور بالقارة الأوروبية .. وانتهاء المطاف به إلى مصر). فيه حالات أخرى، ولكن وجودها في أندية أقاليم جعلها متوارية عن الأعين
أعين الإعلام وأعين الجماهير. [أمثلة إبراهيم المصري، وأحمد عيد عبد الملك، وسيد معوض.]ء


آلية صناعة النجم صعب وجودها في مصر، والأصعب إني أطالب بتطبيقها. ولكن حتى التعامل الحاصل مع النجوم مشوه وينتج عنه تصرفات نندم عليها. جمهور الأهلي تعامل بشكل خاطيء مع حالتي التوأم وحالة ابراهيم سعيد، وفي النهاية انتهوا إلى خارج النادي بمآسي. كتير تغدق في حنيتك وعطفك على لاعب معين (مع حبة تدليل)، وتفاجأ باللاعب يستغلها استغلال سيء، ومع ذلك لا تتعلم. وتستمر الأخطاء والخطايا

حين عاد عمرو زكي من روسيا وانتقل إلى الزمالك، ومع غزارة أهدافه وكثرتها، وفي فريق يبحث عن نجم، بعد أن شاخ نجمه، كانت الظروف مهيأة ليصبح عمرو النجم الأوحد. وبداية الأضواء كانت بالذهاب إلى الاستاد والترويج بقرب الاعلان عن الصفقة، مرورا بالتفوق في التهديف داخل الملعب. عمرو لما حس بقيمته داخل الفريق، بدأت بعض ملامح العصيان تظهر بدءا بمشاكل الاحتراف ووصول بعض العروض الانجليزية، ثم التخلف عن رحلات السفر في بطولات مختلفة مع فريقه. ولكن كل هذه كانت مشاكل عارضة وصغيرة مقارنة بمشكلته في الملعب مع شيكابالا. عمرو بقي النجم الأوحد إلى أن جاء شيكابالا. وعلى ما يبدو إن نجومية الأخير فاقت الأول، ويجوز مشكلة الملعب دليل على حالة احتقان النجومية بين الثنائي (نجم دخل مدار نجم آخر فأدى إلى بعض التشويش). هنا سمعت كلام من مشجعي الزمالك بإنهم السبب في تلك المشكلة بتدليلهم الزائد لعمرو وإنهم أوصلوه إلى النجومية. بوصلة التوجيه انحرفت عند عمرو بشعوره بالخطر من شيكابالا وأحس الجمهور إنه صدر له شعور ما بوضعه المتعاظم داخل الفريق بشكل أكثر مما ينبغي. يمكن المشكلة انتهت فعلياً ولا أود الحديث عنها مجدداً ولكن ما أود تركيز الضوء عليه هو لعب الجمهور لدور الجاني بضوء شديد على اللاعب تسبب في حرقه، وربما يحرق الفريق، ويتطاير الشرر على الجمهور أيضاً فيما بعد

في مشكلة عمرو زكي الأخيرة في مباراة بلدية المحلة، وجد اللاعب الدفاع عنه مستميتا. الجمهور وإعلاميين ومجلس الإدارة يدافع عن عمرو .. الدفاع مميت (بالتهديد بالقتل مع افتراض صحته) ومع الاستماتة ماتت بعض الأشياء وحلت محلها مباديء جديدة. ولو استرجعنا الهجوم على عمرو في واقعة عبد الرازق في الملعب، وتحوله إلى دفاع في واقعة مباراة البلدية. يمكن ده تفسير مبدئي لحالة الدفاع الأبيض عن لاعبيه : ة


فعندما يتعلق الأمر بواقعة داخل الفريق وضد نجم محبوب
يكون الدفاع عن النجم المحبوب (حتى لو كان الهجوم على نجم محبوب ولكن حب عن حب يفرق)ء

أما لو كان ضد اعتداء خارجي .. توجه المدافع
وتصوب الطلقات .. وفي أي اتجاه .. وكل اتجاه


ولكن المثير كان احساس الجمهور بالذنب مع الندم نتيجة لتدليله الزائد لعمرو، وإنه سبب لديه الشعور بالغيرة نتيجة لتحول الحب (والنجومية) من عمرو، إلى شيكابالا. وبما إن الشعور بالندم كان وقتي زائل، زال بانقضاء الموسم، ومجيء موسم تالي. نلاقي نفس الدفاع ونفس التدليل، وعمرو صح وما عملش حاجة، والآخرين هم اللي غلط (دايما العيب في الناس التانيين). وبصراحة لا أدري مع التدليل الزائد أو الدفاع عن لاعب أخطأ .. ممكن يوصل لاعب لم يتجاوز 25 سنة إلى أي مدى؟

لو نحب نتكلم بصفة عامة نلاقي إن عمرو زكي، زي شلة الأنس اللي فوق، من نوعية اللاعبين من ذوي "اللسان الطويل". اللاعب من النوع ده مشاكله كتيرة، وكونه انفعالي لا يستطيع التحكم في نفسه أو تصرفاته داخل الملعب، نتيجة للضغوط عليه وفريقه مهزوم أو متعادل.

ابراهيم حسن في مباراة المغرب (تقدم المغرب على مصر في مباراة مهمة)ء
إبراهيم سعيد في مباراة المنصورة مع الزمالك (على ما أذكر كانت المنصورة تعادل أو متقدمة)ء

إبراهيم سعيد مع الأهلي ضد المقاولون (واقعة وليد صلاح الدين، في مباراة تحديد الدوري)ء
عمرو زكي في مباراة نهائي الكأس (واقعة الطرد وسب الحكم والأهلي متقدم)ء

عمرو زكي في مباراة البلدية (وبلدية المحلة متقدمة بهدف) ء


الضغوط على اللاعبين في كل المباريات السابقة كانت موجودة (فريقهم متأخر أو النتيجة في غير صالحه) واللاعب – لأنه انفعالي طائش – لا يجيد التحكم في تصرفاته ولا ينشغل بالملعب، وينشغل بما خارجه، أو يطلق لتصرفاته العنان. ولأنه طائش داخل الملعب، والطيش طبع ذاتي، بالتالي تصرفاته خارج الملعب يحكمها نفس المنطق. شعور كل لاعب من الشلة بذاته يتعاظم بازدياد نجوميته، وكثرة الكلام على كل لاعب فيهم تشعره بــ ــالـأ نــا أكثر مما ينبغي، والشعور ده مع لاعب غير سوي، يجعل ردود الفعل عنيفة جدا، وصادمة في الوقت نفسه، للجمهور اللي سانده.

مع لاعب محب للاحتراف مثل عمرو، ومع ردود أفعالــه غير المتوقعة، جايز من يدافع عنه اليوم يرجع يندم غداً. وجايز بعد ندم الجمهور على صناعته لنجومية عمرو، ليفاجأ بها تتحول إلى نيران صديقة داخل الفريق وضد نجم آخر، يكرر نفس الخطأ، إن لم يكن كرره بالفعل. الشعور الكبير بالذات والاحساس بها أكثر مما ينبغي احساس خادع، ويمكن يخدع عمرو، زي ما خدع اللي قبله، ويجوز يشعر بإن الجمهور ممكن يغفر له أي شيء، زي ما غيره حس.

نقطة أخيرة

واقعة عمرو ممكن تلقي الضوء على نقطة تعامل الجمهور بصفة عامة مع النجوم، أي نجوم في أي فريق. تحول اللاعب إلى نجم بين يوم وليلة، بعد أن كان نسيا منسيا (عمرو في لوكوموتيف، وابراهيم – ناشئي الأهلي) ممكن يسبب بعض الخلل النفسي لديه. من حالة الحضيض، إلى حالة الانتعاش المفاجيء. جايز في مرحلة انعدام الوزن يصدر منه أفعال لا تليق، أو احساسه بذاته يوديه نقطة اللاعودة. ولكن مع الأسف الجمهور لا يتعلم ربما لبدائية وفطرية التعامل نفسه. الجانب الموجود في المقال يشير إلى اللاعبين الانفعاليين، أو ذوي العيار الفالت، ولكن هناك شريحة أخرى من اللاعبين لا يجيد الجمهور التعامل معها وهي شريحة الناشئين أو الصاعدين الجدد من الفرق. لاحظ التعامل الحالي مع لاعبين مثل محمد سمير ثابت (ليبرو الأهلي الناشئ)، أو هاني العجيزي (بلدية المحلة - الزمالك)، أو حتى محمود عبد الرازق (في الزمالك). صناعة نجوم من لاعبين ناشئين، والتدليل الزائد للاعبين ممكن يؤدي بنتائج عكسية جدا ضد اللاعب. جمهور الأهلي زي ما يكون في حالة تأهب لسمير، وجمهور الزمالك تحسر على هاني، مع تلميحات بإمكانية استعادته، وشيكابالا لا يزال يترنح. ويخشى على سمير أن يصبح نموذج ابراهيم، أو هاني ليحل محل جمال حمزة، أو لشيكابالا لتأخذ النجومية معه منعطفات أخرى (كما حدث مع منتخبات الناشئين أو الأوليمبي أو حتى مع نادي الزمالك نفسه أول الأمر)ء
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: