5:47 AM | Author: Al-Firjany

في اللحظات الأولى للصدمة ممكن تصدر ردود فعل انفعالية. تحرك الجمهور في الأزمات أحيانا يكون بوعي، وأحيانا من غيره. الصدمات تحدد السلوك الجمعي للجمهور تجاه قضية معينة، ومع كبر حجم القضية بالحجم العائلي (داخل العائلة)، ممكن جدا تظهر التناقضات. كان التعامل مع عصام الحضري واخد كل المساحة وواكل الجو، ولكن ظهر أمير عبد الحميد كمعطر جو. التعامل الجماهيري مع صدمة بحجم الحضري ملفت .. والتعامل مع أمير مثير أكثر للاهتمام.

ردود الفعل الجماهيرية على شدتها وجماعيتها تعتبر ترمومتر مهم لقياس الرأي العام عامة؛ وأحيانا تستخدم لأغراض تسويقية أو لدراسة شعب. اختيار أمير عبد الحميد كسد تالي على الحضري كان اختيار جيد (وبمعنى أدق مفيش غيره)، وإن كان الجمهور بادعاءه إنه نسي الحضري يثبت إنه لا يزال عايش جوة فلكه: "بنينا سد واتهد .. وهنبني التاني أشد" .. بمعنى اختيار السد العالي كلقب لأمير، أو الصيحة "أرقص يا أمير" وغيرها من الكلمات، حتى مع كون أمير نفسه "يتمنى التوفيق لعصام في الخطوة اللي أخدها". بعض ناشئي الأهلي او الزمالك لما بيحبوا يخرجوا من جنة أحدهما يختاروا الذهاب إلى الغريم كنوع من النكاية فيه (ولاحظتها في بعض آلام إينو، أو مرارة شريف أشرف، أو بين سطور هدوء العجيزي أو في الانتقال الصامت للملا إلى المحلة). الجمهور تعامل مع أمير بنفس التعامل مع عصام، والمعروف بوجود بعض الحزازات ما بينهم، ورفع أمير إلى أعلى من السحاب، باستخدام نفس الأسلوب المتبع مع عصام.

الأمر الثاني كان في اختيار شريف إكرامي كحارس بديل، وده كان رد فعل أعنف، مع اهمال وتغييب كامل لكل تصريحات اللاعب المحترف، وتفضيله البقاء في هولندا (أو أوروبا، القارة اللي لسة مشرف منها أفضل حارس في أفريقيا). الجمهور عَدّد الحراس الموجودين مع غياب الوعي بعض الشيء (والصحافة الجماهيرية مشيت ورا الموضوع كالعهد بها دائما). الغريب في الموضوع هو التركيز على حراس بدلاء، وغياب للكلام عمن صنع الحراس (طبعا بعد الموهبة من المولى سبحانه). الحضري استفاد بشدة من وجود جوزيه ووجود أحمد ناجي في الجهاز الفني، استفادة قصوى وممكن تقارن مستوى الحارس فيما قبل 2001 والفترة ما بين ولايتي جوزيه الأولى والثانية لتعرف الفارق. البديهي إن شريف لا يترك ثالث الدوري الهولندي من أجل أول المصري (حتى مع كامل اعترافه بفضل الأهلي عليه بعد المولى سبحانه) ولكن الجمهور أقحمه كطرف في قضية لم يتدخل فيها من الأساس. طموح شريف حالياً هو اللعب والوجود من أجل ما هو أفضل من فينورد، وليس العودة إلى نقطة الصفر من جديد. فيما بعد ابتدينا نتكلم على طموح اللاعب بالوجود في اوروبا (في أعقاب عرض متعب، وبعده تريكة واحتمالات خروجهما) وأتمنى الجمهور يبدأ يقتنع بالصراع الأوروبي داخل اللاعب المصري ووجوده كعنصر محدد لوجوده في فريق، أو هروبه.

في تحركات الجماهير الانفعالية ممكن تضيع بعض الأشياء من الذاكرة، وتصحى أشياء، يمكن بسبب التركيز على المصيبة الحالية. الجمهور حاول ينسى "كائن اسمه الحضري" .. أو اعتباره مات، ونسي تاريخه مع النادي، ومع النسيان (ورفع أمير) نسيوا مشكلات أمير السابقة (خناقتين في أسبوع مع أحمد ناجي، تغيب عن التدريب بدون إذن، بعض الصواريخ الصامتة ضد ركنه على الدكة، إلخ). شيء عجيب فعلا في نسيانك لتاريخ حارس هارب، ومعاه نسيت تاريخ لاعب آخر له حالات خروج عن النص. بعض الزلات محتمل شفاها، والتغاضي عنها، ولكن واحدة بس ممكن تضيع تاريخ (أساسي واحتياطي). غلطة الحضري ضيعت تاريخه، وضيعت تاريخ أمير أيضا. غلطة الاساسي بألف، وغلطة الاحتياطي بواحدة.

نسيان التاريخ كان على ونجين: تاريخه على الدكة، وتاريخ لعبه، (التخوف الساذج من أمير وعدم قدرته على سد مكان الحضري). سقطت مباراة بنفيكا أو مباراة الزمالك والاسماعيلي نهاية الموسم الماضي (هزيمة الأهلي الثنائية وقتها)، ومباراة أخرى مع الاسماعيلي بالاسماعيلية، أو مباراة كلوب أمريكا (ثالث العالم باليابان) ومباريات أخرى شهدت وجود قوي جدا لأمير، واختبار على مراحل أثبت أمير فيها نجاحاً فاق 95%. في الطب النفسي، بعض الصدمات القوية قد ينتج عنها حالات زهايمر أو نسيان جزئي لأمور لا يود الانسان أن يذكرها فيدفعها إلى العقل الباطن، وفي حالة تذكرها قد ينتج عنها ضرر عكسي. يعني الجمهور لا يذكر، وليس بحاجة إلى تذكيره.. وإلا –

في مراسم هدم السد وبناء الأشد تجد الجمهور في حالة هيستيريا وترقب ملفت لعامل البناء. على طول تشجيع جمهور الاهلي للنادي لم يعرف أن عنصر حراسة المرمى مقفول بالضبة والمفتاح، وإنه أقل المراكز تدعيماً من الخارج (باستثناء تابان سوتو)، ولم يلحظ قدرة النادي الأهلي (مع معظم أندية مصر) في إيجاد حارس ممتاز، مع استثناءات قليلة، ويمكن ده مرجح قوي للمنتخب عموما في مواجهاته الأفريقية. تشجيع جمهور الأهلي أغلبه حماسي، مهمل للجانب الفني، وجوانب أخرى. مع حالة الهدوء النسبي الحالية فيما بعد عودة السد المنهد، ومع حالات احتراف بعض لاعبي الأهلي، تسمع كلام عن الدورة الطبيعية لطموح اللاعب، بالاحتراف الأوروبي، وده كلام جميل، خصوصا مع وجود الاسلوب الاحترافي لو ناوي تحترف. الجمهور ناوي وعاوز يبني أمير. هل ممكن أمير - بعد إحكام البناء – هياخد نفس السكة؟ ولا السد هيغير مجراه؟ لم يتوقع أحد فعلة الحضري، هل الجمهور بتكراره نموذج البناء، هيكرر نفس المشكلة أو بالأحرى هيتلقى نفس الصدمة لو تجاوز طموح أمير سقف الأهلي؟ بالطبع الجمهور بعيد عن مشكلة الحضري، ولم يدفعه للهروب، وإن حاول الحضري جلبه إلى صفه بمختلف الوسائل (الإعلامية)، ولكن الجمهور عنصر قوي محدد لأوامر أكبر من الحضري (مساندة الادارة، أو قراراتها، تقوية لاعب على حساب آخر، أو دعم الفريق ككل، أو بعض القرارات الفنية).


برد فعل الجمهور العنيف ضد الحضري أعطى الضوء الأخضر لقرار أعنف (استعمال أقصى عقوبات متاحة ضد اللاعب، وتلميح بعقوبات أقسى من الفيفا بتوقيع لاعب لناديين). الفعل ورده يبين البير ويشيل غطاه عن العلاقة ما بين الجمهور والنادي، وكونها أبعد من علاقة الجمهور باللاعب. مساندة اللاعب موجودة، ولكن مساندة الإدارة والجهاز أكبر. أهل الأهلي أدرى بشعابهم، ورد الفعل ضد الحضري يورينا واحد من تلك الشعاب. ممكن الجمهور يساند اللاعب، ولكن مستحيل يكون ضد النادي أو الإدارة. حب الكيان أكبر من حب الأفراد، ومع الحب يظهر لنا تفضيل المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية، حتى وإن كان في الحياة العامة العكس هو المطبق، بتفضيل الفردي على الجماعي تقريبا في كل شيء.

Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

2 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On March 17, 2008 at 9:20 AM , Mohab Koura said...

الحقيقة لولا الصور الشطرنجية الرائعة لما اعتقدت لحظة أنك أهلاوي أصلا!! المقالة مليئة بالمغالطات ..فأمير تعتبر مشاكله قليلة جدا بالنسبة لأنه قارب علي الثلاثين و لم يلعب نصف موسم حتي الاّن! ضع نفسك مكانه! فهو لم يهرب مثلا و لم يتفاوض مع أندية أخري بدون علم الأهلي رغم أن مستقبله علي المحك!أيضا منذ متي تحتسب ضربات الجزاء في السكور شيت مثلما فعلت !!!الزملكوية أنفسهم لم يفعلوا ذلك! الميزة الوحيدة في المقال هي أنها تكاد تخلو من الأخطاء الإملائية و هو شيء نادر الاّن..

 
On March 17, 2008 at 9:46 AM , Al-Firjany said...

هو أنا طلبت من الناس ترد علشان تشتمني ولا إيه؟ :-)))

حضرتك قريت المقالة؟ أنا بأقول إن الجمهور نسي مشاكل أمير وهي صغيرة، ولأنه في الظل، في حين غلطة واحدة للحضري أنست الناس تاريخ الأساسي بالاحتياطي، وما قلتش مين خطأه أكبر من مين، لأنها أساسا مش محتاجة ، ولا حتى إني أسيبها لذكاء القاريء، رغم إن العينة مش بينة :-))

الحاجة التانية إن أمير كانت له مشاكل وأهلاوية كتير هاجموه بشدة وبعضهم شتمه، في حين إنه زي ما حضرتك بتقول قاعد مبلط ع الدكة، بالتالي عنده العذر إنه يعمل أكتر من الحضري، ومع ذلك ما حدش التمسه له
==
الحاجة التانية بالنسبة للسكور شيت
ما تاخدش في بالك .. دي حاجة كدة تتفهم ما بين سطور المقالة اللي أشك حضرتك قريها، وقضيتها صور، وظني إنه يتفهم المقصود بيها ومش مستعد أشرحه لحضرتك
==
نسيت أكتب على باب المدونة "ممنوع الأفكار المسبقة "