12:40 PM | Author: Al-Firjany


مباراة الأهلي والاتحاد الليبي على قدر ما أعلنت تأهل الأول إلى النهائي، إلا أنها فرضت أسلوب لعب جديد لجوزيه يلعب به من فترة، وتوجه يحاول جوزيه فرضه على الخصم، وإن كان يتحول في بعض الاحيان عكسيا ليفرض على فريق الأهلي ذاته. المباراة تحمل أكثر مما هو مجرد انتصار فائز متعثر وهزيمة ضعيف مرفوع الرأس. بقاء الإثارة وغياب المتعة حتى الدقائق الأخيرة، ووجود فريقين يلعبان مدافعين في دور متقدم مثل الدور قبل النهائي يعطي فرصة لتوقع واستشراف أداء الأهلي في النهائي ومباراة تعتبر مهمة في تطور فكر جوزيه الخططي والتكتيكي مع النادي الأهلي.

كنت من فترة قلت على جوزيه إنه مدرب برتغالي بنكهة مصرية، ولكن لم أتخيل انها توصل إلى حد "اللي تغلب به، العب به". جوزيه لديه خبرة قوية من مقابلات الفرق المصرية (أهلي أو أندية "تانية" ومنتخبات) مع الفرق العربية. مباريات مخنوقة، عصبية، متردية، متدنية، ومع الخنق والتعصب والتردي والتدني، يموت اللعب اكلينيكيا، ويصبح تسجيل الهدف مربح في بعض الأحوال أو معظمها (تابع نسبة اللقاءات ما بين مصر والشمال الافريقي وشوف نسبة كام ماتش انتهى بأكثر من هدف يتيم). مع تكتيك جوزيه المتعِب أساسا (لفريقه ولمنافسه) يصبح تسجيل هدف في النادي الأهلي صعبا، إلا أنه في مباراة الاتحاد كان تسجيل هدف في المنافس هو الأصعب. وربما كان هذا أحد دواعي تغيير التكتيك وأسلوب اللعب.

في البداية الأهلي لعب هجوميا جيد جدا، بوجود متعب (وحالة اللاعب ده بالذات هأتكلم عليها بعد شوية) وتوزيع بركات وفلافيو وابو تريكة تحته. ولكن لم يستطع الرباعي التسجيل بأكثر من هدف، وكان الدفاع الليبي الكثيف وإن كان غير محكم مع وجود ثغرات لم تستغل. وجود منصة جلبرتو في الشمال كان نقطة تحول مهمة لصالح الأهلي، مرشحة للتطوير في مباراة النهائي، إن لم ينتبه لها الفريق الساحلي، أو يضيف لها جوزيه عنصر المفاجئة!! مش بس جلبرتو المتطور، ولكن أنيس وعاشور اتطوروا مع بعض، وكانت تقدماتهم الثنائي متناوبة وإن لم تكن فرص التسجيل كثيرة، ولكن الدور الهجومي موجود.

جوزيه حاول بشتى الطرق تسجيل أكثر من هدف، وكانت فرص الشوط الأول وبدايات الثاني دليل على الضغط (من الأهلي وجوزيه) من أجل الثاني في الصحراء الليبية، ولكن انتهى البحث في واحة سراب. الأهلي سجل هدف يتيم، وحاول يجيب له توأم، ولكن الولادة كانت متعثرة ولم تتم. كان تقدم السيد وشادي دليل على محاولة الدفاع مد يد العون للهجوم – سيء الحظ – وكان تقدم أنيس محاولا استغلال غياب الرقابة عليه. ولكن فشل الثلاثي، كما فشل من قبلهم الهجوم. التحول الغريب من وجهة نظري في تكتيك جوزيه كان اتجاهه إلى الواقعية. أقسى ما تخاف عليه من الأهلي أو الفرق المصرية في مباراة مع فريق عربي هو غياب التوفيق (أو يمكن تخاف عليه في أي مباراة عموما). ولكن ده قبل نهائي والدلع ممنوع، لأن الزعل مش مرفوع. كان تحول جوزيه بالقناعة بالهدف والحفاظ عليه وأهو رضا وأحسن من مفيش، والركون إلى الدفاع بعض الوقت، مع الابقاء على نفس الخطوط الهجومية، ويمكن ربنا يكرم. لجوء المدرب إلى التأمين الدفاعي بوائل جمعة ثم التغيير في نهاية الشوط لاستهلاك الوقت مظاهر للرضا ومحاولة الخروج فائز بالهدف، وفي النهائي يبقى يحلها الحلال. ولكن كان غريب وجود التفكير بالصورة دي في "المغامر" مانويل جوزيه، وتحوله إلى الواقعية.

ه((نفس التكتيك تقريبا حاول جوزيه اللعب به في مباراة أم درمان، خصوصا عقب تاخر الأهلي بهدفين. بدلا من محاولة التعويض أو حتى تسجيل هدف، حاول التأمين الدفاعي لعدم دخول الثالث، على غير العادة، لأنه دخوله كان يعني تفوق الهلال في مجموع المباراتين وتحول الكراسي ولعبة القمة في المجموعة. تكتيك واقعي، وأنا شايف فريقي واقع وغير قادر على التحرك أو التسجيل أو حتى التهديد، بالتالي أحاول الخروج بأقل الخسائر، حتى وأنا خاسر – ولكن الواقعية قد تكون آثارها كارثية في بعض الاحيان. في مباراة أم درمان الهدف سكن مرمى الأهلي، ولكن في مباراة الاتحاد لم يدخل. ممكن ظروف معينة تنجح خططك وفكرك، وجايز لأ [مثال لعبك على أرضك أو خارجها] ولكن هل هيلقط المدرب الفرنسي طريقة عمل البرتغالي؟ أشك!))ه

تحليلات المباراة تجاهلت بعض الشيء تعامل جوزيه فيما قبلها. جوزيه حاول جدا استفزاز متعب للعب والتسجيل في مباريات سابقة بالركن كاحتياطي (عدو اللاعب المصري رقم واحد). كنت على وشك توقع إن جوزيه هينزل بمتعب أكيد في مباراة النجم الساحلي، ولكن جوزيه سبق. واضح جدا تركيز جوزيه على النهائي بأي شكل، ومحاولة الوصول إليه واستعداداته في دور الـ8 وقبل النهائي، وحالة عماد متعب بالذات دليل على ده (نفس التكتيك تقريبا كان مع حسن مصطفى العام الماضي، ولكن حسن لم يساعد جوزيه). استفزاز جوزيه نتج عنه مشاكسة من متعب دفعت الأهلي إلى النهائي بهدف سجله (حتى لو كان من المدافع الليبي). لقطات الكاميرات لعماد متعب على دكة الاحتياطي في المباريات السابقة كانت تعطي المشاهد لمحات عن أثر استفزاز جوزيه (من قرقضة أظافر، وجز ع السنان، ومتابعة 22 لاعب وأنا برة، وكاميرا واقفة مستنية لي الساقطة واللاقطة، إلخ). جوزيه يتابع المباراة، وبطرف عينه يلمح متعب خارجها. جوزيه عينه على الهجوم يسجل أو يضغط على دفاع المنافس (حتى لو لم يسجل) ومتعب في الخارج ينتظر النزول، ولا ينزل. تعامل ذكي، وفيه أنواع من الدهاء والمكر. ولأن مباريات العرب صارت كالحروب، كانت الخدعة وأسفرت عن مصرع الاتحاد في القاهرة. (بخصوص متعب فيه مشهد لفت نظري إليه واحد زميلي، لما شاف متعب ع الخط يطلب مياه، رمى له عامل الملابس الزجاجة على الخط، جوزيه قام بسرعة وراح ع الخط، واداها له!!). اسلوب لا يحتاج إلى تعليق مني (وربما يطلبه من القاريء) في تعامل منتج النكهة المصرية، مع المصراوي. الاستثارة من جوزيه لمتعب نتج عنها هدف وضغط على دفاع الخصم، ومرشحة للتطور في مباراتي النهائي.

القلق طبيعي بمقاييس توقع وترقب مباراة الساحل، خصوصا مع تدخل القائمين على المنتخب المصري القدري، أو البشري. النجم الساحلي سيقابل الأهلي معبي من المنقي (انتقام على حقد على حسد على تار بايت (أو صاحي) على أصوات انتقام). مبارزة ثنائية والجيش التونسي (صحافة واعلام وجمهور وألتراس) تحمس وتنفخ وتولع في اللاعبين، فيما يقف المبارز على الجانب الآخر وهو عارف الأشكال دي كويس! المثير في حالة النجم هو الثأرية التي ظهرت في مباراة السوبر الافريقي ومرشحة للعودة في لقاء الذهاب والعودة، وعن شحن الشمال الافريقي لا تسل، ولكن شاهد! "أداء" الأهلي أمام الاتحاد ربما لا يعطيك الثقة، ولا يمنحك البطيخة الصيفي، وإن أدخلتها بطنك، تشعر بعسر الهضم. ولكن النجم عانى من نفس ما عانى منه الأهلي وهو امكانية تسجيل هدف في مرماه، يطيح به خارج النهائي. أداء الأهلي نفسه كان جيدا، مع صعوبة شديدة في التسجيل في شباك الحضري. واقعية جوزيه مؤشر مهم على أسلوب لعبه في المباراة وطريقة فكر، أكثر منها طريقة أداء في الملعب. مباريات الأهلى المخنوقة مرشحة لأن تكون أكثر خَنقة (خنقة فعلا) واحتمال خناقة في تونس، مع فريقين يجيدان الوصول إلى المرمى، ولكن ستمنعهم المتاريس – الدفاعية وغير الدفاعية. ولكن لهذا حديث آخر.
لو أن مانويل جوزيه يحاول تعدد مناطق الهجوم، بوجود متعب حاليا، مع متابعة من أسامة والويشي، وترصد من بلال، ولكن وجود خط الدفاع الأهلاوي والوسط الجيد جدا، مع المتطور بشدة عاشور والمكافح بوجلبان، ومتابعة من أبو علي، يعطي أمل في وجود ميزة قوية جدا للنادي في النهائي بإذن الله. حين يتحدث الجميع عن خبرة لاعبي الاهلي في المواجهات الأفريقية أو عالميا، أجد لزاما علي إني أفكرهم بخبرة جوزيه مع الفرق العربية!

نقطة لابد من ذكرها!
قبل وبعد لقاء الأهلي الأخير وجدت عاملين سلبيين. الأول كان العفو عن أمير، بعد الايقاف أسبوعين والغرامة، ثم الاكتفاء بالثانية. سيان أمير مخطيء أم لا، العقوبة كانت واجبة النفاذ، حتى ولو كان الفريق يحتاجه. ولكن العفو في اليوم التالي مثال على توجه اداري آخر في النادي بصفه عامة. الثاني كان التلميح في الصحافة المصرية بمضاعفة مكافآت الفوز. بعد المباراة بيوم واحد كان التصريح بغياب المضاعفة والمكافآت زي ما هي! واضح إن جوزيه مش لوحده الواقعي، والادارة تشحذ كل الاساليب "التقليدية وغير التقليدية" من أجل الوصول إلى النهائي – حتى لو كان بطرق مثل هذه. أخشى – بعد الوصول إلى النهائي – أن تكون النتيجة والنتائج عكسية، في وجود الواقعية.
Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

2 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال:

On October 11, 2007 at 8:00 AM , Streaker said...

مع إني بحب الإسلوب الدفاعي ده
بس بالنسبة لجوزيه وكما يقول المثل مجبر أخاك لا بطل
جوزيه حاسس بالإرهاق البدني والذهني
والشد العصبي للعيبة
صحيح الأداء الدفاعي قد يكون متعب أكثر للفرقة ولكنه أكثر أماناَ+إنك بتتعب الخصم معاك
أعتقد إن شاء الله البطولة من نصيب الأهلي خصوصاَ بعد الثقة اللي حاسس واخدها مدرب النجم
ممكن تخليه يفكر يفتح خطوطه أو علي الأقل تبقى فرصة ليه إن يكسب الأهلي في سوسة ويضيع علي الأهلي فكرة اللعب الدفاعي في القاهرة
بالنسبة لي تحقيق البطولة إن شاء الله هيتم من سوسو مع تحقيق نتيجة إيجابية هناك
العلاقة ما بين جوزيه والأهلي ولعيبته تخطت بمراحل مرحلة الفكر الفني بمعنى لو الأهلي جاب مدرب أفضل من جوزيه فنياَ مش هيحقق النجاح الحالي
جوزيه فهم اللاعب المصري وفهم مناخ التعامل في الكورة المصرية
إن لازم يكون فيه دافع أو إستفزاز لأغلبية لعيبة مصر عشان تأدي
ومن غير الدافع ده مستوى اللعيبة بيهبط جداَ وجوزيه فهم النقطة دي كويس وغالبا معظم لعيبة الأهلي هتلاقي لكل واحد موقف مع جوزيه مسبب له دافع سواء فني أو غير فني
نقطة أخيرة بعيدة عن الموضوع أتوقع
تنازل شحاته عن لاعبي الأهلي من مباراة اليابان مع تصاعد نغمة إعتراض الأهلي وظهور المشكلة في الإعلام
خصوصاَ إن مفيش أى مبرر للعب هذه المباراة

 
On October 11, 2007 at 2:41 PM , Al-Firjany said...

ما أخبيش عليك الاساليب الدفاعية ليها معجبين .. ولما يكون معاها مكسب مهم تحاول تتابعها

فعلا الارهاق والشد كبر على الفريق جدا وانت تقريبا مكرر نفس الجملة اللي سمعتها في الموضوع ده

موضوع النجم والثقة دي جامدة شوية، وبصراحة مش عارف ازاي مدرب يتكلم بالأسلوب ده لو هو بيتكلم على تسجيل أهداف للنجم على أرضه أو في الخارج، فالأهلي يتمتع بنفس الميزة أظن

---
حكاية جوزيه وتركه الأهلي محتاجة بعض الوقت للتأقلم عليها .. ومسألة فهم طبيعة اللاعب المصري موضوع معقد .. ومع إدارة مساندة زي إدارة الأهلي أفتكر الحكاية دي هتسهل مهمة المدرب الجديد

الأهلي ضاغط بشدة على الاتحاد وأعتقد إن المنتخب مش هياخد معاه لاعبي الأهلي خصوصا مع مساندة من الاتحاد الياباني والمدرب برضه
ودي حكاية لوحدها

كل سنة وانت طيب يا ستريكر