2:31 AM | Author: Al-Firjany



نفس الكلام المكرر تكاد تسمعه بعد أي صفقة، وحاسس إنه نفس الكلام بأكرره عند الرد والتحليل. شراء لاعب كرة قدم لابد يكون سببه التدمير أو التكديس أو المزايدة أو المرابحة أو النكاية أو الوصاية ... أو أي شيء إلا الاستفادة من هذا اللاعب. كأن خمس مرات مش عدد كافي لمواجهات الديربي محليا وأفريقيا، فبدأ التسخين من خلال الصفقات، مع استمرار لنفس الثقافة ونفس ضحالة التفكير، وحتى نفس الأسلوب. مل منا المعلم .. وخلص كل اللي وقع منه، ومش بعيد يكون قفل القهوة وبطل كورة من أصله. رحلة الشتاء والصيف في التعاقدات، والمشاحنات والخناقات، ويتخللها بعض المباريات، وانت وذوقك في اللي عاوز تتفرج عليه وتحبه.

لم تسمح لي الظروف بالحديث عن تطور فكر جوزيه مع الأهلي، وتخليه الجزئي عن الجانب الأيمن (أحد أفضل مراكزه في 2005). وكنت ألمحت إلى أن البرتغالي في سبيله إلى التركيز على خط الوسط بالتدعيم وبالتعليم (مع الجانب الأيسر). لم يسمح الأهلي لحسن مصطفى بالبقاء في الوحدة رغم رغبته، ولم يسمح لبوجا بالخروج مع زيادة عدد العروض الخليجية عليه وترحيب اللاعب. ببساطة الأهلي يحاول تدعيم الوسط، وجمع لحد دلوقت هجين من عائد إلى أوروبا، وعائد من الخليج، وخارج من تونس، على هارب من الزمالك، وواحد بس ابن الأهلي ... ومع حسين علي بقوا اتنين.

علشان أتكلم على جدوى حسين علي في الأهلي، أريد التلميح إلى أمر مهم في فكر جوزيه الفني. على مدار الموسم الماضي، حاول جوزيه تجربة فتحي في الارتكاز، ونجح جديا فيه بل وأضاف عليه بعض الأدوار الهجومية ظهرت في تحركات إيجابية إلى الأمام ومساندة مع المثلث الهجومي، وظهرت في مباراة المقاولون ثم الزمالك ومباريات أخرى. جوزيه أحيانا ما كان يزيح بركات إلى الوسط والتبديل مع فتحي في اليمين، غير تجربة بعض الناشئين هنا وبعضهم فشل والبعض على قائمة الانتظار (محمد نانو، الفزاني وفي انتظار شبيطة وهشام محمد). النقطة الأهم هنا هي إن جوزيه أحيانا ما كان يلعب بثلاثي ارتكاز في غياب أبو تريكة عن تشكيله، والثلاثي يفيد جدا في أداء أجزاء من أدوار بو تريكة الهجومية .. تماما كما يفيده في مساعدة الدفاع والطرفين أمام خصم مغتر بغياب أفضل لاعبي مصر. ببساطة جوزيه لديه أفضل من فكر وخطة بالارتكاز، وافتكر كويس غياب أبو تريكة المحتمل في بداية الموسم. كلام الدكتور الالماني إيمهوف عن حالة اللاعب أوعز إلى جوزيه برسالة مفادها: "أبو تريكة .. احترس.. وقوف متكرر." أو جايز بعد الاستغناء عن الشاطر وعادل، جوزيه ممكن يعيد بركات إلى الظهير الأيمن مع ترك حسين علي في الأمام لشغر مكان بركات أو التبديل ما بينهم، أو ترك الجبهة اليمنى بلا تركيز لحين عودة فتحي بالسلامة.

جوزيه نقل إلى مصر تكتيك الارتكاز الأمامي والخلفي في الانتفاضة الأولى والثانية ببهارات دفاعية وهجومية ممتازة. بعد رحيل أفضل ثنائي ارتكاز في مصر من فترة طويلة (شوقي – حسن) كان على الأهلي إيجاد البديل، خصوصا وهو شايف المنافس قدامه لايص بعد إصابة تامر عبد الحميد، أو ترنح إنبي بعد انخفاض مستوى سمير صبري، أو حتى تعب الأهلي النسبي بعد رحيل غالي. جوزيه ارتكز على عاشور ولقى منه استجابة، وكان الرد أعلى من بوجلبان، لكن اتنين بس مش كفاية، خصوصا مع تكرار إصابات إينو، والظاهر إنه لم يُجهز 100% للعب مع فريق أعلى بمجهود أقوى وسرعات أقسى. لاحظ الأهمية فوق القصوى التي أبرزتها بطولة اليورو 2008 للارتكاز وخط الوسط عموما (تابع خروج فرنسا بغياب فييرا، أو تأثر إيطاليا مع انخفاض مستوى جاتوزو أو فوز روسيا على هولندا نتيجة لاندفاع الثانية) بفوز أسبانيا بالكأس وهي تضم أفضل وسط في اليورو أو الرهيب سينا، يعني باختصار أفضل الفرق ارتكازا، أعلاها حظا وأكثرها فوزا. اليورو بين مهارات وأدوات ومهام متعددة للاعب الارتكاز تتطلب معها مجهود ذهني وبدني عالي جدا، وجوزيه معودني على نقل بعض التكتيكات من البطولات الكبرى محليا داخل الأهلي (ومنتظر الشيء نفسه من هولمان ولا أنتظره من غيرهما من الأوروبيين في مصر إن وجدوا). نسبة 30% من تعاقدات الأهلي تدعيم في خط الوسط تحديدا، وعلى ما يبدو إن جوزيه يحاول الوصول إلى توليفة وبديل التوليفة إن أمكن، بالذات مع رحلة استعادة العرش والعودة على الخطوط الجوية اليابانية من جديد. أولويات اللي راح اليابان .. لا تساوي اللي مش عارف السكة.

أحيانا لا يفضل الأهلي الانتظار حتى رحيل الأساسي، ويسبق بالتعاقد مع البديل الأول. تاريخ رحيل بوجلبان معروف، وأفتكر انت سمعت بدء نغمة العروض الأوروبية من بق عاشور، ومع ترديد الجملتين على ودن جوزيه، يكون الرد الطبيعي: لابد من بديل. السوق المحلي هي الأقرب للأهلي خصوصا مع غياب دور الكشافين أفريقياً. زائد إن عدد الارتكاز الجيد في مصر قليل، ولاحظ تركز الأهلي (والزمالك) على نفس اللاعبين في هذا المركز بالتحديد، لندرة المجيدين فيه. حسب كلام بعض التحليلات عن لقاء جوزيه ولجنة الكرة، كانت نبرة الأول أعلى عند الحديث عن البدائل وطلبه ألا يتحول حسين علي إلى أسامة محمد، وبقاء بتروجيت على ما هو عليه. هي أسباب شدت من مخالب القيعي عند التفاوض مع اللاعب والنادي من أجل الانتقال، ومعها ارتفع سعر اللاعب بشدة .. نتيجة لوجود عنصر بترولي في الصفقة. وهو ما سأحاول الحديث عنه عند الحديث عن مثلث البترول والأهلي والزمالك.

لو هأتكلم عن حسين علي، فمن رؤيتي له في بعض المباريات لاحظت سرعة تحركه وقدرته على نقل الهجمة بسرعة من الخلف للأمام. مختار مرن فريقه كويس على أداء أدوار جيدة دفاعا وهجوما، وهي أدوار محتاجة سرعة وخفة وقدرة عالية على نقل الكرة. حسين علي خدم مختار في النقطة دي جيدا مع كوفي وأحمد شعبان وساعدهم سرعات الظهير أسامة محمد وأحيانا بميل عبد الحكم إلى الوسط للمعاونة الدفاعية أمام الفرق الأعلى وتهديفية عالية من علاء ابراهيم. النقطة الثانية هي إن الفريق يتميز بقدرة رائعة على الضغط وسرعات حسين علي عنصر مؤثر في النقطة دي تحديدا.

الأهلي والزمالك جربوا حظهم مع ارتكاز سريع ومتحرك قادر على استشراف هجمات المنافس وأداء أدوار هجومية مع تركيز دفاعي قليل (ماركة جاتوزو). كان للأهلي حسن مصطفى وصادف معاه نجاح مذهل موسمين تقريبا، وكان للزمالك علاء عبد الغني من المقاولين ولم يصادف نجاحا، ولم تشفع له الاصابة في محاولة إدراك بطولة أو تعويض ما فات. حسين علي يبقى على المحك ما بين الاتنين، واخترت اللاعبين تحديدا لمجهودهما الوافر وهو ما يكاد يوازي قدرات حسين علي في الارتكاز كلاعب سريع ومتحرك ومجهوده عالي جدا. أول ما سمعت عن تحقيق الاهلي للصفقة حضر في ذهني مثال حسن مصطفى، مع فتور التغطية حوله على مواقع الاهلي أو حتى فتور عودته الشخصية وبعض الشائعات حوله. جايز علاقة جوزيه باللاعب دفعته للبحث عن بديل، وكان حسين هو الأقرب والافضل (ولاحظ إن الثنائي مستخرج قطاع الناشئين المهم في الأهلي). جوزيه يحاول إعادة بناء خط ارتكاز جديد كنموذج لشوقي – حسن نسخة 2005، وحاليا هو أقرب لتحقيق ظل شوقي، ويحاول البحث عن ظل حسن، بس مش معنى كدة إن جوزيه هو الرجل الذي فقد ظله، لأن عاشور قايم بواجبات جيدة جدا دفاعا وهجوما ويؤدي بشكل أكثر من ممتاز في الارتكاز الأمامي والخلفي. اللي بين حسين وحسن أكبر من مجرد شعر طويل والخروج من نفس المنجم في الاهلي، ثم تعب ناديهم في استرجاعهم، مع تشابههم في نفس السرعة تقريبا والمجهود والقدرة على أداء دور الارتكاز الأمامي بشكل جيد. بالمناسبة حسن كان معروف عنه تسجيل أهداف في الاتحاد، وقلت بشدة مع الأهلي، ومنتظر نفس الأمر مع حسين نتيجة لتحجيم جوزيه للاعبين.

العنصر السلبي الوحيد حتى الآن في الصفقة هو احتمال غياب اللاعب عن معسكر ألمانيا الذي شارف على النهاية. كما انفرد جوزيه بعاشور وإينو لبعض المهام الدفاعية، جايز كان ممكن ينول حسين من الحب جانب ويستمع إلى بعض النصائح، بالذات مع تواتر أنباء عن احتمالات الدفع بأحدهما في مركز الليبرو أو المساك (مركز إينو في الزمالك يوم مباراة الترجي 3-1 لو تفتكر)، وربما كان هذا السيناريو الثالث (تبعت من كتر العد) الذي يدور في عقل جوزيه. حاجة تبرجل.

حسين أول لاعب يسترجعه الأهلي من قطاع ناشئيه هذا الموسم، في حين فشل في استرجاع زميله وفاز به الغريم، رغم حاجة الأهلي الأقوى للثاني عن الأول، وظني حاجة الغريم للأول الأقوى عن الثاني. لكنها كرة القدم في مصر، والأوضاع المختلة والميزان المتخلف. من بعض أسباب الصفقة رغبة الأهلي في الرد على التفاوض مع هاني سعيد في حين إنه كان منطقة محظورة بعض الشيء للأهلي، ومعروف إنه كان موضوع على مائدة حسني عبد ربه (لاحظ تخلي الأهلي عن عمر جمال نسبيا، وبعده عن جلسات المقايضة، وإن كنت أتوقع اقترابه من بؤرة الاحداث بعد أحداث حسين وسعيد والزمالك والاسماعيلي الأخيرة). في أقل من يومين حاول الأهلي مع ناشئيْن، ونجح مع الأول رغم اقترابه من الزمالك، وفشل مع الثاني رغم اقتراب القيعي منه.

حسين لاعب جيد، وكان أملي إنه يتجاوز الكلام عنه أسلوب التكديس وتدمير المنافس، ومحاولة التكويش والتفنيش .. أو إهدار المال العام حسب تصريح خالد جبر. لأنه لعبة الكراسي الموسيقية انقلبت تاني يوم على طول. لم أسمع عن وجود ثلاثة ليبرو في فريق واحد، ولا أعلم الفارق ما بين 5.5 مليون و13 .. فيما عدا إن الأخير غير جالب للحظ. لماذا يتحدث غير الفنيين عن كلام فني بحت؟ لماذا ندور في فلك ودائرة لا تنتهي؟!! وكأننا في لعبة في ملاهي وعمالة تدور بينا، وزهقت الملاهي مننا ولم نمل منها بعد. عقليات المراجيح هي الموجه والمحدد للرأي العام وهي الأعلى صوتا فلا تكاد تسمع أي صوت للعقل، طالما الشعب اللاهي غارق في الملاهي.






لو متابع الليج الانجليزي، حاول تتبع العروض الانجليزية على أرشافين، وتابع ردود فعل الجمهور على انتقال لاعب إلى الغريم، وهناك تقريبا هتلاقي غريم في كل مدينة. على أن أجمل شيء في الدوري الانجليزي .. هو غياب المعلمين.




Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: