1:11 AM | Author: Al-Firjany


صعب أن تجد نسخ كربونية من لقاء كروي واحد يجمع بين الأهلي والزمالك، والأعسر أن تجد كلاما تحلل به ماتش سبق وحللته من أسبوع. كانت الصعوبة أمام جوزيه وهولمان في التفكير بالجديد مع الخصم القديم، والأصعب واجهه الفرجاني في تحليل نفس الخصمين يلعبان بنفس الأسلوب القديم "والله زمان يا سلاحي" في مباراة مفترض إنها جديدة، مع اختلاف سلاح كل منهما. لا يكاد الزمالك يصحح خطأ حتى يقع في أخطاء، وحديث أبو العلا بعد المباراة الأفريقية "نفس الأخطاء بنكررها دايما" ينطبق على المباراة .. حتى لو غاب عنها أبو العلا. الأهلي يستطيع أن يفرض حجمه وسطوته حتى لو غابت نصف قوته، فيما تستمر نفس المعادلة مع الزمالك من لعب جيد وهزيمة ... والفارق أن هزيمة الأحد الماضي، لم تكن أثقل من الحد اللي قبله، .. هٌم هٌم الجونين ما يتغيروش. يبقى الأهلى من يسبق بالتهديف، لتتحول المعادلة إلى: الأهلي في التهديف، والزمالك في التعديل. ولكنه تعديل لم يأت أوانه بعد

الزحمة في وسط الملعب كانت غير مبررة بالمرة، وتعطي أكثر من انطباع وأكثر من تحليل. غريب إن غياب متعب في الأهلي لا يجعل جوزيه يفكر في البديل (بلال مثلا) أو عدم تفكير هولمان في جعفر كبديل أقوى – في نظري – من حمزة. كان توقعي هو إن هولمان سيحاول المبادرة بالهجوم حسب تصريحاته أو حتى بمعطيات الأمور ولطبيعة الغيابات في الأهلي. صدر لي الألماني الاحساس الهجومي وأكده بدفع أيمن إلى الامام كارتكاز متأخر وترك أحمد حسن لرقيب آخر (مجدي أو ابراهيم أو انضمام عبد الرؤوف في حالة تقدم ابراهيم)، ولكنه زحم منتصف الملعب بشكل غير مفهوم، والأغرب هو إن جوزيه اتبع نفس الاسلوب، وما زاد هو شبه كربونية التكتيك الهجومي بوجود رأس حربة افريقي وحيد، وزيادة من الوسط. زي ما قلت قبل كدة، وكعادة فرق كثيرة، اللجوء للوسط يأتي في حالة غيابات كثيرة في الفريق أو ضعفك أمام خصمك، أو لتقليل حجم الفارق الفني للخصم وقلبه لصالحك. كان نفس أسلوب كرول في الشوط الأول فقط من مباراة الدور الثاني ولم يستمر للشوط الثاني، فانهزم بثنائية. هولمان استمر على تكتيك زحمة الوسط (ولاحظ إنه كان نفس أسلوب في المباراة السابقة، لكن الفارق هنا هو إن الهر لم يستمر عليه في الشوط الثاني، تماما كما لم يقيد حركة أيمن، فزاد الفارق بأكثر من هدف، واستمرت بنفس النتيجة). كانت الزيادة للتغطية خلف ريكاردو أو في حالة تقدم ابراهيم، أو لمواجهة زيادات حسن أو بركات إلى الأمام، أو لمواجهة طرفي الاهلي (سيان لو فكر جوزيه في بركات أو لاستشراف نيات معوض). الطبيعي أن يملأ الوسط بثنائي أو ثلاثي هاف ديفيندرز، بتقدم أيمن ومجدي من الخلف للأمام لمساعدة عبد الرؤوف وأحيانا انضمام محمد ابراهيم إلى الوسط .. أو ميل علاء كمال إلى النزول إلى دائرة السنتر نتيجة نقص بعض الامدادات والزيادة النادرة من عبد الرؤوف (ظني إن هولمان أعطى أحمد واجب القيام بواجب الارتكاز المتقدم)، ولأنه لم يقم بها على الوجه الامثل كان أسرع لاعبي ارتكاز فريقه في الخروج. لذلك كان تقريبا عدد لاعبي الزمالك في المنتصف حوالي اربعة، نتج معها ازدحام المنطقة وهو ما قلص فرص الأهلي في الشوط الأول وأخرها إلى نهايته. بطء التمرير والتحضير وغياب الحلول الفردية في المراوغة من لاعبي الأهلي (باستثناء بركات وصديق وأحيانا معوض) كان عامل مساعد على بطء الفريق وغياب خطورته، إضافة الى استعمال الزمالك لبعض العنف في بعض الكرات المشتركة لردع الهجوم الأحمر عن التقدم (كرات الصفتي مع فلافيو أو عبد الرؤوف مع حسن، وإنذارهما). تحرك بركات بشكل عرضي أفقد الأهلي حماسه الهجومي بالذات مع عدم استغلاله وقوف ثلاثي ارتكاز الزمالك أحيانا على خط واحد، وهو ما كان يمكن أن يتيح له مساحة مهمة في التحرك فيما بين الارتكاز والدفاع أو حتى فيما بين ظهيري الزمالك (بالذات ريكاردو) وقلب دفاعه العابدي. كان لعب الزمالك بأسلوب رجل لرجل بمنتهى الصرامة أثر في تقليص أنياب الأهلي الهجومية بشدة، ولم يستغل معوض قدراته الجيدة في الزيادة الهجومية إلا متأخرا جدا في الشوط مع تأكده من حداثة عهد محمد ابراهيم، بالذات مع مساندة مكثفة من بركات أو حسن. أعجبني تعليق أيمن يونس بتشبيه الفريقين بملاكمين كتف كل منهما الآخر تحاشيا للضربة المميتة القاضية. أخرها الزمالك إلى الثاني وأعطاها له الأهلي بلوك أوت

فرصة أحمد السيد ومراوغة صديق في الشوط الأول دليل على قلة حيلة الأهلي الهجومية، بزيادة من المدافع لقلة عدد المهاجمين .. ومراوغة من طرف نتيجة لغياب المساندة معه. في المقابل فرصة أجوجو في نفس الشوط تبين عدة أشياء في الفريق الأبيض. بمعنى إن المساندة جاءت من عبد الرؤوف .. والتمريرة طويلة نسبيا في غياب ارتكاز الأهلي في المنطقة ما بين الوسط والدفاع وهو الخطأ الأول (وتم تداركه في الشوط الثاني بنزول حسن أو رجوع بوجا إلى الخلف) أو وقوف خط الظهر على خط واحد، واستمر في الشوط الثاني، ومع ذلك استمر الغريم في الخروج صفر التسجيل تاركا هدف المبادرة للخصم. لاحظ إنه التمريرة طويلة نسبيا ولم نلحظ وجود مؤثر لعلاء كمال في اللعبة ولا حتى بالتحرك العرضي.

لا أدري السر المفاجيء في انتفاضة الأهلي الهجومية في الوقت الضائع. كما لو كان عَوّض عَتَه الوقت الأصلي والتمرير العرضي الممل طوال 45 دقيقة .. ليعوض كل ما فاته قبل أن يضيع الشوط. إما أن اللاعبين افتكروا الدش اللي على وشك النزول فيما يسمى بالاستراحة، أو تذكروا تعليمات قبل بداية المباراة من مانويل، أو لاحظوا كما لاحظنا انهيار جزئي للياقة الزمالك الذهنية قبل البدنية مع اقترابهم من انتصار الخروج بالتعادل السلبي في الشوط الأول. معوض زاد مرتين خلف ابراهيم .. وبركات بدأ في التحرك الأكثر تأثيرا، تَوّجَه بوجود مؤثر وخطير عند منطقة الست ياردات، ولكن التحرك من معوض أو بركات كما لم يسفر عن هدف طوال الوقت الأصلي، استمر على نفس التأثير في الوقت الضائع.

بصفة عامة كان ضغط الزمالك أقوى في الشوط الأول من الأهلي، والفريق أكثر التصاقا والتحاما، سيان مع بعضهم أو بلاعبي الاهلي. لكن الفرق الكبرى لا تلعب على شوط وتسيب شوط، ومع الأهلي وإذا كنت تبحث عن بطولة، تركيزك ولياقتك يجب ان تسعفك طوال التسعين، لأن السرحان في دقيقتين ينتج عنه هدفين، خصوصا إن مانويل لا يعرف جوزيه أثناء الاستراحة لو أحس بتراخي في الأداء أو تأخر هدف السبق. الجدير بالملاحظة هنا هو إن الزمالك كان في المباريات السابقة يتخلى عن مراكزه وتركيزه بعد هدف من الاهلي .. فيحدث معها انفتاح الخطوط المعتاد، لكن الجديد اللي قدمه لنا الزمالك السنة دي هو تفتح الخطوط بعد فرصة بركات. كأن الخضة من خطورة تسجيل الأهلي في أي لحظة سربت للاعبي الزمالك بعض التفلت في الملعب أو امكانية هروب المباراة من أيديهم نظريا، فهربت منهم بالفعل عمليا. لاحظ في الشوط الثاني عند الضربة الموضوعية عدم التركيز في الاستلام وخروج الكرة رمية تماس، ومن أول هجمة أحرز أول هدف.

بعد أن أخرج جوزيه تريكة من المباراة لعدم الجاهزية، لم يكن يستطيع أن يغامر مرة أخرى ويخرج ثاني أفضل لاعبيه. رغم إن الهدف الأول من كرة ثابتة، لكن تحرك بركات نفسه فيه شيء من التفرد، ويبين سبب عدم تخلي جوزيه عنه حتى في واحدة من أسوأ مبارياته. كنت على وشك الحديث عن بركات – تريكة كتبديل قديم في فرنسا ما بين زيدان ويوري ديوركاييف، لم يستطع معه الثاني ملء فراغ الأول (كأس العالم 98)، تماما كما أحسست بنفس الفراغ حتى مع وجود هنري أو ريبيري. لو تركنا مشاكل فرنسا، وذهبنا للأهلي نجد أن بركات تحرك بنفس أسلوب تحركه في مباراة الجزائر (5-1) من كرة ثابتة، وربما طلب منه جوزيه زيادة التركيز والتأثير والتحرك أكثر باتجاه مرمى الزمالك طوليا، وليس بالعرض (وهو تحرك بركات فعلا لحظة التسجيل). الجانب الثاني هنا هو مشاركة ثلاثي الهجوم حسن وبركات وفلافيو في الهدف بدرجات متفاوتة .. ومن الواضح إن الفريق يجيد تشكيل حالات انسجام ممتازة في الهجوم ما بين رأس المثلث وقاعدته حتى في غياب الساحر .. والمتعب، وهي ميزة فقدها الزمالك بوجود الجديد أجوجو، وغير المجهز شريف أو جعفر (فاكر آخر ماتش لعبه الاتنين مع بعض كان امتى؟)! احترافية أحمد تعطيه ليونة في التعامل مع أي لاعب بل وأي مدرب وأي خطة على قدر الحاجة وقدر المطلوب لتحقيق المرغوب.. والتكامل الممتاز مع من يلعب بجواره، وهو فارق نفسي ذكي يعوض بعض النواقص (إن وجدت) في العائد من اوروبا.

الزمالك تفككه بعد فرصة بركات كان شديد نسبيا.. وبعد هدف بركات كان أشد. هنا الزمالك اللي أعرفه يظهر على حقيقته، كفريق على كيف كيفك .. وكيف كيفه، حتى إن كان ضد كيف المدرب. خط الوسط لم يعد يضغط كما كان .. مع تحرك أطول وأشد من عبد الرؤوف إلى الامام .. وزيادة من مجدي جهة اليسار للمساندة مع ريكاردو أو في العمق مع نزول شريف أشرف أو في التمرير مع أيمن. يستمر الزمالك في معاملة ذاته كفريق مستوى ثاني أو حتى ثالث بالتقدم للهجوم أكثر مع استقبال مرماه لهدف، كعادة فرق الشركات أو الفرق المصارعة ضد موجة الهبوط في الدوري. التفكير نفسه انتقل للمدرب بالتبعية بنزول شريف أشرف .. وكرر نفس خطيئة كرول باخراج ارتكاز وضحى بلاعب وسط في مقابل الهجوم. غريب من هولمان انتظاره لهدف في مرماه ليفكر في المهاجم الثاني، ثم الثالث، تماما كما انتظر فريقه نفس الهدف .. فدخل فيه الدوبل. يفرق كتير تغيير جوزيه الثاني بنزول حسني وهو فائز عن نزول شريف ثم جعفر والزمالك خاسر، لأن المساحات أمام مهاجم الفريق الفائز كانت أكبر وأوسع وأطول وأفضل من مهاجميْن فريقهم مهزوم.

خطورة أجوجو ظهرت أقوى وأفضل بعد نزول شريف وانضمام محمد ابراهيم النسبي للوسط، ولكنها استمرت خطورة من النوع الأليف. الحُكم يزداد وضوحا على اللاعب في ثاني مباراة وإن ظهر تعاون إيجابي جدا مع شريف كاد يثمر عن هدف .. لكن أجوجو يظل مفتقدا أحد أهم مكامن خطورته وهو اللمسة الأخيرة. تعامله في فرصتي الشوط الثاني كان يدل على مهاجم بدائي لا يجيد استقبال الكرة داخل منطقة الجزاء او توقع منطقة هبوطها أو اتخاذ الوضعية السليمة للارتقاء والتهديد بالتسجيل. دفاع بقوة الأهلي محتاج مهاجم بقوة عالية لتهديده، حتى في فترات سرحان لاعبي الأهلي ووقوفهم على خط واحد، لم يهدد أجوجو الكبيرأو شريف الصغير الحارس الأمير إلا بكرات قليلة ليست كافية لإحساسك بقرب الهدف. التهديد الأقوى أتى عن طريق اختراق رائع لعبد الرؤوف، فغيره هولمان، أو بالأحرى قل دمره هووول مان


انفعالية الزمالك في الهجوم تلحظها في انفعالات معتمد جمال، واعتراضات هولمان، وقبله العابدي، بالتالي انطرد اثنين وبقي هولمان. نفس الشيء انعكس على الفريق باحساسه بالظلم نتيجة لعدم احتساب ركلة جزاء مشكوك جدا فيها أو هدف التسلل (لا أدري ِلم يستمر الزمالك في المطالبة بركلة جزاء حتى في غياب خبيرها، وحتى الخبير لم يستطع الحصول عليها، بل لم يطالب بها عبد الرؤوف نفسه). خدها قاعدة في أي مباراة تراها: الفريق المطالب بركلة جزاء وهو أحوج إلى الفوز (سيان فريق كبير متعادل، أو متأخر بهدف)، لا يفوز. ذاك منطق العَجَزة (اللي فاكره من ماتشات الأهلي ماتش إنبي الشهير 2001 تقريبا، وماتش النجم 2007، وكانت المطالبات في المباراة مؤشر قوي على هزيمة حتمية). أداء الزمالك الهجومي تنوع ما بين ارتداد جعفر للخلف للاستلام والتسلم والتمرير إلى أجوجو أو شريف، أو انضمام أيمن ومجدي إلى الطرفين لمعاونة أيهما على اختراق بركات أو معوض.

في المقابل، لم يستفد الأهلي من المساحات خلف ارتكاز الزمالك أو قلة عددهم إلى الرقم اثنين بعد سحب عبد الرؤوف. مجهود بركات وحسن قل كثيرا كلما تقدم عمر الشوط الثاني، فيما كانت المساحات خلف أيمن تطلب فارس رامح. تأخر تغيير أسامة حسني بعض الشيء وكان ممكن يتقدم أكثر بالذات مع كثرة الضغط على فلافيو وقلة امدادات الطرفين (سيان معوض أو صديق)، إلى جانب كثرة الميس باص من الخطوط الخلفية للأهلي، ونافسهم فيها بركات بكثرة التمرير الخاطيء إلى سعيد أو الصفتي، وهو يظهر قلة لياقة بركات بالتسرع في التخلص من الكرة.


الغريب هو إن تغييرات هولمان بالزيادة العددية في الهجوم قابلها جوزيه بزيادة أكبر في الوسط. حاول جوزيه منع تقدم أيمن (حتى هاني) من ناحية، ومساعدة معوض وبركات على تقدم عبد الله المتحفز أو الرجوع لمواجهة الساقط من ثلاثي هجوم الزمالك (في أحيان كثيرة كان جعفر). لكن الشق الهجومي من لاعب الارتكاز في الأهلي يتضمن نقل الهجمة والتمرير السليم إلى الأمام بالذات مع اندفاع ارتكاز الخصم إلى الأمام (وأحيانا اندفاع دفاعه) والاحتفاظ بالكرة أطول فترة، مع تقدم لاعب ارتكاز (واحد) لمعاونة ثنائي الهجوم أو مثلثه. ده الكلام النظري والمعنى إن نزول حسن كان لتخفيف الواجبات الدفاعية على عاشور وبوجا ومن وراءه دفاع الأهلي، إلى جانب التأثير على ارتكاز الزمالك المتقدم بالرجوع إلى الخلف. لاحظ انتظار جوزيه إلى حركة هولمان للقيام بتغييراته، وهي من المرات النادرة التي أرى فيها جوزيه في نطاق رد الفعل. وهو ما يفسر تأخر تغيير بوجا، واستمرار جوزيه على تدعيم الوسط بلاعب وسط (كان ممكن وجود إينو وحسن فقط في الوسط، ونزول المحمدي مثلا كمهاجم للتخفيف)، لكن جوزيه يعرف تماما ما كان يريد.


مع نزول إينو، لاحظت إنه يحوم حول منطقة الجزاء. قبل الهدف كاد إينو أن يسدد كرة وبدا عليه فيها التسرع الشديد. لا أدري إن كانت تعليمات من جوزيه بالدوران حول منطقة الجزاء واستغلال مهارة التسديد من اللاعب، أم هي رغبة وذكاء من اللاعب. لكن الهدف ينم عن ذكاء من إينو .. وتوزيع ذكي من لاعبي الأهلي حول منطقة الجزاء بوجود ثنائي هجومي (أسامة وحسن) وحول المنطقة لاعب ارتكاز .. والمرة دي كان إينو.

الزمالك كفريق تحركه بعد دخول هدف في مرماه يتسم بالعشوائية. هاني استمر وربما سيمضي في متابعة تقدمه إلى الأمام ومساندة الهجوم حتى وفريقه (ودفاعه!) ينقصه لاعب. الزمالك تخلى في الشوط الثاني عن أسلوب لعب ... وطريقة ضغط بلاستر، وربما نضيف إليها التخلي عن خطة. هولمان وقع في نفس خطيئة كرول بفتح وسطه أمام خصم يجيد استغلال الأخطاء، ولم يتقيد لاعبوه بالمراكز حتى مع تأخرهم بهدف وتأزم موقفهم بطرد لاعب. لا تكاد تلحظ شخصية هولمان طوال المباراة إلا بالأداء الجيد لعبد الرؤوف هجوميا في المساندة، ولا أدري سر تغييره، أما فيما عدا ذلك يستمر الزمالك كفريق في فرض شخصيته على المدرب، وحالة هاني شديدة الوضوح، وأقل وضوحا تخلي أيمن عن الواجب الدفاعي، ثم مجدي، وطبعا استمرار الخروج عن النص من قبل العابدي (شخصية المدرب الأوروبي لم تردعه عن تكرار خطأ الأسمنت). لعب هولمان بطرفين في الجانب الأيسر طوال المباراة، والاثنين يجمعهما عنصر واحد: مهارة المراوغة، مع انعدام الجدوى الدفاعية (لاحظ فرصة الأهلي الثلاثية في الفوز بثلاثية، وبداية الهجمة من الطرف الأيسر لمرمى الزمالك).

في المباراة الاولى أخطأ عبد الله ومن بعده الحائط البشري نتيجة لقوة فريق جوزيه والمهارات الجماعية لديه. لكن نجاح هولمان في المداراة على أخطاء فريقه وقتها كانت أقوى منها بعد أسبوع. عشمك طارق يحيى بصفقات الزمالك وقدرتها على التعويض والردع، ليتضح أن مشكلة الزمالك في فريق، وإدارة فنية، غير المشكلة الأعمق في الإدارة العليا. لا تكاد تلحظ دورا لأيمن في قيادة الزملاء أو القدرة على شغر مكان العابدي (ليس بالرجوع للخلف، ولكن بمحاولة تقليل الهجمات عن طريق الضغط الأقوى على الخصم، ولاحظ إن ده دور حسن وعاشور وبوجا زي ما قلت في البداية). عوامل غريبة تظهر في الزمالك ويستغلها الأهلي أفضل ما يكون، لأنه الاهلي. لم ينكمش الزمالك دفاعيا بعد الطرد، ولم يتابع ضغطه طوال الوقت الأصلي من الشوط الأول، وترك حرية ومساحات أمام فريق يجيد الضرب بقسوة من أي ثقب في الملعب. تعددت ثقوب الزمالك، ولم يرحمه القدر إلا باثنين. ينتظر الجمهور والفريق معجزات جمة حتى مع قصور فكر وقصور أداء، وقصور تكتيك. سمعنا جعجعة كثيرة على ريكاردو، ولم نرى طحنا، وكان الحديث أكثر على اجوجو، وإن زادت غلته. لكن طحن أجوجو كان فاشل طحن، بانعدام تأثيره الايجابي على مرمى أمير. غريب إن مدرب أعرفه جيدا يوافق على شراء ريكاردو ويعهد إليه بمسؤولية طرف. غاب عن الزمالك شيكابالا وغيره، بمهارته الفردية غير المجدية أحيانا، ولكن ريكاردو عوض الغياب بكعوب ومناظر تكسب آهات الجماهير. لكن آهات أول المباراة غير سماع الآهات آخرها. أعدم هولمان أحد أهم أسباب تعادله وانعدام تسجيل خصمه في شباكه بعد سحبه لعبد الرؤوف. كرول وياللغرابة والعجب سحب لاعب ارتكاز في مباراة الدور الثاني فاستقبل اثنين، وكانت هي نفس حصيلة خطيئة خصمه. كلمة أبو العلا معجزة فعلا.. وتكاد تنسحب من فريق مقهور إلى مدرب مستجد. تشعر إن الزمالك بالفعل أقصى أمانيه في التعادل وإن بقاء الندية معناه تقليل المساحات في الخصم. يبدأ الفريق المباراة جيدة لأنه يلعب من أجل عدم استقبال هدف، وبعد أول تغيير (أو أول خطأ أيهما يسبق الآخر)، يبدأ الانفراط في العقد والتفريط في الواجبات والمراكز. مقارنة في السريع، في أول المباراة تمركز معوض بشكل خاطيء وكاد يتسبب في انفراد لمحمد ابراهيم من اليمين. الانفراد لم يتكرر إلى نهاية الشوط. حول بصرك على الطرف الآخر، تلاحظ اختفاء ريكاردو بعد الكام منظر في الشوط الأول.


على الجانب الآخر والجانب الأهم، وهو الجانب الفائز، ساعد أسلوب أداء وأسلوب تغطية فريق الأهلي على تنفيذ فكر المدرب. لم يغير جوزيه بركات حتى في أدنى مبارياته مع الأهلي، لأنه لاعب قادر على اللعب في أكثر من مركز بأكثر من أداء والإضافة على تعليمات جوزيه بتهديدات في الخصم. دش واحد من جوزيه في الاستراحة كفيل بتذكر بركات للأهداف. يجيد جوزيه تنفيذ تكتيك بوجود واحد أو اثنين من لاعبين حتى لو اشتاق إلى خمسة من الكومبو لاعبين. صدر لك جوزيه سهولة غير طبيعية في الفوز في بداية الموسم بمباراتين متتاليتين من نوع الديربي، وهو أمر لا يدركه إلا انتر مع الميلان أو مانشستر مع تشيلسي. حتى غير المتأقلم نسبيا معوض، أجاد جوزيه في التغطية عليه ومد له المساعدة من خلال تغطية قلب الدفاع (السيد) .. أو وجود عاشور أو حسن كمحطة مساندة. ولو ما عجبوش أحمد حسن، حرك له بركات ناحية اليسار من أجل المعاونة الهجومية. مش هأتكلم على سلامات لاعبي الأهلي على رمزي صالح كونه على الدكة ومساندة الفريق لمعوض (تابع مثلا مساندة فريق الزمالك المتأخرة لأجوجو ... أو غياب التغطية على ريكاردو ثم استبداله، مما قد يحطمه نفسيا) ولكن عاوز ألف الانتباه إلى أسلوب الانسجام الذي يمنحه الفريق للجديد. أحسست ببعض الرهبة على معوض كون أول اختبار حقيقي في مباراة ديربي، ولكن جوزيه لا يترك اللاعب المهزوز دون من يثبت قدمه. لو سرح معوض إلى الأمام يطمئن لوجود عاشور كمحطة استقبال في المنطقة خلفه، أما لو كانت الكرة طولية في الثلث الأيسر الأخير، فهو مطمئن لوجود السيد مكانه، مع تعطيل اللعب لحين عودة لا تستغرق ثلاث ثواني على الأكثر. ومش هأتكلم على التغطية الثنائية خلف حسن وأحيانا ما تكون ثلاثية أو رقابة جمعة لأجوجو أو حتى تغطية أمير على أخطاء دفاع الاهلي. ده فريق عارف بيعمل إيه.

مرة بعد أخرى يزيد جوزيه من تركيزه على الوسط. هولمان زاد من هجومه على أمل تعديل النتيجة، فلم يسجل، فيما زاد جوزيه من تركيزه على الوسط، فسجل هدف التعزيز. (سيبك من الماتش ثانية واحدة، واسرح في سبب آخر للقتال على حسين علي لاعب البترو). في غياب الساحر الاهم، يحاول جوزيه إيجاد سحرة، حتى لو كانوا مبتدئين ولسة خام في الشغلانة. روح الفريق الأهلاوي تثبت قوتها، أمام فريق غابت عنه روحه. ربما يستمر الزمالك في أداء أفضل، ومباراة ديناموز القادمة محك مهم، تماما كما أن أسيك مباراة أهم بالنسبة للأهلي لمعرفة إن كان الإثنين أسد على بعضهما وفي أفريقيا نعامة. ربما يكتسب الزمالك الثقة بعيدا عن الأهلي انتظارا لموقعة ثالثة بعد شهر، فيما سيتابع الأهلي طريقه بعد بداية مشجعة، لكنها ليست أبدا النهاية. جوزيه مبهر حتى مع استمرار غياب وزيري الدفاع والهجوم، وغابت معهما الطابية اليسرى والسترايكر. الفريق الأحمر يجيد حتى لو غاب عنه التأييد، ويلدغ حتى لو غابت عنه ملكات النحل. النحل معروف عنه الابتكار ويخرج عسلا فيه شفاء للناس، فيما يتبعثر النمل لو حادت إحداها عن الخط المرسوم.


Category: |
You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0 feed. You can leave a response, or trackback from your own site.

0 اضغط هنا .. واترك تعليقا على المقال: